للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ كُلُّهَا فَوَاسِقُ (١)) (٢) (يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ) (٣) (وَفِي الصَّلَاةِ أَيْضًا:) (٤) (الْحَيَّةُ , وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ (٥) وَالْفَأرَةُ , وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ (٦) وَالْحِدَأَةُ (٧)) (٨) (وَالْعَقْرَبُ ") (٩)


(١) وَصْفُ الْخَمْس بِالْفِسْقِ مِنْ جِهَة الْمَعْنَى , يُشْعِر بِأَنَّ الْحُكْم الْمُرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ الْقَتْل , مُعَلَّل بِمَا جُعِلَ وَصْفًا , وَهُوَ الْفِسْق , فَيَدْخُل فِيهِ كُلّ فَاسِق مِنْ الدَّوَابّ، وَزَعَمَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ أَنَّهُ لَا يُعْرَف فِي كَلَام الْجَاهِلِيَّة وَلَا شِعْرهمْ فَاسِق، يَعْنِي بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيّ , وَأَمَّا الْمَعْنَى فِي وَصْف الدَّوَابِّ الْمَذْكُورَة بِالْفِسْقِ ,
فَقِيلَ: لِخُرُوجِهَا عَنْ حُكْم غَيْرهَا مِنْ الْحَيَوَان فِي تَحْرِيم قَتْلِه.
وَقِيلَ: فِي حِلّ أَكْله لِقَوْلِهِ تَعَالَى (أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) ,
وَقَوْله: (وَلَا تَأكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اِسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ)
وَقِيلَ: لِخُرُوجِهَا عَنْ حُكْم غَيْرهَا , بِالْإِيذَاءِ وَالْإِفْسَاد , وَعَدَم الِانْتِفَاع، وَمِنْ ثَمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل الْفَتْوَى , فَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ , أَلْحَق بِالْخَمْسِ كُلّ مَا جَازَ قَتْلُه لِلْحَلَالِ فِي الْحَرَم وَفِي الْحِلّ، وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي , أَلْحَق مَا لَا يُؤْكَل , إِلَّا مَا نُهِيَ عَنْ قَتْله وَهَذَا قَدْ يُجَامِع الْأَوَّل، وَمَنْ قَالَ بِالثَّالِثِ , يَخُصّ الْإِلْحَاق بِمَا يَحْصُل مِنْهُ الْإِفْسَاد , وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد عِنْد اِبْن مَاجَهْ: قِيلَ لَهُ: " لِمَ قِيلَ لِلْفَأرَةِ فُوَيْسِقَة؟ , فَقَالَ: لِأَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اِسْتَيْقَظَ لَهَا وَقَدْ أَخَذَتْ الْفَتِيلَة لِتُحْرِق بِهَا الْبَيْت " فَهَذَا يُومِئ إِلَى أَنَّ سَبَب تَسْمِيَة الْخَمْس بِذَلِكَ , لِكَوْنِ فِعْلهَا يُشْبِه فِعْل الْفُسَّاق، وَهُوَ يُرَجِّح الْقَوْل الْأَخِير، وَالله أَعْلَم. فتح الباري (ج ٦ / ص ٤٧)
(٢) (م) ٧١ - (١١٩٨) , (خ) ١٧٣٢
(٣) (م) ٦٧ - (١١٩٨) , (خ) ٣١٣٦
(٤) (م) ٧٥ - (١٢٠٠)
(٥) " الْأَبْقَع " هُوَ الَّذِي فِي ظَهْره أَوْ بَطْنه بَيَاض، وَأَخَذَ بِهَذَا الْقَيْد بَعْض أَصْحَاب الْحَدِيث , كَمَا حَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر وَغَيْره، ثُمَّ وَجَدْتُ اِبْن خُزَيْمَةَ قَدْ صَرَّحَ بِاخْتِيَارِهِ وَهُوَ قَضِيَّة حَمْلِ الْمُطْلَق عَلَى الْمُقَيَّد , وَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى إِخْرَاج الْغُرَاب الصَّغِير الَّذِي يَأكُل الْحَبّ مِنْ ذَلِكَ , وَيُقَال لَهُ: غُرَاب الزَّرْع , وَيُقَال لَهُ: الزَّاغ، وَأَفْتَوْا بِجَوَازِ أَكْله، فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ مِنْ الْغِرْبَان مُلْتَحِقًا بِالْأَبْقَعِ , وَمِنْهَا الْغُدَاف عَلَى الصَّحِيح فِي " الرَّوْضَة " , بِخِلَافِ تَصْحِيح الرَّافِعِيّ، وَسَمَّى اِبْن قُدَامَةَ الْغُدَاف غُرَابَ الْبَيْن، وَالْمَعْرُوف عِنْد أَهْل اللُّغَة أَنَّهُ الْأَبْقَع، قِيلَ: سُمِّيَ غُرَاب الْبَيْن لِأَنَّهُ بَانَ عَنْ نُوح لَمَّا أَرْسَلَهُ مِنْ السَّفِينَة لِيَكْشِف خَبَر الْأَرْض، فَلَقِيَ جِيفَة فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَرْجِع إِلَى نُوح، وَكَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَتَشَاءَمُونَ بِهِ , فَكَانُوا إِذَا نَعَبَ مَرَّتَيْنِ قَالُوا: آذَنَ بِشَرٍّ، وَإِذَا نَعَبَ ثَلَاثًا قَالُوا: آذَنَ بِخَيْرٍ، فَأَبْطَلَ الْإِسْلَام ذَلِكَ، وَكَانَ اِبْن عَبَّاس إِذَا سَمِعَ الْغُرَاب قَالَ: اللهمَّ لَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُك , وَلَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُك , وَلَا إِلَه غَيْرك. وَقَالَ صَاحِب الْهِدَايَة: الْمُرَاد بِالْغُرَابِ فِي الْحَدِيث: الْغُدَاف وَالْأَبْقَع , لِأَنَّهُمَا يَأكُلَانِ الْجِيَف، وَأَمَّا غُرَاب الزَّرْع فَلَا , وَكَذَا اِسْتَثْنَاهُ اِبْن قُدَامَةَ، وَمَا أَظُنّ فِيهِ خِلَافًا. فتح الباري (ج ٦ / ص ٤٧)
(٦) الْعَقُورُ: مَا يَعْقِرُ وَيُؤْذِي بِلَا سَبَبٍ , مِنْ الْعَقْرِ , وَهُوَ الْجَرْحُ.
(٧) مِنْ خَوَاصّ الْحِدَأَة أَنَّهَا تَقِف فِي الطَّيَرَان، وَيُقَال إِنَّهَا لَا تَخْتَطِف إِلَّا مِنْ جِهَة الْيَمِين، وَقَدْ مَضَى لَهَا ذِكْر فِي الصَّلَاة قِصَّة صَاحِبَة الْوِشَاح. فتح (ج ٦ / ص ٤٧)
(٨) (م) ٦٧ - (١١٩٨) , (خ) ٣١٣٦ , (د) ١٨٤٧
(٩) (خ) ١٧٣٢ , (م) ٦٨ - (١١٩٨) , (ت) ٨٣٧ , (س) ٢٨٨٢