للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(حم) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الرُّطَبِ وَالْخِرْبِزِ" (١)

الشرح (٢)


(١) (حم) ١٢٤٧٢ , (ن) ٦٧٢٦ , (حب) ٥٢٤٨ , صحيح الجامع: ٤٩١٦ , والصحيحة: ٥٨ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(٢) قال الحافظ في " الفتح " (٩/ ٥٧٣): وَالْخِرْبِزِ , وَهُوَ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ , وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ , بَعْدَهَا زَايٌ: نَوْعٌ مِنَ الْبِطِّيخِ الْأَصْفَرِ , وَقَدْ تَكْبُرُ الْقِثَّاءُ فَتَصْفَرُّ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ , فَتَصِيرُ كَالْخِرْبِزِ كَمَا شَاهَدْتُهُ كَذَلِكَ بِالْحِجَازِ ,
وَفِي هَذَا تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبِطِّيخِ فِي الْحَدِيثِ الْأَخْضَرُ , وَاعْتَلَّ بِأَنَّ فِي الْأَصْفَرِ حَرَارَةً كَمَا فِي الرُّطَبِ , وَقَدْ وَرَدَ التَّعْلِيلُ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا يُطْفِئُ حَرَارَةَ الْآخَرِ , وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ فِي الْأَصْفَرِ بِالنِّسْبَةِ لِلرُّطَبِ بُرُودَةً , وَإِنْ كَانَ فِيهِ لِحَلَاوَتِهِ طَرَفُ حَرَارَةٍ , وَاللهُ أَعْلَمُ. أ. هـ
وقال الألباني في الصحيحة ح٥٨: أقول: وفي هذا التعقُّب نظرٌ عندي، ذلك لأن الحديثين مختلفا المخرج، فالأول من حديث عائشة، وهذا من حديث أنس , فلا يلزم تفسيرُ أحدهما بالآخر، لاحتمالِ التَّعدُّد والمغايرة , لاسيما وفي الأول تلك الزيادة: " نكسر حر هذا ببرد هذا ... " , ولا يظهر هذا المعنى تمام الظهور بالنسبة إلى الخِربز، ما دام أنه يُشابه الرُّطَب في الحرارة. والله أعلم. أ. هـ
وَقَالَ الْحَافِظ اِبْن الْقَيِّم فِي زَادِ الْمَعَاد (٣/ ١٧٥): جَاءَ فِي الْبِطِّيخ عِدَّة أَحَادِيث لَا يَصِحّ مِنْهَا شَيْء غَيْر هَذَا الْحَدِيث الْوَاحِد، والمراد به: الأخضر , وهو بارد رطب، وفيه جَلاء، وهو أسرع انحدارا عن المعدة من القِثَّاء والخِيار، وهو سريع الاستحالة إلى أيِّ خلط كان صادفَه في المعدة، وإذا كان آكله مَحْرُورا انتفع به جدا، وإن كان مَبرودًا , دفع ضرره بيسير من الزنجبيل ونحوه , وينبغي أكلُه قبل الطعام، ويُتْبَعُ به، وإلا غَثَّى وقَيَّأَ.
وقال الخطيب في " الفقيه والمتفقه " (٧٩/ ١ - ٢): في هذا الحديث من الفوائد أن قوما ممن سلك طريقَ الصلاح والتزهُّد قالوا: لا يحلُّ الأكلُ تلذُّذًا، ولا على سبيل التَّشهِّي والإعجاب، ولا يأكل إلا ما لا بد منه لإقامة الرَّمَق، فلما جاء هذا الحديث , سقط قول هذه الطائفة، وصلح أن يؤكل الأكل تَشَهِّيا وتَفَكُّها وتلذُّذا.
وقالت طائفة من هؤلاء: إنه ليس لأحد أن يجمع بين شيئين من الطعام، ولا بين أُدْمَين على خِوان , فهذا الحديث أيضا يرُدُّ على صاحب هذا القول , ويُبيح أن يجمع الإنسان بين لونين وبين أُدْمين فأكثر. أ. هـ
قال الألباني: ولا يَعدم هؤلاء بعضَ أحاديثٍ يستدِلُّون بها لقولهم، ولكنها أحاديث واهية، وقد ذكرتُ طائفة منها في " سلسلة الأحاديث الضعيفة "، فانظر (رقم ٢٤١، ٢٥٧). أ. هـ