للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فَتَعَاهَدْنَ، وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا،

قَالَتْ الْأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ (١) عَلَى رَأسِ جَبَلٍ وَعْرٍ (٢) لَا سَهْلٍ فَيُرْتَقَى، وَلَا سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ (٣)

قَالَتْ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ (٤) إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ (٥) إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ (٦)

قَالَتْ الثَّالِثَةُ: زَوْجِي الْعَشَنَّقُ (٧) إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ (٨)

قَالَتْ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لَا حَرٌّ وَلَا قُرٌّ، وَلَا مَخَافَةَ وَلَا سَآمَةَ (٩)

قَالَتْ الْخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ (١٠)

قَالَتْ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ (١١) وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ (١٢) وَإِنْ اضْطَجَعَ الْتَفَّ، وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ (١٣)

قَالَتْ السَّابِعَةُ: زَوْجِي عَيَايَاءُ (١٤) طَبَاقَاءُ (١٥) كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ (١٦) شَجَّكِ (١٧)

أَوْ فَلَّكِ (١٨) أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ (١٩)

قَالَتْ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي , الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ (٢٠)

قَالَتْ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ (٢١) طَوِيلُ النِّجَادِ (٢٢) عَظِيمُ الرَّمَادِ (٢٣) قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنْ النَّادِ (٢٤)

قَالَتْ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ، مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ، لَهُ إِبِلٌ قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ , كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ (٢٥) وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ , أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ (٢٦)

قَالَتْ: الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ , وَمَا أَبُو زَرْعٍ، أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ (٢٧) وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ (٢٨) وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي (٢٩)

وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ (٣٠) بِشِقٍّ (٣١) فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ , وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ (٣٢) وَمُنَقٍّ (٣٣) فَعِنْدَهُ أَقُولُ فلَا أُقَبَّحُ (٣٤) وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ (٣٥) وَأَشْرَبُ فَأَتَقَمَّحُ (٣٦) أُمُّ أَبِي زَرْعٍ , فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، عُكُومُهَا رَدَاحٌ (٣٧) وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ (٣٨) ابْنُ أَبِي زَرْعٍ , فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ (٣٩) وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ (٤٠) بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ , فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ، طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا (٤١) وَمِلْءُ كِسَائِهَا (٤٢) وَغَيْظُ جَارَتِهَا (٤٣) جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ , فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا (٤٤) وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا (٤٥) وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا (٤٦) قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالْأَوْطَابُ تُمْخَضُ (٤٧) فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ , يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ (٤٨) فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا , فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا (٤٩) رَكِبَ شَرِيًّا (٥٠) وَأَخَذَ خَطِّيًّا (٥١) وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا (٥٢) وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ ذَابِحَةٍ زَوْجًا (٥٣) وَقَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ (٥٤) قَالَتْ: فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ، مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ" (٥٥)

الشرح (٥٦)


(١) الْمُرَاد بِالْغَثِّ الْمَهْزُول. شرح النووي على مسلم - (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٢) الْمَعْنَى أَنَّهُ قَلِيلُ الْخَيْر مِنْ أَوْجُه: مِنْهَا كَوْنُه كَلَحْمٍ لَا كَلَحْمِ الضَّأنِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ غَثٌّ مَهْزُولٌ رَدِيءٌ، وَمِنْهَا أَنَّهُ صَعْبُ التَّنَاوُلِ لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ , هَكَذَا فَسَّرَهُ الْجُمْهُور.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلهَا: (عَلَى رَأس جَبَل) أَيْ يَتَرَفَّعُ وَيَتَكَبَّرُ، وَيَسْمُو بِنَفْسِهِ فَوْقَ مَوْضِعهَا كَثِيرًا , أَيْ أَنَّهُ يَجْمَعُ إِلَى قِلَّةِ خَيْرِهِ , تَكَبُّرَه , وَسُوءَ الْخُلُق. شرح النووي على مسلم - (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٣) أَيْ: يَنْقُلُهُ النَّاسُ إِلَى بُيُوتهمْ لِيَأكُلُوهُ، بَلْ يَتْرُكُوهُ رَغْبَةً عَنْهُ لِرَدَاءَتِهِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ يَحْتَمِلُ سُوءَ عِشْرَتِهِ بِسَبَبِهَا. النووي (٨/ ١٩٨)
(٤) أَيْ: لَا أَنْشُرهُ وَأُشِيعُهُ. شرح النووي على مسلم - (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٥) الْمَعْنَى أَنَّ خَبَرَهُ طَوِيلٌ , إِنْ شَرَعْتُ فِي تَفْصِيلِهِ , لَا أَقْدِرُ عَلَى إِتْمَامِه لِكَثْرَتِهِ. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٦) الْمُرَاد بِهِمَا عُيُوبُهُ، قَالُوا: وَأَصْلُ الْعُجَرِ أَنْ يَعْتَقِدَ الْعَصَبُ أَوْ الْعُرُوقُ , حَتَّى تَرَاهَا نَاتِئَة مِنْ الْجَسَد.
وَالْبُجَرُ: نَحْوُهَا إِلَّا أَنَّهَا فِي الْبَطْنِ خَاصَّة، وَاحِدَتهَا: بُجْرَة، وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُلٌ أَبْجَرُ , إِذَا كَانَ نَاتِئ السُّرَّة , عَظِيمهَا. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٧) الْعَشَنَّق: هُوَ الطَّوِيل، وَمَعْنَاهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ طُولٍ بِلَا نَفْع. النووي (٨/ ١٩٨)
(٨) أَيْ: إِنْ ذَكَرْت عُيُوبَهُ طَلَّقَنِي، وَإِنْ سَكَتُّ عَنْهَا عَلَّقَنِي، فَتَرَكَنِي لَا عَزْبَاء وَلَا مُزَوَّجَة. شرح النووي (ج٨/ص١٩٨)
(٩) هَذَا مَدْحٌ بَلِيغٌ، وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ فِيهِ أَذَى، بَلْ هُوَ رَاحَةٌ وَلَذَاذَةُ عَيْش، كَلَيْلِ تِهَامَة , لَذِيذٌ مُعْتَدِل، لَيْسَ فِيهِ حَرٌّ وَلَا بَرْدٌ مُفْرِط، وَلَا أَخَافُ لَهُ غَائِلَةً , لِكَرْمِ أَخْلَاقِه، وَلَا يَسْأَمُنِي وَيَمَلُّ صُحْبَتِي. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(١٠) هَذَا أَيْضًا مَدْحٌ بَلِيغٌ، فَقَوْلهَا: فَهِد , تَصِفُهُ إِذَا دَخَلَ الْبَيْتَ بِكَثْرَةِ النَّوْم , وَالْغَفْلَةِ فِي مَنْزِلِهِ عَنْ تَعَهُّدِ مَا ذَهَبَ مِنْ مَتَاعِهِ وَمَا بَقِيَ، وَشَبَّهَتْهُ بِالْفَهْدِ لِكَثْرَةِ نَوْمه، يُقَال: أَنْوَمُ مِنْ فَهِدٍ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلهَا (وَلَا يَسْأَل عَمَّا عَهِدَ) أَيْ: لَا يَسْأَلُ عَمَّا كَانَ عَهِدَهُ فِي الْبَيْت مِنْ مَالِه وَمَتَاعِه.
وَإِذَا خَرَجَ أَسِدَ: هُوَ وَصْفٌ لَهُ بِالشَّجَاعَةِ، وَمَعْنَاهُ: إِذَا صَارَ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ خَالَطَ الْحَرْبَ كَانَ كَالْأَسَدِ. شرح النووي على مسلم - (ج ٨ / ص ١٩٨)
(١١) قَالَ الْعُلَمَاء: اللَّفُّ فِي الطَّعَامِ: الْإِكْثَارُ مِنْهُ مَعَ التَّخْلِيط مِنْ صُنُوفِه , حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهَا شَيْء. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(١٢) الِاشْتِفَاف فِي الشُّرْب: أَنْ يَسْتَوْعِبَ جَمِيع مَا فِي الْإِنَاء. النووي (٨/ ١٩٨)
(١٣) قَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ: هَذَا ذَمّ لَهُ، أَرَادَتْ: وَإِنْ اِضْطَجَعَ وَرَقَدَ اِلْتَفَّ فِي ثِيَابه فِي نَاحِيَةٍ، وَلَمْ يُضَاجِعْنِي لِيَعْلَمَ مَا عِنْدِي مِنْ مَحَبَّتِهِ , قَالَ: وَلَا بَثَّ هُنَاكَ إِلَّا مَحَبَّتهَا الدُّنُوَّ مِنْ زَوْجهَا , وَقَالَ آخَرُونَ: أَرَادَتْ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِد أُمُورِي وَمَصَالِحِي.
وَإِلَى قَوْل اِبْن الْأَعْرَابِيّ وَابْن قُتَيْبَة ذَهَبَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي عِيَاض. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(١٤) (عَيَايَاء): هُوَ الْعِنِّين الَّذِي تَعِيبُهُ مُبَاضَعَةُ النِّسَاء. النووي (٨/ ١٩٨)
(١٥) (طَبَاقَاء): مَعْنَاهُ الْمُطْبِقَةُ عَلَيْهِ أُمُورُهُ حُمْقًا. النووي (٨/ ١٩٨)
(١٦) أَيْ: جَمِيعُ أَدْوَاءِ النَّاسِ مُجْتَمِعَةٌ فِيهِ. النووي (٨/ ١٩٨)
(١٧) أَيْ: جَرَحَكِ فِي الرَّأس. شرح النووي على مسلم - (ج ٨ / ص ١٩٨)
(١٨) الْفَلُّ: الْكَسْرُ وَالضَّرْب. شرح النووي على مسلم - (ج ٨ / ص ١٩٨)
(١٩) مَعْنَاهُ أَنَّهَا مَعَهُ بَيْن شَجِّ رَأسٍ، وَضَرْبٍ، وَكَسْرِ عُضْوٍ، أَوْ جَمْعٍ بَيْنهمَا. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٢٠) الزَّرْنَب: نَوْعٌ مِنْ الطِّيب مَعْرُوفٌ , قِيلَ: أَرَادَتْ طِيبَ رِيحِ جَسَده،
وَقِيلَ: طِيبَ ثِيَابِهِ فِي النَّاس.
وَقِيلَ: لِين خُلُقِهِ , وَحُسْنُ عِشْرَتِه.
وَالْمَسُّ مَسُّ أَرْنَب صَرِيحٌ فِي لِينِ الْجَانِب، وَكَرَمِ الْخُلُق. النووي (٨/ ١٩٨)
(٢١) قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَى رَفِيعُ الْعِمَاد: وَصْفُهُ بِالشَّرَفِ، وَسَنَاءِ الذِّكْر , وَأَصْلُ الْعِمَاد: عِمَادُ الْبَيْت، وَهِيَ الْعِيدَانِ الَّتِي تُعْمَدُ بِهَا الْبُيُوت، أَيْ: بَيْتُهُ فِي الْحَسَبِ رَفِيعٌ فِي قَوْمه.
وَقِيلَ: إِنَّ بَيْتَه الَّذِي يَسْكُنُهُ رَفِيعُ الْعِمَاد , لِيَرَاهُ الضِّيفَانُ وَأَصْحَابُ الْحَوَائِج , فَيَقْصِدُوهُ، وَهَكَذَا بُيُوتُ الْأَجْوَاد. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٢٢) تَصِفُهُ بِطُولِ الْقَامَة، وَالنِّجَادُ حَمَائِل السَّيْف، فَالطَّوِيلُ يَحْتَاجُ إِلَى طُولِ حَمَائِل سَيْفه. النووي (٨/ ١٩٨)
قلت ربما يكون قصدها بأنه شجاع. ع
(٢٣) تَصِفُهُ بِالْجُودِ وَكَثْرَة الضِّيَافَة مِنْ اللُّحُوم وَالْخُبْز، فَيَكْثُرُ وَقُودُهُ، فَيَكْثُرُ رَمَادُه. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٢٤) وَصَفَتْهُ بِالْكَرَمِ وَالسُّؤْدُد، لِأَنَّهُ لَا يَقْرُبُ الْبَيْتُ مِنْ النَّادِي إِلَّا مَنْ هَذِهِ صِفَته؛ لِأَنَّ الضِّيفَان يَقْصِدُونَ النَّادِي، وَلِأَنَّ أَصْحَاب النَّادِي يَأخُذُونَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي مَجْلِسهمْ مِنْ بَيْتٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّادِي، وَاللِّئَام يَتَبَاعَدُونَ مِنْ النَّادِي. شرح النووي على مسلم - (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٢٥) مَعْنَاهُ أَنَّ لَهُ إِبِلًا كَثِيرًا فَهِيَ بَارِكَة بِفِنَائِهِ، لَا يُوَجِّهُهَا تَسْرَحُ إِلَّا قَلِيلًا قَدْر الضَّرُورَة، وَمُعْظَم أَوْقَاتهَا تَكُون بَارِكَة بِفِنَائِهِ، فَإِذَا نَزَلَ بِهِ الضِّيفَان , كَانَتْ الْإِبِل حَاضِرَة؛ فَيَقْرِيهِمْ مِنْ أَلْبَانهَا وَلُحُومهَا. شرح النووي (ج٨ / ص١٩٨)
(٢٦) الْمِزْهَر: الْعُودُ الَّذِي يَضْرِبُ، أَرَادَتْ أَنَّ زَوْجَهَا عَوَّدَ إِبِله إِذَا نَزَلَ بِهِ الضِّيفَان نَحَرَ لَهُمْ مِنْهَا، وَأَتَاهُمْ بِالْعِيدَانِ وَالْمَعَازِف وَالشَّرَاب، فَإِذَا سَمِعَتْ الْإِبِلُ صَوْتَ الْمِزْهَر , عَلِمْنَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَهُ الضِّيفَانُ، وَأَنَّهُنَّ مَنْحُورَاتٌ هَوَالِك.
(٢٧) مَعْنَاهُ حَلَّانِي قِرَطَةً وَشُنُوفًا , فَهُوَ تَنَوَّس , أَيْ: تَتَحَرَّك لِكَثْرَتِهَا. شرح النووي على مسلم - (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٢٨) مَعْنَاهُ أَسْمَنَنِي , وَمَلَأ بَدَنِي شَحْمًا، وَلَمْ تُرِدْ اِخْتِصَاص الْعَضُدَيْنِ، لَكِنْ إِذَا سَمِنَتَا سَمِنَ غَيْرهمَا. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٢٩) أَيْ: عَظَّمَنِي , فَعَظُمْتُ عِنْد نَفْسِي , يُقَالُ: فُلَانٌ يَتَبَجَّحُ بِكَذَا , أَيْ: يَتَعَظَّمُ وَيَفْتَخِرُ. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٣٠) أَرَادَتْ أَنَّ أَهْلهَا كَانُوا أَصْحَاب غَنَمٍ , لَا أَصْحَابَ خَيْلٍ وَإِبِل؛ لِأَنَّ الصَّهِيل أَصْوَاتُ الْخَيْل، وَالْأَطِيطُ أَصْوَاتُ الْإِبِلِ وَحَنِينُهَا، وَالْعَرَب لَا تَعْتَدُّ بِأَصْحَابِ الْغَنَم، وَإِنَّمَا يَعْتَدُّونَ بِأَهْلِ الْخَيْل وَالْإِبِل.
(٣١) أَيْ: بِشَظَفٍ مِنْ الْعَيْشِ وَجَهْدٍ , قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: هَذَا عِنْدِي أَرْجَح. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٣٢) (دَائِس) هُوَ الَّذِي يَدُوسُ الزَّرْع فِي بَيْدَرِهِ , قَالَ الْهَرَوِيُّ وَغَيْره: يُقَالُ: دَاسَ الطَّعَامَ: دَرَسَهُ.
(٣٣) الْمُرَاد بِهِ: الَّذِي يُنَقِّي الطَّعَام , أَيْ يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْته وَقُشُورِه، وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ صَاحِبُ زَرْع، وَيَدُوسُهُ وَيُنَقِّيهِ.
(٣٤) مَعْنَاهُ: لَا يُقَبِّحُ قَوْلِي فَيَرُدُّ، بَلْ يَقْبَلُ مِنِّي. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٣٥) أَيْ: أَنَام الصُّبْحَة، وَهِيَ بَعْدَ الصَّبَاح، أَيْ: أَنَّهَا مَكْفِيَّةٌ بِمَنْ يَخْدُمُهَا , فَتَنَام. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٣٦) مَعْنَاهُ: أُرْوَى حَتَّى أَدَعَ الشَّرَابَ مِنْ شِدَّة الرِّي، وَمِنْهُ قَمَحَ الْبَعِير يَقْمَحُ: إِذَا رَفَعَ رَأسَهُ مِنْ الْمَاءِ بَعْد الرِّي.
قَالَ أَبُو عُبَيْد: وَلَا أَرَاهَا قَالَتْ هَذِهِ إِلَّا لِعِزَّةِ الْمَاء عِنْدهمْ. النووي (٨/ ١٩٨)
(٣٧) الْعُكُوم: الْأَوْعِيَة الَّتِي فِيهَا الطَّعَام وَالْأَمْتِعَة، وَاحِدُهَا: عِكْم.
رَدَاح: أَيْ عِظَام كَبِيرَة، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ: رَدَاحٌ , إِذَا كَانَتْ عَظِيمَة الْأَكْفَال. شرح النووي على مسلم - (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٣٨) أَيْ: وَاسِع , قَالَ الْقَاضِي: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا أَرَادَتْ كَثْرَةَ الْخَيْرِ وَالنِّعْمَة. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٣٩) هِيَ مَا شُطِبَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْل، أَيْ شُقَّ، وَهِيَ السَّعَفَة , لِأَنَّ الْجَرِيدَةَ تُشَقَّقُ مِنْهَا قُضْبَان رِقَاقٌ , ومُرَادُهَا أَنَّهُ مُهَفْهَفٌ خَفِيفُ اللَّحْم كَالشَّطْبَةِ، وَهُوَ مِمَّا يُمْدَحُ بِهِ الرَّجُل.
وَقَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ وَغَيْره: أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا: (كَمَسَلِّ شَطْبَة) أَنَّهُ كَالسَّيْفِ سُلَّ مِنْ غِمْده. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٤٠) الْجَفْرَة: هِيَ الْأُنْثَى مِنْ أَوْلَاد الْمَعْزِ، وَقِيلَ: مِنْ الضَّأن، وَهِيَ مَا بَلَغَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر , وَفُصِلَتْ عَنْ أُمِّهَا، وَالذَّكَر: جَفْرٌ؛ لِأَنَّهُ جَفَرَ جَنْبَاهُ , أَيْ: عَظُمَا.
قَالَ أَبُو عُبَيْد وَغَيْره: الْجَفْرَة مِنْ أَوْلَاد الْمَعْز، وَالْمُرَاد: أَنَّهُ قَلِيلُ الْأَكْلِ، وَالْعَرَبُ تَمْدَحُ بِهِ. شرح النووي على مسلم - (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٤١) أَيْ: مُطِيعَةٌ لَهُمَا , مُنْقَادَةٌ لِأَمْرِهِمَا. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٤٢) أَيْ: مُمْتَلِئَةُ الْجِسْمِ سَمِينَة. شرح النووي على مسلم - (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٤٣) الْمُرَاد بِجَارَتِهَا: ضَرَّتهَا، يَغِيظُهَا مَا تَرَى مِنْ حُسْنِهَا وَجَمَالهَا, وَعِفَّتهَا وَأَدَبهَا. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٤٤) أَيْ: لَا تُشِيعُهُ وَتُظْهِرُهُ، بَلْ تَكْتُمُ سِرَّنَا وَحَدِيثنَا كُلَّه. النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٤٥) الْمِيرَة: الطَّعَام الْمَجْلُوب، وَمَعْنَاهُ: لَا تُفْسِدُهُ , وَلَا تُفَرِّقُهُ , وَلَا تَذْهَب بِهِ , وَمَعْنَاهُ: وَصْفُهَا بِالْأَمَانَةِ. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٤٦) أَيْ: لَا تَتْرُكُ الْكُنَاسَةَ وَالْقُمَامَة فِيهِ مُفَرَّقَةً كَعُشِّ الطَّائِر، بَلْ هِيَ مُصْلِحَةٌ لِلْبَيْتِ مُعْتَنِيَةٌ بِتَنْظِيفِهِ. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٤٧) قَالَ أَبُو عُبَيْد: هُوَ جَمْعُ وَطْبَة , وهِيَ سَقِيَّةُ اللَّبَنِ الَّتِي يُمْخَضُ فِيهَا. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٤٨) الْمُرَاد بِالرُّمَّانَتَيْنِ هُنَا: ثَدْيَاهَا، وَمَعْنَاهُ أَنَّ لَهَا نَهْدَيْنِ حَسَنَيْنِ صَغِيرَيْنِ كَالرُّمَّانَتَيْنِ. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٤٩) مَعْنَاهُ: سَيِّدًا شَرِيفًا.
(٥٠) هُوَ الْفَرَسُ الَّذِي يَسْتَشْرِي فِي سَيْرِه, أَيْ: يُلِحُّ وَيَمْضِي بِلَا فُتُورٍ، وَلَا اِنْكِسَارٍ. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٥١) الْخَطِّيّ: الرُّمْحُ , مَنْسُوبٌ إِلَى الْخَطِّ , قَرْيَةٌ مِنْ سَيْفِ الْبَحْر , أَيْ: سَاحِلِهِ عِنْد عُمَان وَالْبَحْرَيْنِ. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٥٢) أَيْ: أَتَى بِهَا إِلَى مُرَاحهَا , وهُوَ مَوْضِعُ مَبِيتهَا , وَالنَّعَم: الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم. وَادَّعَى الْقَاضِي عِيَاض أَنَّ أَكْثَر أَهْل اللُّغَة عَلَى أَنَّ النَّعَم مُخْتَصَّة بِالْإِبِلِ.
وَالثَّرِيّ: الْكَثِيرُ مِنْ الْمَالِ وَغَيْره، وَمِنْهُ: الثَّرْوَة فِي الْمَال , وَهِيَ كَثْرَته. شرح النووي على مسلم - (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٥٣) أَيْ: مِنْ كُلِّ مَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ مِنْ الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم. النووي (٨/ ١٩٨)
(٥٤) أَيْ: أَعْطِيهِمْ وَاأفْضِلِي عَلَيْهِمْ , وَصِلِيهِمْ. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)
(٥٥) (خ) ٤٨٩٣ , (م) ٩٢ - (٢٤٤٨)
(٥٦) قَالَ الْعُلَمَاء: هُوَ تَطْيِيبٌ لِنَفْسِهَا، وَإِيضَاحٌ لِحُسْنِ عِشْرَته إِيَّاهَا، وَمَعْنَاهُ: أَنَا لَك كَأَبِي زَرْع.
قَالَ الْمَازِرِيّ: قَالَ بَعْضهمْ: وَفِيهِ أَنَّ هَؤُلَاءِ النِّسْوَة ذَكَرَ بَعْضهنَّ أَزْوَاجهنَّ بِمَا يَكْرَه، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ غِيبَة , لِكَوْنِهِمْ لَا يُعْرَفُونَ بِأَعْيَانِهِمْ أَوْ أَسْمَائِهِمْ، وَإِنَّمَا الْغِيبَةُ الْمُحَرَّمَةُ أَنْ يَذْكُرَ إِنْسَانًا بِعَيْنِهِ، أَوْ جَمَاعَةً بِأَعْيَانِهِمْ , وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَى هَذَا الِاعْتِذَارِ لَوْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ اِمْرَأَةً تَغْتَابُ زَوْجَهَا وَهُوَ مَجْهُولٌ , فَأَقَرَّ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَّا هَذِهِ الْقَضِيَّة فَإِنَّمَا حَكَتْهَا عَائِشَة عَنْ نِسْوَة مَجْهُولَات غَائِبَات.
لَكِنْ لَوْ وَصَفَتْ الْيَوْمَ اِمْرَأَةٌ زَوْجَهَا بِمَا يَكْرَهُهُ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ السَّامِعِينَ , كَانَ غِيبَةً مُحَرَّمَةً , فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا لَا يُعْرَفُ بَعْدَ الْبَحْثِ , فَهَذَا لَا حَرَجَ فِيهِ عِنْد بَعْضِهِمْ كَمَا قَدَّمْنَا , لأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَجْهُولًا عِنْدَ السَّامِعِ وَمَنْ يَبْلُغُهُ الْحَدِيثُ عَنْهُ , لَمْ يَكُنْ غِيبَةً، لِأَنَّهُ لَا يَتَأَذَّى إِلَّا بِتَعْيِينِهِ.
قَالَ: وَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيم: لَا يَكُون غِيبَةً مَا لَمْ يُسَمِّ صَاحِبَهَا بِاسْمِهِ، أَوْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ بِمَا يُفْهَمُ بِهِ عَنْهُ، وَهَؤُلَاءِ النِّسْوَة مَجْهُولَاتُ الْأَعْيَانِ وَالْأَزْوَاجِ، لَمْ يَثْبُتْ لَهُنَّ إِسْلَامٌ فَيُحْكَمُ فِيهِنَّ بِالْغِيبَةِ لَوْ تَعَيَّنَ، فَكَيْف مَعَ الْجَهَالَة؟. وَاللهُ أَعْلَمُ. شرح النووي (ج ٨ / ص ١٩٨)