للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م ت د حب) , وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" الْحَلَالُ بَيِّنٌ , وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ (١)) (٢) (وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ (٣)) (٤) (لَا يَدْرِي كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ أَمِنْ الْحَلَالِ هِيَ أَمْ مِنْ الْحَرَامِ) (٥) (فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ (٦) اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ (٧) وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ , وَقَعَ فِي الْحَرَامِ (٨) ") (٩) وفي رواية: (فَمَنْ تَرَكَ مَا شُبِّهَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ , كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ أَتْرَكَ وَمَنْ اجْتَرَأَ عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ مِنْ الْإِثْمِ, أَوْشَكَ أَنْ يُوَاقِعَ مَا اسْتَبَانَ) (١٠) (كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى , يُوشِكُ أَنْ) (١١) (يَرْتَعَ فِيهِ) (١٢) (أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى , أَلَا إِنَّ حِمَى اللهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ (١٣) ") (١٤) وفي رواية (١٥): " اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْحَرَامِ سُتْرَةً مِنَ الْحَلَالِ، مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ اسْتَبْرَأَ لِعِرْضِهِ وَدِينِهِ، وَمَنْ أَرْتَعَ فِيهِ , كَانَ كَالْمُرْتِعِ إِلَى جَنْبِ الْحِمَى , يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، وَإِنَّ حِمَى اللهِ فِي الْأَرْضِ مَحَارِمُهُ "


(١) (بَيِّن) أَيْ: فِي عَيْنِهِمَا وَوَصْفِهِمَا بِأَدِلَّتِهِمَا الظَّاهِرَة. (فتح - ح٥٢)
(٢) (خ) ٥٢
(٣) أَيْ: شُبِّهَتْ بِغَيْرِهَا مِمَّا لَمْ يَتَبَيَّنْ بِهِ حُكْمُهَا عَلَى التَّعْيِين، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا مُوَحَّدَة اِكْتَسَبَتْ الشَّبَه مِنْ وَجْهَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ. (فتح - ح٥٢)
(٤) (د) ٣٣٢٩ , (خ) ١٩٤٦
(٥) (ت) ١٢٠٥ , (خ) ٥٢
(٦) أَيْ: حَذِرَ مِنْهَا. (فتح - ح٥٢)
(٧) أَيْ: بَرَّأَ دِينَهُ مِنْ النَّقْصِ , وَعِرْضَهُ مِنْ الطَّعْنِ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِاجْتِنَابِ الشُّبُهَاتِ , لَمْ يَسْلَمْ مِنْ قَوْلِ مَنْ يَطْعَنُ فِيهِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَوَقَّ الشُّبْهَةَ فِي كَسْبِهِ وَمَعَاشِهِ , فَقَدْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلطَّعْنِ فِيهِ، وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى أُمُورِ الدِّينِ , وَمُرَاعَاةِ الْمُرُوءَة. (فتح - ح٥٢)
(٨) اخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الشُّبُهَات , فَقِيلَ: التَّحْرِيم، وَهُوَ مَرْدُود , وَقِيلَ: الْكَرَاهَة، وَقِيلَ: الْوَقْف , وَحَاصِلُ مَا فَسَّرَ بِهِ الْعُلَمَاءُ الشُّبُهَات أَرْبَعَة أَشْيَاء:
أَحَدُهَا: تَعَارُضُ الْأَدِلَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ.
ثَانِيهَا: اِخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ , وَهِيَ مُنْتَزَعَةٌ مِنْ الْأُولَى.
ثَالِثهَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مُسَمَّى الْمَكْرُوه , لِأَنَّهُ يَجْتَذِبُهُ جَانِبَا الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ،
رَابِعهَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمُبَاحُ، وَلَا يُمْكِنُ قَائِلُ هَذَا أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى مُتَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا يَكُونُ مِنْ قِسْمِ خِلَافِ الْأَوْلَى، بِأَنْ يَكُونَ مُتَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِه، رَاجِحُ الْفِعْل أَوْ التَّرْكِ بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ خَارِج. وَنَقَلَ اِبْنُ الْمُنِير فِي مَنَاقِبِ شَيْخِه الْقَبَّارِيِّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْمَكْرُوهُ عَقَبَةٌ بَيْن الْعَبْدِ وَالْحَرَامِ، فَمَنْ اِسْتَكْثَرَ مِنْ الْمَكْرُوهِ , تَطَرَّقَ إِلَى الْحَرَامِ، وَالْمُبَاحُ عَقَبَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَكْرُوهِ، فَمَنْ اِسْتَكْثَرَ مِنْهُ , تَطَرَّقَ إِلَى الْمَكْرُوهِ , وَهُوَ مَنْزَعٌ حَسَنٌ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُسْتَكْثِرَ مِنْ الْمَكْرُوهِ تَصِيرُ فِيهِ جُرْأَةٌ عَلَى اِرْتِكَابِ الْمَنْهِيِّ فِي الْجُمْلَة، أَوْ يَحْمِلُهُ اِعْتِيَادُه اِرْتِكَابَ الْمَنْهِيِّ غَيْر الْمُحَرَّمِ عَلَى اِرْتِكَابِ الْمَنْهِيِّ الْمُحَرَّمِ إِذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ , أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ لِشُبْهَةٍ فِيهِ , وَهُوَ أَنَّ مَنْ تَعَاطَى مَا نُهِيَ عَنْهُ , يَصِيرُ مُظْلِمَ الْقَلْبِ , لِفِقْدَانِ نُورِ الْوَرَعِ , فَيَقَعُ فِي الْحَرَامِ , وَلَوْ لَمْ يَخْتَرْ الْوُقُوع فِيهِ. (فتح - ح٥٢)
(٩) (م) ١٠٧ - (١٥٩٩) , (خ) ٥٢
(١٠) (خ) ١٩٤٦ , (حم) ١٨٤٠٨
(١١) (خ) ٥٢ , (م) ١٠٧ - (١٥٩٩)
(١٢) (م) ١٠٧ - (١٥٩٩)
(١٣) الْحِمَى: الْمَحْمِيّ، أُطْلِقَ الْمَصْدَرُ عَلَى اِسْمِ الْمَفْعُول. وَفِي اِخْتِصَاصِ التَّمْثِيل بِذَلِكَ نُكْتَة، وَهِيَ أَنَّ مُلُوكَ الْعَرَب كَانُوا يَحْمُونَ لِمَرَاعِي مَوَاشِيهِمْ أَمَاكِنَ مُخْتَصَّةً , يَتَوَعَّدُونَ مَنْ يَرْعَى فِيهَا بِغَيْرِ إِذْنهمْ بِالْعُقُوبَةِ الشَّدِيدَة، فَمَثَّلَ لَهُمْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمَا هُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَهُمْ، فَالْخَائِفُ مِنْ الْعُقُوبَةِ , الْمُرَاقِبُ لِرِضَا الْمَلِك , يَبْعُدُ عَنْ ذَلِكَ الْحِمَى خَشْيَةَ أَنْ تَقَعَ مَوَاشِيهِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، فَبُعْدُهُ أَسْلَمُ لَهُ , وَلَوْ اِشْتَدَّ حَذَره , وَغَيْر الْخَائِفِ الْمُرَاقِبِ , يَقْرُبُ مِنْهُ , وَيَرْعَى مِنْ جَوَانِبِه، فَلَا يَأمَنُ أَنْ تَنْفَرِدَ الْفَاذَّةُ , فَتَقَعَ فِيهِ بِغَيْرِ اِخْتِيَارِه، أَوْ يَمْحَلَ الْمَكَانُ الَّذِي هُوَ فِيهِ , وَيَقَعَ الْخِصْبُ فِي الْحِمَى , فَلَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ , فَالله سُبْحَانه وَتَعَالَى هُوَ الْمَلِكُ حَقًّا، وَحِمَاهُ: مَحَارِمه. (فتح - ح٥٢)
(١٤) (خ) ٥٢ , (م) ١٠٧ - (١٥٩٩) , (ت) ١٢٠٥ , (س) ٤٤٥٣ , (جة) ٣٩٨٤
(١٥) (حب) ٥٥٦٩ , (طس) ٩٠٠٣ , صَحِيح الْجَامِع: ١٥٢، الصَّحِيحَة: ٨٩٦