للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (" ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَمَضَانَ فَقَالَ:) (١) (إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ , لَا نَكْتُبُ , وَلَا نَحْسُبُ (٢)) (٣) (الشَّهْرُ هَكَذَا , وَهَكَذَا , وَهَكَذَا - يَعْنِي: ثَلَاثِينَ - ثُمَّ قَالَ: وَهَكَذَا وَهَكَذَا , وَهَكَذَا , وَقَبَضَ إِبْهَامَهُ فِي الثَّالِثَةِ - يَعْنِي: تِسْعًا وَعِشْرِينَ - يَقُولُ: مَرَّةً يَكُونُ ثَلَاثِينَ , وَمَرَّةً تِسْعًا وَعِشْرِينَ (٤) ") (٥).

وَقَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} (٦)


(١) (م) ١٠٨٠
(٢) قِيلَ لِلْعَرَبِ أُمِّيُّونَ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ كَانَتْ فِيهِمْ عَزِيزَة , قَالَ اللهُ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} , وَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَكْتُبُ وَيَحْسِبُ , لِأَنَّ الْكِتَابَةَ كَانَتْ فِيهِمْ قَلِيلَةً نَادِرَة، وَالْمُرَادُ بِالْحِسَابِ هُنَا حِسَابُ النُّجُومِ وَتَسْيِيرهَا، وَلَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا إِلَّا النَّزْرَ الْيَسِير، فَعَلَّقَ الْحُكْمَ بِالصَّوْمِ وَغَيْرِهِ بِالرُّؤْيَةِ , لِرَفْعِ الْحَرَجِ عَنْهُمْ فِي مُعَانَاةِ حِسَابِ التَّسْيِير , وَاسْتَمَرَّ الْحُكْمُ فِي الصَّوْمِ وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَهُمْ مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ، بَلْ ظَاهِرُ السِّيَاقِ يُشْعِرُ بِنَفْيِ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالْحِسَابِ أَصْلًا , وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: " فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ " وَلَمْ يَقُلْ: فَسَلُوا أَهْلَ الْحِسَاب، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ كَوْنُ الْعَدَدَ عِنْدَ الْإِغْمَاءِ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُكَلَّفُونَ , فَيَرْتَفِعُ الِاخْتِلَاف وَالنِّزَاعُ عَنْهُمْ.
وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى أَهْل التَّسْيِير فِي ذَلِكَ , وَهُمْ الرَّوَافِضُ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ مُوَافَقَتُهُمْ , قَالَ الْبَاجِي: وَإِجْمَاعُ السَّلَفِ الصَّالِحِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ ابْن بَزِيزَةَ: وَهُوَ مَذْهَبٌ بَاطِلٌ , فَقَدْ نَهَتْ الشَّرِيعَةُ عَنْ الْخَوْضِ فِي عِلْمِ النُّجُومِ , لِأَنَّهَا حَدْسٌ وَتَخْمِينٌ , لَيْسَ فِيهَا قَطْعَ وَلَا ظَنٌّ غَالِب، مَعَ أَنَّهُ لَوْ اِرْتَبَطَ الْأَمْرُ بِهَا لَضَاقَ , إِذْ لَا يَعْرِفُهَا إِلَّا الْقَلِيل. فتح الباري (ج ٦ / ص ١٥٦)
(٣) (خ) ١٨١٤ , (س) ٢١٤٠
(٤) أَيْ: أَشَارَ أَوَّلًا بِأَصَابِعِ يَدَيْهِ الْعَشْرِ جَمِيعًا مَرَّتَيْنِ , وَقَبَضَ الْإِبْهَامَ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ , وَهَذَا الْمَعْبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ " تِسْع وَعِشْرُونَ " , وَأَشَارَ مَرَّة أُخْرَى بِهِمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ , وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ " ثَلَاثُونَ ".
وَرَوَى أَحْمَد وَابْن أَبِي شَيْبَة عَنْ اِبْن عُمَر رَفَعَهُ " الشَّهْر تِسْع وَعِشْرُونَ , ثُمَّ طَبَّقَ بَيْنَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ , وَطَبَق الثَّالِثَة , فَقَبَضَ الْإِبْهَام " , فَقَالَتْ عَائِشَة: يَغْفِرُ اللهُ لِأَبِي عَبْد الرَّحْمَن، إِنَّمَا هَجَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ شَهْرًا , فَنَزَلَ لِتِسْع وَعِشْرِينَ، فَقِيلَ لَهُ , فَقَالَ: إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ , وَشَهْرٌ ثَلَاثُونَ. فتح الباري (٦/ ١٥٦)
(٥) (خ) ٤٩٩٦ , (م) ١٠٨٠
(٦) [الأعراف/ ١٥٧]