للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(د) , وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا كَتَبْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا الْقُرْآنَ , وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى ثَوْرٍ (١) فَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا , أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ , يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ , فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ، وَمَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ , فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ , لَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ " (٢)


(١) (عَائِر): جَبَل بِالْمَدِينَةِ.
و (ثَوْر) قَالَ أَبُو عُبَيْد: أَهْل الْمَدِينَة لَا يَعْرِفُونَ جَبَلًا عِنْدهمْ يُقَال لَهُ ثَوْر، وَإِنَّمَا ثَوْرٌ بِمَكَّة.
لَكِنْ قَالَ صَاحِب الْقَامُوس: ثَوْرٌ جَبَل بِمَكَّة , وَجَبَلٌ بِالْمَدِينَةِ , وَمِنْهُ الْحَدِيث الصَّحِيح: " الْمَدِينَة حَرَم مَا بَيْن عَيْر إِلَى ثَوْر "
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي عُبَيْد بْن سَلَّامٍ وَغَيْرِه مِنْ أَكَابِرِ الْأَعْلَامِ إِنَّ هَذَا تَصْحِيفٌ , وَالصَّوَابُ إِلَى أُحُدٍ , لِأَنَّ ثَوْرًا إِنَّمَا هُوَ بِمَكَّةَ , فَغَيْرُ جَيِّدٍ , لِمَا أَخْبَرَنِي الشُّجَاع الْبَعْلِيُّ الشَّيْخُ الزَّاهِدُ عَنْ الْحَافِظِ أَبِي مُحَمَّد عَبْد السَّلَام الْبَصْرِيّ أَنَّ حِذَاءَ أُحُدٍ جَانِحًا إِلَى وَرَائِهِ جَبَلًا صَغِيرًا يُقَال لَهُ: ثَوْر، وَتَكَرَّرَ سُؤَالِي عَنْهُ طَوَائِفَ مِنْ الْعَرَبِ الْعَارِفِينَ بِتِلْكَ الْأَرْض , فَكُلٌّ أَخْبَرَ أَنَّ اِسْمَهَ ثَوْرٌ، وَلِمَا كَتَبَ إِلَيَّ الشَّيْخ عَفِيف الدِّين الْمَطَرِيّ عَنْ وَالِده الْحَافِظ الثِّقَة قَالَ: إِنَّ خَلْف أُحُد عَنْ شِمَالِهِ جَبَلًا صَغِيرًا مُدَوَّرًا يُسَمَّى ثَوْرًا , يَعْرِفهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ وَنَحْو ذَلِكَ. قَالَهُ صَاحِب تَحْقِيق النُّصْرَة.
وَقَالَ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ فِي الْأَحْكَام: قَدْ أَخْبَرَنِي الثِّقَة الْعَالِم أَبُو مُحَمَّد عَبْد السَّلَام الْبَصْرِيّ أَنَّ حِذَاء أُحُد عَنْ يَسَاره جَانِحًا إِلَى وَرَائِهِ جَبَلًا صَغِيرًا يُقَال لَهُ: ثَوْر , وَأَخْبَرَ أَنَّهُ تَكَرَّرَ سُؤَالُه عَنْهُ لِطَوَائِف مِنْ الْعَرَب الْعَارِفِينَ بِتِلْكَ الْأَرْض وَمَا فِيهَا مِنْ الْجِبَال فَكُلٌّ أَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ الْجَبَل اِسْمه ثَوْر , وَتَوَارَدُوا عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ: فَعَلِمْنَا أَنَّ ذِكْر ثَوْرٍ الْمَذْكُور فِي الْحَدِيث الصَّحِيح صَحِيحٌ، وَأَنَّ عَدَمَ عِلْمِ أَكَابِر الْعُلَمَاءِ بِهِ لِعَدَمِ شُهْرَتِهِ , وَعَدَمِ بَحْثِهِمْ عَنْهُ , وَهَذِهِ فَائِدَةٌ جَلِيلَة.
وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن حُسَيْن الْمَرَاغِيّ نَزِيلُ الْمَدِينَةِ فِي مُخْتَصَره لِأَخْبَارِ الْمَدِينَة: إِنَّ خَلَفَ أَهْل الْمَدِينَةِ يَنْقُلُونَ عَنْ سَلَفِهِمْ أَنَّ خَلْفَ أُحُدٍ مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ جَبَلًا صَغِيرًا , إِلَى الْحُمْرَة بِتَدْوِيرٍ , يُسَمَّى ثَوْرًا , قَالَ: وَقَدْ تَحَقَّقْته بِالْمُشَاهَدَةِ. عون المعبود - (ج ٤ / ص ٤١٨)
(٢) (د) ٢٠٣٤ , (خ) ٣٠٠٨ , (م) ٢٠ - (١٣٧٠) , (ت) ٢١٢٧