للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م) , وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: (" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفًا) (١) (فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ") (٢) (فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا) (٣) (وَعِنْدَهُ أَزْوَاجُهُ) (٤) (فَتَحَدَّثْتُ عِنْدَهُ سَاعَةً) (٥) (ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ , " فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعِي لِيَقْلِبَنِي (٦) " - وَكَانَ مَسْكَنِي فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ (٧) - فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ , فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَا , فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " عَلَى رِسْلِكُمَا (٨)) (٩) (هَذِهِ زَوْجَتِي) (١٠) (صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ " , فَقَالَا: سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ (١١) - وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ -) (١٢) وفي رواية (١٣): (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ , مَنْ كُنْتُ أَظُنُّ بِهِ فَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّ بِكَ) (فَقَالَ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ (١٤)) (١٥) (وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا (١٦) ") (١٧)


(١) (خ) ٣٢٨١
(٢) (خ) ٢٠٣٥
(٣) (خ) ٣٢٨١
(٤) (خ) ٢٠٣٨
(٥) (خ) ٢٠٣٥
(٦) أَيْ: يَرُدَّنِي إِلَى بَيْتِي , وَفِيهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِد مَعَهَا لِتَبْلُغ مَنْزِلهَا، وَفِي هَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ رَأَى أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَفْسُدُ إِذَا خَرَجَ فِي وَاجِبٍ , وَأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْمُعْتَكِفَ مِنْ إِتْيَانِ الْمَعْرُوف. عون المعبود - (ج ٥ / ص ٣٥٧)
(٧) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ اِخْتِصَاصَ صَفِيَّةَ بِذَلِكَ , لِكَوْنِ بُيُوتِ رُفْقَتِهَا أَقْرَبَ مِنْ مَنْزِلِهَا , فَخَشِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا. فتح الباري (ج ٦ / ص ٣٢٦)
(٨) أَيْ: عَلَى هِينَتِكُمَا فِي الْمَشْي , فَلَيْسَ هُنَا شَيْءٌ تَكْرَهَانِهِ. فتح (٦/ ٣٢٦)
(٩) (خ) ٣٢٨١
(١٠) (م) ٢١٧٤
(١١) (سُبْحَان الله) حَقِيقَةً تُنَزِّه اللهَ تَعَالَى عَنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ مُتَّهَمًا بِمَا لَا يَنْبَغِي , أَوْ كِنَايَةٌ عَنْ التَّعَجُّب مِنْ هَذَا الْقَوْل. عون المعبود - (ج ٥ / ص ٣٥٧)
(١٢) (خ) ٢٠٣٥
(١٣) (م) ٢٣ - (٢١٧٤) , عن أنس " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ مَعَ إِحْدَى نِسَائِهِ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ، فَدَعَاهُ ...
(١٤) قِيلَ: هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ , وَأَنَّ الله تَعَالَى أَقَدَرَهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَقِيلَ: هُوَ عَلَى سَبِيل الِاسْتِعَارَة مِنْ كَثْرَةِ إِغْوَائِهِ، وَكَأَنَّهُ لَا يُفَارِقُ كَالدَّمِ , فَاشْتَرَكَا فِي شِدَّة الِاتِّصَال وَعَدَمِ الْمُفَارَقَةِ. فتح الباري (ج ٦ / ص ٣٢٦)
(١٥) (خ) ٢٠٣٩ , (م) ٢١٧٥
(١٦) لَمْ يَنْسُبْهُمَا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَنَّهُمَا يَظُنَّانِ بِهِ سُوءًا , لِمَا تَقَرَّرَ عِنْده مِنْ صِدْقِ إِيمَانِهِمَا , وَلَكِنْ خَشِيَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُوَسْوِسَ لَهُمَا الشَّيْطَان ذَلِكَ , لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَعْصُومَيْنِ , فَقَدْ يُفْضِي بِهِمَا ذَلِكَ إِلَى الْهَلَاكِ , فَبَادَرَ إِلَى إِعْلَامهمَا حَسْمًا لِلْمَادَّةِ وَتَعْلِيمًا لِمَنْ بَعْدَهُمَا إِذَا وَقَعَ لَهُ مِثْل ذَلِكَ , كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ الله، فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ كَانَ فِي مَجْلِس اِبْن عُيَيْنَةَ , فَسَأَلَهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّمَا قَالَ لَهُمَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِمَا الْكُفْرَ إِنْ ظَنَّا بِهِ التُّهْمَةَ , فَبَادَرَ إِلَى إِعْلَامِهِمَا نَصِيحَةً لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَقْذِفَ الشَّيْطَانُ فِي نُفُوسهمَا شَيْئًا يَهْلِكَانِ بِهِ.
وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد: جَوَازُ اِشْتِغَالِ الْمُعْتَكِفِ بِالْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ مِنْ تَشْيِيعِ زَائِرِهِ , وَالْقِيَام مَعَهُ , وَالْحَدِيث مَعَ غَيْرِه، وَإِبَاحَةِ خَلْوَةِ الْمُعْتَكِفِ بِالزَّوْجَةِ، وَزِيَارَةِ الْمَرْأَةِ لِلْمُعْتَكِفِ.
وَبَيَانِ شَفَقَتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمَّتِهِ وَإِرْشَادِهِمْ إِلَى مَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ الْإِثْمَ.
وَفِيهِ التَّحَرُّزُ مِنْ التَّعَرُّضِ لِسُوءِ الظَّنِّ , وَالِاحْتِفَاظِ مِنْ كَيَدِ الشَّيْطَانِ , وَالِاعْتِذَار، قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد: وَهَذَا مُتَأَكِّدٌ فِي حَقِّ الْعُلَمَاء وَمَنْ يُقْتَدَى بِهِ , فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا فِعْلًا يُوجِبُ سُوءَ الظَّنِّ بِهِمْ , وَإِنْ كَانَ لَهُمْ فِيهِ مَخْلَصٌ , لِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ إِلَى إِبْطَال الِانْتِفَاعِ بِعِلْمِهِمْ.
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاء: يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يُبَيِّن لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَجْهَ الْحُكْم إِذَا كَانَ خَافِيًا , نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ.
وَفِيهِ جَوَازُ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ لَيْلًا. فتح الباري (٦/ ٣٢٦)
(١٧) (خ) ٣١٠١ , (م) ٢١٧٥