للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ) , وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ لِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: حَدِّثْ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً , فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ , فَإِنْ أَكْثَرْتَ فَثَلَاثَ مِرَارٍ , وَلَا تُمِلَّ النَّاسَ هَذَا الْقُرْآنَ , وَلَا أُلْفِيَنَّكَ تَأتِي الْقَوْمَ وَهُمْ فِي حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِهِمْ , فَتَقُصُّ عَلَيْهِمْ , فَتَقْطَعُ عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُمْ , فَتُمِلُّهُمْ , وَلَكِنْ أَنْصِتْ , فَإِذَا أَمَرُوكَ , فَحَدِّثْهُمْ وَهُمْ يَشْتَهُونَهُ , وَانْظُرْ السَّجْعَ (١) مِنْ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ (٢) " فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ" (٣)

الشرح (٤)


(١) السَّجْع: مُوَالَاةُ الْكَلَام عَلَى رَوِيٍّ وَاحِدِ، وَمِنْهُ سَجَعَتْ الْحَمَامَةُ: إِذَا رَدَّدَتْ صَوْتهَا، قَالَهُ اِبْن دُرَيْدٍ.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيّ: هُوَ الْكَلَامُ الْمُقَفَّى مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ وَزْنٍ. فتح (ج ١٨ / ص ١٠٦)
(٢) أَيْ: لَا تَقْصِدْ إِلَيْهِ , وَلَا تَشْغَلْ فِكْركَ بِهِ , لِمَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ الْمَانِعِ لِلْخُشُوعِ الْمَطْلُوب فِي الدُّعَاء. فتح الباري (ج ١٨ / ص ١٠٧)
(٣) (خ) ٥٩٧٨
(٤) لَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة , لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَصْدُرُ مِنْ غَيْر قَصْدٍ إِلَيْهِ , وَلِأَجْلِ هَذَا يَجِيءُ فِي غَايَةٍ الِانْسِجَامِ , كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجِهَاد: " اللهمَّ مُنْزِل الْكِتَاب، سَرِيع الْحِسَاب، هَازِم الْأَحْزَاب ".
وَكَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " صَدَقَ وَعْده، وَأَعَزّ جُنْده " .. الْحَدِيث.
وَكَقَوْلِهِ: " أَعُوذ بِك مِنْ عَيْن لَا تَدْمَع، وَنَفْس لَا تَشْبَع، وَقَلْب لَا يَخْشَع " , وَكُلّهَا صَحِيحَة.
قَالَ الْغَزَالِيّ: الْمَكْرُوه مِنْ السَّجْعِ هُوَ الْمُتَكَلَّفُ , لِأَنَّهُ لَا يُلَائِمُ الضَّرَاعَةَ وَالذِّلَّةَ، وَإِلَّا فَفِي الْأَدْعِيَة الْمَأثُورَةِ كَلِمَاتٌ مُتَوَازِيَةٌ , لَكِنَّهَا غَيْر مُتَكَلَّفَة.
قَالَ الْأَزْهَرِيّ: وَإِنَّمَا كَرِهَهُ صلى الله عليه وسلم لِمُشَاكَلَتِهِ كَلَامَ الْكَهَنَةِ , كَمَا فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ مِنْ هُذَيْلٍ. فتح الباري (ج ١٨ / ص ١٠٧)