للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م ت حب) , وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: (كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - فَذَكَرَ الْقَوْمُ رَجُلًا , فَذَكَرُوا مِنْ خُلُقِهِ , فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ قَطَعْتُمْ رَأْسَهُ؟ , أَكُنْتُمْ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تُعِيدُوهُ؟ , قَالُوا: لَا , قَالَ: فَيَدَهُ؟ , قَالُوا: لَا , قَالَ: فَرِجْلَهُ؟ , قَالُوا: لَا , قَالَ: فَإِنَّكُمْ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُغَيِّرُوا خُلُقَهُ , حَتَّى تُغَيِّرُوا خَلْقَهُ) (١) (فَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ , وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ , فَقِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ يَشْقَى رَجُلٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ؟) (٢) (قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ (٣) - قَالَ: " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ (٤) فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا , ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً (٥) مِثْلَ ذَلِكَ , ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً (٦) مِثْلَ ذَلِكَ (٧)) (٨) (ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ إِلَيْهِ مَلَكًا فَصَوَّرَهُ , وَخَلَقَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ , وَجِلْدَهُ وَشَعْرَهُ , وَلَحْمَهُ وَعِظَامَهُ (٩)) (١٠) (وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ كَلِمَاتٍ (١١): فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ , وَأَجَلَهُ , وَعَمَلَهُ , وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ) (١٢) (يَقُولُ: يَا رَبِّ , أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى؟ , فَيَجْعَلُهُ اللهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى , ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ , أَسَوِيٌّ أَوْ غَيْرُ سَوِيٍّ؟ , فَيَجْعَلُهُ اللهُ سَوِيًّا أَوْ غَيْرَ سَوِيٍّ , ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ , مَا رِزْقُهُ؟ , فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ , وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ , ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ , مَا أَجَلُهُ؟ فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ , وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ , ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ, مَا خُلُقُهُ؟ , أَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ؟ , فَيَجْعَلُهُ اللهُ شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا , وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ (١٣)) (١٤) (فَيَقْضِي اللهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَمْرَهُ، فَيَكْتُبُ مَا هُوَ لَاقٍ حَتَّى النَّكْبَةَ يُنْكَبُهَا (١٥)) (١٦) (ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ ") (١٧)

الشرح (١٨)


(١) (خد) ٢٨٣ , انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد: ٢١٥
(٢) (م) ٢٦٤٥
(٣) أي: الصَّادِقُ فِي قَوْلِه، الْمَصْدُوقُ فِيمَا يَأْتِيهِ مِنْ الْوَحْي الْكَرِيم. النووي (٨/ ٤٨٩)
(٤) قَالَ اِبْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة: يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِالْجَمْعِ مُكْثَ النُّطْفَةِ فِي الرَّحِم،
أَيْ: تَمْكُثُ النُّطْفَةُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا تُخَمَّر فِيهِ, حَتَّى تَتَهَيَّأ لِلتَّصْوِيرِ, ثُمَّ تُخْلَقُ بَعْدَ ذَلِكَ فتح الباري - (ج ١٨ / ص ٤٣٧)
(٥) العَلَقة: الدَّمُ الْجَامِدُ الْغَلِيظ , سُمِّيَ بِذَلِكَ لِلرُّطُوبَةِ الَّتِي فِيهِ, وَتَعَلُّقِهِ بِمَا مَرَّ بِهِ. فتح الباري - (ج ١٨ / ص ٤٣٧)
(٦) المُضْغَة: قِطْعَةُ اللَّحْم سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا قَدْرُ مَا يَمْضُغُ الْمَاضِغُ. فتح (١٨/ ٤٣٧)
(٧) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تَصَيُّرَهَا شَيْئًا فَشَيْئًا، فَيُخَالِطُ الدَّمُ النُّطْفَةَ فِي الْأَرْبَعِينَ الْأُولَى بَعْد اِنْعِقَادِهَا وَامْتِدَادِهَا، وَتَجْرِي فِي أَجْزَائِهَا شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى تَتَكَامَلَ عَلَقَةً فِي أَثْنَاء الْأَرْبَعِينَ، ثُمَّ يُخَالِطُهَا اللَّحْم شَيْئًا فَشَيْئًا إِلَى أَنْ تَشْتَدَّ فَتَصِير مُضْغَة ,
وَلَا تُسَمَّى عَلَقَةً قَبْل ذَلِكَ مَا دَامَتْ نُطْفَة، وَكَذَا مَا بَعْد ذَلِكَ مِنْ زَمَان الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَة. فتح الباري - (ج ١٨ / ص ٤٣٧)
(٨) (خ) ١٢٢٦
(٩) حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ بِجَمِيعِ طُرُقِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَنِينَ يَتَقَلَّبُ فِي مِائَة وَعِشْرِينَ يَوْمًا فِي ثَلَاثَة أَطْوَار , كُلُّ طَوْرٍ مِنْهَا فِي أَرْبَعِينَ , ثُمَّ بَعْدَ تَكْمِلَتِهَا يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الْأَطْوَارَ الثَّلَاثَةَ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمُدَّةٍ فِي عِدَّةِ سُوَرٍ، مِنْهَا فِي الْحَجّ , وَدَلَّتْ الْآيَةُ الْمَذْكُورةُ عَلَى أَنَّ التَّخْلِيقَ يَكُونُ لِلْمُضْغَةِ، وَبَيَّنَ الْحَدِيثُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِيهَا إِذَا تَكَامَلَتْ الْأَرْبَعِينَ , وَهِيَ الْمُدَّة الَّتِي إِذَا اِنْتَهَتْ سُمِّيَتْ مُضْغَة، وَذَكَرَ اللهُ النُّطْفَة , ثُمَّ الْعَلَقَةَ , ثُمَّ الْمُضْغَةَ فِي سُوَرٍ أُخْرَى , وَزَادَ فِي سُورَةِ
(المؤمنون) بَعْد الْمُضْغَة {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا , فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} الْآيَةَ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا وَمِنْ حَدِيث الْبَاب أَنَّ تَصَيُّرَ الْمُضْغَةِ عِظَامًا بَعْد نَفْخ الرُّوح. فتح الباري - (ج ١٨ / ص ٤٣٧)
(١٠) (م) ٢٦٤٥
(١١) الْمُرَاد بِالْكَلِمَاتِ: الْقَضَايَا الْمُقَدَّرَة، وَكُلّ قَضِيَّةٍ تُسَمَّى كَلِمَةً. فتح (١٨/ ٤٣٧)
(١٢) (خ) ٧٠١٦
(١٣) جَمَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَقَعُ مَرَّتَيْنِ: فَالْكِتَابَةُ الْأُولَى فِي السَّمَاء , وَالثَّانِيَة فِي بَطْنِ الْمَرْأَة. فتح الباري - (ج ١٨ / ص ٤٣٧)
فَالْمُرَاد بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنْ الرِّزْقِ وَالْأَجَلِ وَالشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ وَالْعَمَلِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَة , أَنَّهُ يَظْهَرُ ذَلِكَ لِلْمَلَكِ، وَيَامُرُهُ اللهُ بِإِنْفَاذِهِ وَكِتَابَتِه، وَإِلَّا فَقَضَاءُ اللهِ تَعَالَى سَابِقٌ عَلَى ذَلِكَ، وَعِلْمُهُ وَإِرَادَتُه لِكُلِّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْأَزَل , وَالله أَعْلَم. شرح النووي على مسلم - (ج ٨ / ص ٤٩٣)
(١٤) (م) ٢٦٤٥
(١٥) (النَّكْبَةِ): مَا يُصِيبُ الْإِنْسَانَ مِنْ الْحَوَادِثِ. تحفة الأحوذي (٧/ ٣٥٩)
(١٦) (حب) ٦١٧٨ , وصححه الألباني في ظلال الجنة: ١٨٦، وصحيح موارد الظمآن: ١٥٢٠
(١٧) (خ) ٣١٥٤ , ٧٠١٦
(١٨) اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ,
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ الْحِكْمَةُ فِي عِدَّةِ الْمَرْأَةِ مِنْ الْوَفَاةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْر, وَهُوَ الدُّخُولُ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ. وَمَعْنَى إِسْنَادِ النَّفْخِ لِلْمَلَكِ: أَنَّهُ يَفْعَلُهُ بِأَمْرِ الله، وَالنَّفْخُ فِي الْأَصْل: إِخْرَاجُ رِيحٍ مِنْ جَوْفِ النَّافِخِ , لِيَدْخُلَ فِي الْمَنْفُوخ فِيهِ. فتح الباري - (ج ١٨ / ص ٤٣٧)