للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م س حم) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: (" نُهِينَا فِي الْقُرْآنِ أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ (١) " , فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجيءَ الرَّجُلُ الْعَاقِلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَيَسْأَلَهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ (٢)) (٣) (فَبَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ (٤) إذْ دَخَلَ رَجُلٌ) (٥) (مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ) (٦) (عَلَى جَمَلٍ فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ (٧) ثُمَّ عَقَلَهُ (٨) ثُمَّ قَالَ لَنَا: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟) (٩) (" - وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنا - فَقُلْنَا: هَذَا الرَّجُلُ الَأَبْيَضُ (١٠) الْمُتَّكِئُ (١١) ") (١٢)


(١) أَيْ: مِمَّا لَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ. شرح النووي على مسلم - (ج ١ / ص ٧٤)
كَأَنَّ أَنَسًا أَشَارَ إِلَى آيَة الْمَائِدَة، وَسَيَأتِي بَسْط الْقَوْل فِيهَا فِي التَّفْسِير إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى. (فتح - ح٦٣)
(٢) زَادَ أَبُو عَوَانَة فِي صَحِيحه: " وَكَانُوا أَجْرَأ عَلَى ذَلِكَ مِنَّا " يَعْنِي أَنَّ الصَّحَابَة وَاقِفُونَ عِنْد النَّهْي، وَأُولَئِكَ يُعْذَرُونَ بِالْجَهْلِ، لأنه لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُم النَّهْي عَنْ السُّؤَال , وَتَمَنَّوْهُ عَاقِلًا لِيَكُونَ عَارِفًا بِمَا يَسْأَل عَنْهُ. وَظَهَرَ عَقْل ضِمَام فِي تَقْدِيمه الِاعْتِذَار بَيْن يَدَيْ مَسْأَلَته لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَصِل إِلَى مَقْصُوده إِلَّا بِتِلْكَ الْمُخَاطَبَة. وَفِي رِوَايَة ثَابِت مِنْ الزِّيَادَة أَنَّهُ سَأَلَهُ: " مَنْ رَفَعَ السَّمَاء وَبَسَطَ الْأَرْض " وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْمَصْنُوعَات، ثُمَّ أَقْسَمَ عَلَيْهِ بِهِ أَنْ يَصْدُقهُ عَمَّا يَسْأَل عَنْهُ، وَكَرَّرَ الْقَسَم فِي كُلّ مَسْأَلَة تَأكِيدًا وَتَقْرِيرًا لِلْأَمْرِ، ثُمَّ صَرَّحَ بِالتَّصْدِيقِ، فَكُلّ ذَلِكَ دَلِيل عَلَى حُسْن تَصَرُّفه وَتَمَكُّن عَقْله، وَلِهَذَا قَالَ عُمَر فِي رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة: " مَا رَأَيْت أَحَدًا أَحْسَن مَسْأَلَة وَلَا أَوْجَزَ مِنْ ضِمَام ". (فتح - ح٦٣)
(٣) (م) ١٢ , (س) ٢٠٩١
(٤) أَيْ: مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. (فتح - ح٦٣)
(٥) (خ) ٦٣ , (م) ١٢
(٦) (م) ١٢ , (ت) ٦١٩
(٧) قَوْله: (فِي الْمَسْجِد) اِسْتَنْبَطَ مِنْهُ اِبْن بَطَّال وَغَيْره طَهَارَة أَبْوَال الْإِبِل وَأَرْوَاثهَا إِذْ لَا يُؤْمَنُ ذَلِكَ مِنْهُ مُدَّة كَوْنِهِ فِي الْمَسْجِد، وَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
وَدَلَالَتُهُ غَيْرُ وَاضِحَة، وَإِنَّمَا فِيهِ مُجَرَّدُ اِحْتِمَال، وَيَدْفَعُهُ رِوَايَة أَبِي نُعَيْمٍ: " أَقْبَلَ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ , فَأَنَاخَهُ , ثُمَّ عَقَلَهُ , فَدَخَلَ الْمَسْجِد " , فَهَذَا السِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَا دَخَلَ بِهِ الْمَسْجِدَ.
وَأَصْرَح مِنْهُ: رِوَايَة اِبْن عَبَّاس عِنْد أَحْمَد وَالْحَاكِم وَلَفْظهَا: " فَأَنَاخَ بَعِيرَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ , فَعَقَلَهُ ثُمَّ دَخَلَ "، فَعَلَى هَذَا فِي رِوَايَة أَنَسٍ مَجَازُ الْحَذْفِ، وَالتَّقْدِير: فَأَنَاخَهُ فِي سَاحَةِ الْمَسْجِدِ، أَوْ نَحْو ذَلِكَ. (فتح - ح٦٣)
(٨) أَيْ: شَدَّ عَلَى سَاق الْجَمَل - بَعْد أَنْ ثَنَى رُكْبَته - حَبْلًا. (فتح - ح٦٣)
(٩) (خ) ٦٣ , (د) ٤٨٦
(١٠) الْأَبْيَض: أَيْ الْمُشْرَب بِحُمْرَةٍ , كَمَا فِي رِوَايَة الْحَارِث بْن عُمَيْر " الْأَمْغَر " بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَة , قَالَ حَمْزَة بْن الْحَارِث: هُوَ الْأَبْيَض الْمُشْرَبُ بِحُمْرَةٍ , وَيُؤَيِّدهُ مَا يَأتِي فِي صِفَته صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَبْيَضَ , وَلَا آدَمَ، أَيْ: لَمْ يَكُنْ أَبْيَضَ صِرْفًا. (فتح - ح٦٣)
(١١) فِيهِ جَوَازُ اِتِّكَاءِ الْإِمَامِ بَيْن أَتْبَاعه.
وَفِيهِ مَا كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ التَّكَبُّرِ , لِقَوْلِهِ (بَيْن ظَهْرَانَيْنا) وَهِيَ بِفَتْحِ النُّون أَيْ: بَيْنهمْ، وَزِيدَ لَفْظ (الظَّهْر) لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ ظَهْرًا مِنْهُمْ قُدَّامَهُ , وَظَهْرًا وَرَاءَهُ، فَهُوَ مَحْفُوف بِهِمْ مِنْ جَانِبَيْهِ. (فتح - ح٦٣)
(١٢) (خ) ٦٣ , (س) ٢٠٩٢