للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م حم ك) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (" كَانَ مَلَكُ الْمَوْتِ - عليه السلام - يَأتِي النَّاسَ عِيَانًا) (١) (فَأُرْسِلَ إِلَى مُوسَى - عليه السلام -) (٢) (فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ رَبَّكَ (٣)) (٤) (فَلَطَمَهُ مُوسَى - عليه السلام -) (٥) (فَفَقَأَ عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ , فَرَجَعَ الْمَلَكُ إِلَى اللهِ تَعَالَى , فَقَالَ:) (٦) (يَا رَبِّ) (٧) (إِنَّكَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَكَ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ، وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي) (٨) (وَلَوْلَا كَرَامَتُهُ عَلَيْكَ , لَعَنُفْتُ بِهِ) (٩) وفي رواية: (لَشَقَقْتُ عَلَيْهِ) (١٠) (فَرَدَّ اللهُ - عز وجل - عَلَيْهِ عَيْنَهُ , وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ:) (١١) (الْحَيَاةَ تُرِيدُ؟ , فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْحَيَاةَ) (١٢) (فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ (١٣)) (١٤) (فَلَكَ) (١٥) (بِكُلِّ شَعْرَةٍ غَطَّتْهَا يَدُكَ) (١٦) (فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَةً) (١٧) (فَقَالَ مُوسَى: فَمَا بَعْدَ ذَلِكَ؟ , قَالَ: الْمَوْتُ , قَالَ: فَالْآنَ إِذًا) (١٨) (فَسَأَلَ اللهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ (١٩)) (٢٠) (فَشَمَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ شَمَّةً , فَقَبَضَ رُوحَهُ) (٢١) (قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " لَوْ كُنْتُ ثَمَّ (٢٢) لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ وفي رواية: (تَحْتَ) (٢٣) الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ (٢٤)) (٢٥) (وَكَانَ (٢٦) بَعْدَ ذَلِكَ يَأتِي النَّاسَ فِي خِفْيَةٍ ") (٢٧)

الشرح (٢٨)


(١) (حم) ١٠٩١٧ , (ك) ٤١٠٧ , انظر الصحيحة: ٣٢٧٩
(٢) (خ) ١٢٧٤ , (م) ٢٣٧٢
(٣) مَعْنَاهُ: جِئْت لِقَبْضِ رُوحك. شرح النووي على مسلم - (ج ٨ / ص ١٠٤)
(٤) (م) ٢٣٧٢ , (حم) ٨١٥٧
(٥) (حم) ١٠٩١٧ , (خ) ١٢٧٤
(٦) (م) ٢٣٧٢ , (س) ٢٠٨٩
(٧) (حم) ١٠٩١٧ , (ك) ٤١٠٧
(٨) (م) ٢٣٧٢ , (خ) ١٢٧٤
(٩) (حم) ١٠٩١٧
(١٠) (ك) ٤١٠٧
(١١) (خ) ١٢٧٤ , (م) ٢٣٧٢
(١٢) (م) ٢٣٧٢ , (حم) ٨١٥٧
(١٣) أَيْ: ظهر ثور.
(١٤) (م) ٢٣٧٢ , (خ) ١٢٧٤
(١٥) (خ) ١٢٧٤ , (م) ٢٣٧٢
(١٦) (خ) ٣٢٢٦ , (م) ٢٣٧٢
(١٧) (م) ٢٣٧٢ , (حم) ٨١٥٧
(١٨) (ك) ٤١٠٧ , (خ) ١٢٧٤
(١٩) أَيْ: قَدْر رَمْيَة حَجَر , والْحِكْمَة فِي أَنَّهُ لَمْ يَطْلُب دُخُولهَا لِيُعْمِيَ مَوْضِعَ قَبْره لِئَلَّا تَعْبُدهُ الْجُهَّال مِنْ مِلَّته , أَنْ يَكُون سِرّ ذَلِكَ أَنَّ الله لَمَّا مَنَعَ بَنِي إِسْرَائِيل مِنْ دُخُول بَيْت الْمَقْدِس وَتَرَكَهُمْ فِي التِّيه أَرْبَعِينَ سَنَة إِلَى أَنْ أَفْنَاهُمْ الْمَوْت فَلَمْ يَدْخُل الْأَرْض الْمُقَدَّسَة مَعَ يُوشَع إِلَّا أَوْلَادهمْ، وَلَمْ يَدْخُلهَا مَعَهُ أَحَد مِمَّنْ اِمْتَنَعَ أَوَّلًا أَنْ يَدْخُلهَا , وَمَاتَ هَارُون ثُمَّ مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام قَبْل فَتْح الْأَرْض الْمُقَدَّسَة، فَكَأَنَّ مُوسَى لَمَّا لَمْ يَتَهَيَّأ لَهُ دُخُولهَا لِغَلَبَةِ الْجَبَّارِينَ عَلَيْهَا , وَلَا يُمْكِن نَبْشه بَعْد ذَلِكَ لِيُنْقَلَ إِلَيْهَا , طَلَبَ الْقُرْب مِنْهَا , لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْء يُعْطَى حُكْمه وَقِيلَ: إِنَّمَا طَلَبَ مُوسَى الدُّنُوّ , لِأَنَّ النَّبِيّ يُدْفَن حَيْثُ يَمُوت , وَلَا يُنْقَل،
وَفِيهِ نَظَر , لِأَنَّ مُوسَى قَدْ نَقَلَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام مَعَهُ لَمَّا خَرَجَ مِنْ مِصْر، وَهَذَا كُلّه بِنَاء عَلَى الِاحْتِمَال الثَّانِي , وَالله أَعْلَم. وَاخْتُلِفَ فِي جَوَاز نَقْل الْمَيِّت مِنْ بَلَد إِلَى بَلَد، فَقِيلَ: يُكْرَه لِمَا فِيهِ مِنْ تَأخِير دَفْنه , وَتَعْرِيضه لِهَتْكِ حُرْمَته،
وَقِيلَ: يُسْتَحَبّ، وَالْأَوْلَى تَنْزِيل ذَلِكَ عَلَى حَالَتَيْنِ: فَالْمَنْع حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَرَض رَاجِح كَالدَّفْنِ فِي الْبِقَاع الْفَاضِلَة، وَتَخْتَلِف الْكَرَاهَة فِي ذَلِكَ , فَقَدْ تَبْلُغ التَّحْرِيم، وَالِاسْتِحْبَاب , حَيْثُ يَكُون ذَلِكَ بِقُرْبِ مَكَان فَاضِل , كَمَا نَصَّ الشَّافِعِيّ عَلَى اِسْتِحْبَاب نَقْل الْمَيِّت إِلَى الْأَرْض الْفَاضِلَة , كَمَكَّة وَغَيْرهَا. وَالله أَعْلَم. فتح الباري (ج ٤ / ص ٤٠٤)
(٢٠) (خ) ١٢٧٤ , (م) ٢٣٧٢
(٢١) (حم) ١٠٩١٧ , (ك) ٤١٠٧
(٢٢) أَيْ: هناك.
(٢٣) (خ) ٣٢٢٦ , (م) ٢٣٧٢
(٢٤) وَقَدْ اُشْتُهِرَ عَنْ قَبْرٍ بِأَريحَاءَ عِنْدَهُ كَثِيبٌ أَحْمَرُ أَنَّهُ قَبْرُ مُوسَى، وَأَريحَاءُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَوَلَّوْا دَفْنَ مُوسَى وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ عَاشَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً. فتح الباري (ج١٠ص٢٠٤)
(٢٥) (خ) ١٢٧٤ , (م) ٢٣٧٢
(٢٦) أَيْ: ملك الموت.
(٢٧) (ك) ٤١٠٧ , (حم) ١٠٩١٧
(٢٨) قَالَ اِبْنُ خُزَيْمَةَ: أَنْكَرَ بَعْضُ الْمُبْتَدَعَةِ هَذَا الْحَدِيثَ , وَقَالُوا: إِنْ كَانَ مُوسَى عَرَفَهُ , فَقَدْ اِسْتَخَفَّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْرِفْهُ فَكَيْفَ لَمْ يُقْتَصَّ لَهُ مِنْ فَقْءِ عَيْنِهِ؟ , وَالْجَوَابُ: أَنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْ مَلَكَ الْمَوْتِ لِمُوسَى وَهُوَ يُرِيدُ قَبْضَ رُوحِهِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا بَعَثَهُ إِلَيْهِ اِخْتِبَارًا , وَإِنَّمَا لَطَمَ مُوسَى مَلَكَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ رَأَى آدَمِيًّا دَخَلَ دَارَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ , وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ، وَقَدْ أَبَاحَ الشَّارِعُ فَقْءَ عَيْنِ النَّاظِرِ فِي دَارِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ إِذْنٍ , وَقَدْ جَاءَتْ الْمَلَائِكَةُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِلَى لُوطٍ فِي صُورَةِ آدَمِيِّينَ فَلَمْ يَعْرِفَاهُمْ اِبْتِدَاءً وَلَوْ عَرَفَهُمْ إِبْرَاهِيمُ لَمَا قَدَّمَ لَهُمْ الْمَأكُولَ، وَلَوْ عَرَفَهُمْ لُوطٌ لَمَا خَافَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْمِهِ.
وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ عَرَفَهُ , فَمِنْ أَيْنَ لِهَذَا الْمُبْتَدِعِ مَشْرُوعِيَّةُ الْقِصَاصِ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْبَشَرِ؟ , ثُمَّ مِنْ أَيْنَ لَهُ أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ طَلَبَ الْقِصَاصَ مِنْ مُوسَى , فَلَمْ يَقْتَصَّ لَهُ؟.
وَزَادَ الْخَطَّابِيُّ: أَنَّ مُوسَى دَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ لِمَا رُكِّبَ فِيهِ مِنْ الْحِدَّةِ، وَأَنَّ اللهَ رَدَّ عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ لِيَعْلَمَ مُوسَى أَنَّهُ جَاءَهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ , فَلِهَذَا اِسْتَسْلَمَ حِينَئِذٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّمَا لَطَمَهُ لِأَنَّهُ جَاءَ لِقَبْضِ رُوحِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخَيِّرَهُ، لِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ، فَلِهَذَا لَمَّا خَيَّرَهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ أَذْعَنَ.
وَفِيهِ نَظَرٌ , لِأَنَّهُ يَعُودُ أَصْلُ السُّؤَالِ , فَيُقَالُ: لِمَ أَقْدَمَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَى قَبْضِ نَبِيِّ اللهِ , وَأَخَلَّ بِالشَّرْطِ؟.
فَيَعُودُ الْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ اِمْتِحَانًا , وَرَدَّ اللهُ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ عَيْنَهُ الْبَشَرِيَّةَ , لِيَرْجِعَ إِلَى مُوسَى عَلَى كَمَالِ الصُّورَةِ , فَيَكُونُ ذَلِكَ أَقْوَى فِي اِعْتِبَارِهِ.
وَفِيهِ أَنَّ الْمَلَكَ يَتَمَثَّلُ بِصُورَةِ الْإِنْسَانِ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ.
وَفِيهِ فَضْلُ الدَّفْنِ فِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ. فتح الباري (ج١٠ص٢٠٤)