للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ , يَعْنِي أَنْ تُكْسَرَ أَفْوَاهُهَا فَيُشْرَبَ مِنْهَا " (١)

الشرح (٢)


(١) (خ) ٥٣٠٢ , (م) ١١٠ - (٢٠٢٣) , (ت) ١٨٩٠ , (د) ٣٧٢٠
(٢) يُكْرَهُ الشُّرْبُ مِنْ فَمِ السِّقَاءِ , وَكَذَا اخْتِنَاثُ الْأَسْقِيَةِ , لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه.
وَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: أَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا لِلتَّنْزِيهِ , لَا لِلتَّحْرِيمِ. وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذَا.
وَهُنَاكَ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الشُّرْبِ مِنْ فَمِ السِّقَاءِ.
قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ , وَبَيْنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ: إنَّهُ لَوْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا يَكُونُ لِعُذْرٍ , كَأَنْ تَكُونَ الْقِرْبَةُ مُعَلَّقَةً , وَلَمْ يَجِدْ الْمُحْتَاجُ إلَى الشُّرْبِ إنَاءً مُتَيَسِّرًا , وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّنَاوُلِ بِكَفِّهِ , فَلَا كَرَاهَةَ حِينَئِذٍ , وَعَلَى هَذَا تُحْمَلُ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ , وَبَيْنَ مَا يَكُونُ لِغَيْرِ عُذْرٍ , فَتُحْمَلُ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ النَّهْيِ.
وَقِيلَ: لَمْ يَرِدْ حَدِيثٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ إِلَّا بِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحَادِيثُ النَّهْيِ كُلُّهَا مِنْ قَوْلِهِ , فَهِيَ أَرْجَحُ
وَوَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي النَّهْيِ: مَا قَالَهُ الْبَعْضُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ دُخُولِ شَيْءٍ مِنْ الْهَوَامِّ مَعَ الْمَاءِ فِي جَوْفِ السِّقَاءِ , فَيَدْخُلُ فَمَ الشَّارِبِ وَلَا يَدْرِي.
فَعَلَى هَذَا لَوْ مَلَأَ السِّقَاءَ وَهُوَ يُشَاهِدُ الْمَاءَ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ , ثُمَّ رَبَطَهُ رَبْطًا مُحْكَمًا ثُمَّ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَشْرَبَ , حَلَّهُ فَشَرِبَ مِنْهُ , لَا يَتَنَاوَلُهُ النَّهْيُ.
وَقِيلَ: مَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - بِلَفْظِ: " نَهَى أَنْ يَشْرَبَ مَنْ فِي السِّقَاءِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْتِنُهُ " , وَهَذَا عَامٌّ.
وَقِيلَ: إنَّ الَّذِي يَشْرَبُ مَنْ فِي السِّقَاءِ , قَدْ يَغْلِبُهُ الْمَاءُ , فَيَنْصَبُّ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهِ , فَلَا يَأمَنُ أَنْ يَشْرَقَ بِهِ , أَوْ تَبْتَلَّ ثِيَابُهُ. فتح الباري (١٦/ ١٠٨)