للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(م د جة) , وَعَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (" إِنَّ اللهَ تَعَالَى زَوَى لِي الْأَرْضَ (١) فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا , وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا (٢) وَإِنِّي أُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ: الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ) (٣) (- يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ (٤) - وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي ثَلَاثًا: أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِي جُوعًا فَيُهْلِكَهُمْ بِهِ) (٥) (وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ (٦) فَيَسْتَبِيحَ (٧) بَيْضَتَهُمْ (٨)) (٩) (وَأَنْ لَا يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا (١٠) وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأسَ بَعْضٍ) (١١) (فَقَالَ لِي رَبِّي: يَا مُحَمَّدُ , إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً , فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ (١٢) وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ) (١٣) (أَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ جُوعًا فَأُهْلِكَهُمْ بِهِ (١٤)) (١٥) (وَلَنْ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ , وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا (١٦) حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا (١٧) وَيَسْبِيَ (١٨) بَعْضُهُمْ بَعْضًا) (١٩) (وَإِنِّي لَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي إِلَّا الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ (٢٠) وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي , لَمْ يُرْفَعْ عَنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (٢١) ") (٢٢)


(١) أَيْ: جَمَعَهَا لِأَجْلِي , يُرِيدُ بِهِ تَقْرِيبَ الْبَعِيدِ مِنْهَا، حَتَّى اطَّلَعَ عَلَيْهِ اِطِّلَاعَهُ عَلَى الْقَرِيبِ مِنْهَا. (النووي ج٩ص٢٦٨)
(٢) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مُلْكَ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَكُونُ مُعْظَمُ اِمْتِدَادِهِ فِي جِهَتَيْ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِب، وَهَكَذَا وَقَعَ , وَأَمَّا فِي جِهَتَيْ الْجَنُوبِ وَالشِّمَالِ , فَقَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب. (النووي - ج ٩ / ص ٢٦٨)
(٣) (م) ٢٨٨٩
(٤) قَالَ الْعُلَمَاء: الْمُرَاد بِالْكَنْزَيْنِ: الذَّهَب وَالْفِضَّة، وَالْمُرَاد: كَنْزَيْ كِسْرَى وَقَيْصَر مَلِكَيْ الْعِرَاقِ وَالشَّام. (النووي - ج ٩ / ص ٢٦٨)
(٥) (جة) ٣٩٥٢ , (م) ٢٨٨٩
(٦) أَيْ: الْكُفَّارُ.
(٧) أَيْ: يَسْتَأصِلُ.
(٨) أَيْ: جَمَاعَتَهُمْ وَأَصْلَهُمْ، وَالْبَيْضَةُ أَيْضًا: الْعِزُّ وَالْمُلْك. النووي (٩/ ٢٦٨)
وقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ: أَيْ: مُجْتَمَعَهُمْ وَمَوْضِعَ سُلْطَانِهِمْ، وَمُسْتَقَرَّ دَعْوَتِهِمْ، وَبَيْضَةُ الدَّارِ: وَسَطُهَا وَمُعْظَمُهَا، أَرَادَ: عَدُوًّا يَسْتَأصِلُهُمْ وَيُهْلِكُهُمْ جَمِيعَهُمْ، قِيلَ: أَرَادَ إِذَا أُهْلِكَ أَصْلُ الْبَيْضَةِ , كَانَ هَلَاكُ كُلِّ مَا فِيهَا مِنْ طَعِمٍ أَوْ فَرْخٍ , وَإِذَا لَمْ يُهْلِكْ أَصْلَ الْبَيْضَةِ , سَلِمَ بَعْضُ فِرَاخِهَا. تحفة الأحوذي (٥/ ٤٦٨)
(٩) (م) ٢٨٨٩ , (ت) ٢١٧٦
(١٠) الشِّيَع: الفِرَق والجماعات.
(١١) (جة) ٣٩٥٢
(١٢) قال ابن أبي عاصم في كتابه (السنة ح٢٨٧): وَسَمِعْتُ حَامِدًا - وَكَانَ مِمَّا يُنْسَبُ إِلَى مِعْرِفَةٍ بِالْكَلَامِ وَالْفِقْهِ - قَالَ: مَا عَلَى أَهْلِ الْقَدَرِ حَدِيثٌ أَشَدَّ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى مَنَعَهُ الثَّالِثَةَ، لِأَنَّ مِنْ إِرَادَةِ اللهِ أَنْ يُهْلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَسْبِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ قَضَى ذَلِكَ , وَإِنَّهُ كَائِنٌ. أ. هـ
قَالَ الْمُظْهِرُ: اِعْلَمْ أَنَّ لِلهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ قَضَاءَيْنِ: مُبْرَمًا , وَمُعَلَّقًا بِفِعْلٍ،
كَمَا قَالَ: إِنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ , فَلَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا , مِنْ قَبِيلِ مَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ , كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: {يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} , وَأَمَّا الْقَضَاءُ الْمُبْرَمُ, فَهُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا قَدَّرَهُ سُبْحَانَهُ فِي الْأَزَلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَلِّقَهُ بِفِعْلٍ فَهُوَ فِي الْوُقُوعِ نَافِذٌ غَايَةَ النَّفَاذِ، بِحَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ بِحَالَةٍ , وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُقْضَى عَلَيْهِ، وَلَا الْمَقْضِيِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عِلْمِهِ بِمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، وَخِلَافُ مَعْلُومِهِ مُسْتَحِيلٌ قَطْعًا، وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ , قَالَ تَعَالَى:
{لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} , فَقَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: " إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَلَا يُرَدُّ " مِنْ الْقَبِيلِ الثَّانِي وَلِذَلِكَ لَمْ يُجَبْ إِلَيْهِ، وَفِيهِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مُسْتَجَابُو الدَّعْوَةِ إِلَّا فِي مِثْلِ هَذَا. تحفة الأحوذي - (ج ٥ / ص ٤٦٨)
(١٣) (م) ٢٨٨٩
(١٤) بَلْ إِنْ وَقَعَ قَحْط , فَيَكُون فِي نَاحِيَةٍ يَسِيرَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي بِلَادِ الْإِسْلَام , فَلِلهِ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ عَلَى جَمِيعِ نِعَمِه. (النووي - ج ٩ / ص ٢٦٨)
(١٥) (جة) ٣٩٥٢
(١٦) أَيْ: نَوَاحِي الْأَرْض.
(١٧) أَيْ: بِالْحَرْبِ وَالْقَتْلِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَذَابِ الله , لَكِنْ أَخَفَّ مِنْ الِاسْتِئْصَال , وَفِيهِ لِلْمُؤْمِنِينَ كَفَّارَة. (فتح) - (ج ٢٠ / ص ٣٧١)
(١٨) أَيْ: يَأسِرُ.
(١٩) (م) ٢٨٨٩ , (ت) ٢١٧٦
(٢٠) أَيْ: الدَّاعِينَ إِلَى الْبِدَعِ , وَالْفِسْقِ , وَالْفُجُور.
(٢١) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَد , يَكُونُ فِي بَلَدٍ آخَر , وَقَدْ ابْتُدِئَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ وَهَلُمَّ جَرًّا , لَا يَخْلُو عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْأُمَّة , وَالْحَدِيثُ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأسَ بَعْضٍ} عون المعبود (ج ٩ / ص ٢٩٢)
(٢٢) (د) ٤٢٥٢ , (ت) ٢٢٠٢ , ٢٢٢٩ , انظر الصَّحِيحَة: ١٥٨٢