للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م ت حم) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: (لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -) (١) (جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَبِي بَكْرٍ) (٢) (تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ (٣) وَفَدَكٍ (٤) وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ) (٥) (فَقَالَتْ لِأَبِي بَكْرٍ: مَنْ يَرِثُكَ؟ , قَالَ: أَهْلِي وَوَلَدِي , قَالَتْ: فَمَا لِي لَا أَرِثُ أَبِي؟ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:) (٦) (" إِنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ) (٧) (لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمَئُونَةِ عَامِلِي (٨) فَهُوَ صَدَقَةٌ) (٩) (إِنَّمَا يَأكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْمَالِ - يَعْنِي: مَالَ اللهِ - لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأكَلِ ") (١٠) (فَقَالَتْ فَاطِمَةُ لِأَبِي بَكْرٍ: فَأَيْنَ سَهْمُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " إِنَّ اللهَ - عز وجل - إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً (١١) ثُمَّ قَبَضَهُ , فَهِيَ لِلَّذِي يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ (١٢) " , فَرَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) (١٣) (وَإِنِّي وَاللهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) (١٤) (فَأَعُولُ مَنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعُولُهُ , وَأُنْفِقُ عَلَى مَنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْفِقُ عَلَيْهِ) (١٥) (فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ (١٦)) (١٧) (وَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا) (١٨) (فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: فَأَنْتَ وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمُ) (١٩) (وَغَضِبَتْ) (٢٠) (عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ (٢١) وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّةَ أَشْهُرٍ , فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ) (٢٢) (لَمْ يُؤْذِنْ عَلِيٌّ - رضي الله عنه - بِهَا أَبَا بَكْرٍ , وَصَلَّى عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَدَفَنَهَا لَيْلًا (٢٣) وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنْ النَّاسِ وَجْهٌ فِي حَيَاةِ فَاطِمَةَ (٢٤) فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ , فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ , وَلَمْ يَكُنْ بَايِعَ تِلْكَ الْأَشْهُرَ (٢٥) فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ ائْتِنَا , وَلَا يَأتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ - كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - (٢٦) - فَقَالَ عُمَرُ: لَا وَاللهِ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ (٢٧) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي؟ , وَاللهِ لآتِيَنَّهُمْ , فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ , فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ , إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ وَمَا أَعْطَاكَ اللهُ , وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللهُ إِلَيْكَ (٢٨) وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالْأَمْرِ (٢٩) وَكُنَّا نَرَى) (٣٠) (لَنَا حَقًّا لِقَرَابَتِنَا (٣١) مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (٣٢) فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُ أَبَا بَكْرٍ , حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ , فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ, لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصِلَ قَرَابَتِي وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ (٣٣) مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ (٣٤) فَلَمْ آلُ (٣٥) فِيهَا عَنْ الْحَقِّ , وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ , فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَبِي بَكْرٍ: مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةَ (٣٦) لِلْبَيْعَةِ , فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ صَلَاةَ الظُّهْرَ , رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ (٣٧) فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنْ الْبَيْعَةِ , وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ اسْتَغْفَرَ , فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ , فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ , وَحَدَّثَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ , وَلَا إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللهُ بِهِ , وَلَكِنَّا كُنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ نَصِيبًا , فَاسْتُبِدَّ عَلَيْنَا بِهِ , فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا , فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ , وَقَالُوا: أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ , فَكَانَ النَّاسُ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا (٣٨) حِينَ رَاجَعَ الْأَمْرَ الْمَعْرُوفَ) (٣٩).

الشرح (٤٠)


(١) (حم) ٧٧ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(٢) (ت) ١٦٠٨ , (م) ١٧٥٩
(٣) أَيْ: مِنْ أَمْوَال بَنِي النَّضِير كَالنَّخْلِ , وَكَانَتْ قَرِيبَة مِنْ الْمَدِينَة. عون المعبود (ج ٦ / ص ٤٤٩)
(٤) فَدَك: بَلَدٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ ثَلَاث مَرَاحِلَ، وَكَانَ مِنْ شَأنِهَا مَا ذَكَرَ أَصْحَابُ الْمَغَازِي قَاطِبَةً أَنَّ أَهْل فَدَكَ كَانُوا مِنْ يَهُود، فَلَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَر أَرْسَلَ أَهْلُ فَدَكَ يَطْلُبُونَ مِنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْأَمَانَ , عَلَى أَنْ يَتْرُكُوا الْبَلَدَ وَيَرْحَلُوا.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ اِبْن إِسْحَاق عَنْ الزُّهْرِيِّ وَغَيْره قَالُوا: " بَقِيَتْ بَقِيَّة مِنْ خَيْبَرَ تَحَصَّنُوا، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ وَيُسَيِّرَهُمْ فَفَعَلَ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ أَهْل فَدَكَ فَنَزَلُوا عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، وَكَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّة ".فتح (٩/ ٣٤٥)
(٥) (خ) ٣٩٩٨ , (م) ١٧٥٩
(٦) (ت) ١٦٠٨
(٧) (حم) ٩٩٧٣ , (خ) ٣٥٠٨ , وقال الأرناءوط: إسناده صحيح.
(٨) قِيلَ: هُوَ الْقَائِمُ عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَات، وَالنَّاظِرُ فِيهَا، وَقِيلَ: كُلُّ عَامِل لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ خَلِيفَةٍ وَغَيْره؛ لِأَنَّهُ عَامِلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَائِبٌ عَنْهُ فِي أُمَّته.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض فِي تَفْسِير صَدَقَاتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَذْكُورَة فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث , قَالَ: صَارَتْ إِلَيْهِ بِثَلَاثَةِ حُقُوق: أَحَدُهَا: مَا وُهِبَ لَهُ - صلى الله عليه وسلم - وَذَلِكَ وَصِيَّةُ مُخَيْرِيق الْيَهُودِيّ لَهُ عِنْد إِسْلَامِهِ يَوْم أُحُد، وَكَانَتْ سَبْعَ حَوَائِطَ فِي بَنِي النَّضِير، وَمَا أَعْطَاهُ الْأَنْصَارُ مِنْ أَرْضِهِمْ , وَهُوَ مَا لَا يَبْلُغهُ الْمَاء، وَكَانَ هَذَا مِلْكًا لَهُ - صلى الله عليه وسلم -. الثَّانِي: حَقُّهُ مِنْ الْفَيْءِ مِنْ أَرْضِ بَنِي النَّضِير حِين أَجْلَاهُمْ , كَانَتْ لَهُ خَاصَّة، لِأَنَّهَا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَاب، وَأَمَّا مَنْقُولَاتُ بَنِي النَّضِير , فَحَمَلُوا مِنْهَا مَا حَمَلَتْهُ الْإِبِلُ غَيْرَ السِّلَاحِ كَمَا صَالَحَهُمْ، ثُمَّ قَسَمَ - صلى الله عليه وسلم - الْبَاقِي بَيْن الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَتْ الْأَرْضُ لِنَفْسِهِ، وَيُخْرِجُهَا فِي نَوَائِب الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ نِصْفُ أَرْضِ فَدَك، صَالَحَ أَهْلهَا بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ عَلَى نِصْفِ أَرْضهَا، وَكَانَ خَالِصًا لَهُ، وَكَذَلِكَ ثُلُثُ أَرْضِ وَادِي الْقُرَى، أَخَذَهُ فِي الصُّلْحِ حِين صَالَحَ أَهْلُهَا الْيَهُود. وَكَذَلِكَ حِصْنَانِ مِنْ حُصُونِ خَيْبَر، وَهُمَا الْوَطِيخ , وَالسَّلَالِم، أَخَذَهُمَا صُلْحًا. الثَّالِث: سَهْمُهُ مِنْ خُمُسِ خَيْبَر، وَمَا افْتَتَحَ فِيهَا عَنْوَة , فَكَانَتْ هَذِهِ كُلُّهَا مِلْكًا لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّة , لَا حَقَّ فِيهَا لِأَحَدٍ غَيْره، لَكِنْ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لَا يَسْتَأثِرُ بِهَا , بَلْ يُنْفِقهَا عَلَى أَهْلِهِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَلِلْمَصَالِحِ الْعَامَّة، وَكُلُّ هَذِهِ صَدَقَاتٌ مُحَرَّمَاتُ التَّمَلُّكِ بَعْدَه. شرح النووي على مسلم - (ج ٦ / ص ٢١١)
(٩) (خ) ٢٦٢٤ , (حم) ٩٩٨٢
(١٠) (خ) ٣٥٠٨ , (م) ١٧٥٩
(١١) أَيْ: مَأكَلَة، وَالْمُرَاد الْفَيْء وَنَحْوه. عون المعبود - (ج ٦ / ص ٤٥٢)
(١٢) أَيْ: بِالْخِلَافَةِ , أَيْ يَعْمَل فِيهَا مَا كَانَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْمَل , لَا أَنَّهَا تَكُون لَهُ مِلْكًا. عون المعبود - (ج ٦ / ص ٤٥٢)
(١٣) (حم) ١٤ , (د) ٢٩٧٣
(١٤) (خ) ٣٩٩٨ , (م) ١٧٥٩
(١٥) (ت) ١٦٠٨
(١٦) الزيغ: البعد عن الحق، والميل عن الاستقامة.
(١٧) (خ) ٢٩٢٦ , (م) ١٧٥٩
(١٨) (خ) ٣٩٩٨ , (م) ١٧٥٩
(١٩) (حم) ١٤
(٢٠) (خ) ٢٩٢٦
(٢١) قال الألباني في الإرواء: ج٥ ص٧٧ ح١٢٤١: قال الحافظ ابن كثير في " تاريخه " (٥/ ٢٨٩): " فَفِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ غَرَابَةٌ وَنَكَارَةٌ، وَلَعَلَّهُ روي بمعنى ما فهمه بعض الرواة، وفيهم مَنْ فِيهِ تَشَيُّعٌ , فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ.
وَأَحْسَنُ مَا فِيهِ قَوْلُهَا: " أَنْتَ وَمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " , وَهَذَا هُوَ الصواب والمظنون بِهَا، وَاللَّائِقُ بِأَمْرِهَا وَسِيَادَتِهَا وَعِلْمِهَا وَدِينِهَا) بسم الله الرحمن الرحيم - صلى الله عليه وآله وسلم - - رضي الله عنهم - سدد خطاكم - رضي الله عنها - - رضي الله عنها - - صلى الله عليه وسلم - - صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - صلى الله عليه وسلم - سدد خطاكم).
وَكَأَنَّهَا سَأَلَتْهُ بَعْدَ هَذَا أَنْ يَجْعَلَ زَوْجَهَا نَاظِرًا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَةِ , فَلَمْ يُجِبْهَا إِلَى ذَلِكَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ، فَتَعَتَّبَتْ عَلَيْهِ بسبب ذلك , وهي امرأة من بنات آدَمَ , تَأسَفُ كَمَا يَأسَفُونَ , وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةِ الْعِصْمَةِ , مَعَ وُجُودِ نَصِّ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمُخَالَفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه - وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ أنه تَرَضَّا فَاطِمَةَ وَتَلَايَنَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا فَرَضِيَتْ) بسم الله الرحمن الرحيم - صلى الله عليه وآله وسلم - - رضي الله عنهم - سدد خطاكم - رضي الله عنها - - رضي الله عنها - - صلى الله عليه وسلم - - صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - صلى الله عليه وسلم - سدد خطاكم) ". أ. هـ
(٢٢) (خ) ٣٩٩٨ , (م) ١٧٥٩
(٢٣) كَانَ ذَلِكَ بِوَصِيَّةٍ مِنْهَا لِإِرَادَةِ الزِّيَادَةِ فِي التَّسَتُّرِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يُعْلِمْ أَبَا بَكْر بِمَوْتِهَا لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَنْهُ. فتح الباري (ج ١٢ / ص ٥٥)
(٢٤) أَيْ: كَانَ النَّاس يَحْتَرِمُونَهُ إِكْرَامًا لِفَاطِمَة، فَلَمَّا مَاتَتْ وَاسْتَمَرَّ عَلَى عَدَمِ الْحُضُورِ عِنْدَ أَبِي بَكْر , قَصَرَ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ الِاحْتِرَامِ , لِإِرَادَةِ دُخُولِهِ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ، وَلِذَلِكَ قَالَتْ عَائِشَةُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: " لَمَّا جَاءَ وَبَايَعَ كَانَ النَّاس قَرِيبًا إِلَيْهِ حِين رَاجَعَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ " , وَكَأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْذِرُونَهُ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ أَبِي بَكْر فِي مُدَّةِ حَيَاةِ فَاطِمَةَ , لِشَغْلِهِ بِهَا , وَتَمْرِيضِهَا , وَتَسْلِيَتِهَا عَمَّا هِيَ فِيهِ مِنْ الْحُزْنِ عَلَى أَبِيهَا - صلى الله عليه وسلم - لِأَنَّهَا لَمَّا غَضِبَتْ مِنْ رَدِّ أَبِي بَكْرٍ عَلَيْهَا فِيمَا سَأَلَتْهُ مِنْ الْمِيرَاثِ , رَأَى عَلِيٌّ أَنْ يُوَافِقَهَا فِي الِانْقِطَاعِ عَنْهُ. فتح الباري (١٢/ ٥٥)
(٢٥) قَالَ الْمَازِرِيّ: الْعُذْرُ لِعَلِيٍّ فِي تَخَلُّفِهِ مَعَ مَا اِعْتَذَرَ هُوَ بِهِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي بَيْعَةِ الْإِمَامِ أَنْ يَقَعَ مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ , وَلَا يَجِب الِاسْتِيعَاب، وَلَا يَلْزَمُ كُلُّ أَحَدٍ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَهُ , وَيَضَع يَدَهُ فِي يَدِهِ، بَلْ يَكْفِي اِلْتِزَامُ طَاعَتِهِ وَالِانْقِيَادُ لَهُ , بِأَنْ لَا يُخَالِفَهُ , وَلَا يَشُقَّ الْعَصَا عَلَيْهِ، وَهَذَا كَانَ حَالُ عَلِيٍّ , لَمْ يَقَعْ مِنْهُ إِلَّا التَّأَخُّرُ عَنْ الْحُضُورِ عِنْدَ أَبِي بَكْر، وَقَدْ ذَكَرْتُ سَبَبَ ذَلِكَ. فتح الباري (١٢/ ٥٥)
(٢٦) وَالسَّبَب فِي ذَلِكَ مَا أَلِفُوهُ مِنْ قُوَّةِ عُمَرَ وَصَلَابَتِهِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَكَانَ أَبُو بَكْر رَقِيقًا لَيِّنًا، فَكَأَنَّهُمْ خَشَوا مِنْ حُضُورِ عُمَرَ كَثْرَةَ الْمُعَاتَبَةِ الَّتِي قَدْ تُفْضِي إِلَى خِلَافِ مَا قَصَدُوهُ مِنْ الْمُصَافَاةِ. فتح الباري (ج ١٢ / ص ٥٥)
(٢٧) أَيْ: لِئَلَّا يَتْرُكُوا مِنْ تَعْظِيمك مَا يَجِب لَك. فتح الباري (ج ١٢ / ص ٥٥)
(٢٨) أَيْ: لَمْ نَحْسُدْك عَلَى الْخِلَافَة. (فتح) - (ج ١٢ / ص ٥٥)
(٢٩) أَيْ: لَمْ تُشَاوِرْنَا، وَالْمُرَادُ بِالْأَمْرِ الْخِلَافَةُ. فتح الباري (ج ١٢ / ص ٥٥)
(٣٠) (خ) ٣٩٩٨ , ٣٥٠٨ , (م) ١٧٥٩
(٣١) أَيْ: لِأَجْلِ قَرَابَتنَا. فتح الباري (ج ١٢ / ص ٥٥)
(٣٢) قَالَ الْمَازِرِيّ: وَلَعَلَّ عَلِيًّا أَشَارَ إِلَى أَنَّ أَبَا بَكْر اِسْتَبَدَّ عَلَيْهِ بِأُمُورٍ عِظَامٍ كَانَ مِثْلُهُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْضِرَهُ فِيهَا وَيُشَاوِرَهُ، أَوْ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَشِرْهُ فِي عَقْدِ الْخِلَافَةِ لَهُ أَوَّلًا، وَالْعُذْرُ لِأَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ خَشِيَ مِنْ التَّأَخُّرِ عَنْ الْبَيْعَةِ الِاخْتِلَافَ , لِمَا كَانَ وَقَعَ مِنْ الْأَنْصَارِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ السَّقِيفَةِ فَلَمْ يَنْتَظِرُوهُ. فتح الباري (١٢/ ٥٥)
(٣٣) أَيْ: وَقَعَ مِنْ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَازُعِ. (فتح) - (ج ١٢ / ص ٥٥)
(٣٤) أَيْ: الَّتِي تَرَكَهَا النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ وَغَيْرِهَا.
(٣٥) أَيْ: لَمْ أُقَصِّرْ.
(٣٦) أَيْ: بَعْدَ الزَّوَالِ. (فتح) - (ج ١٢ / ص ٥٥)
(٣٧) أَيْ: عَلَاهُ. فتح الباري (ج ١٢ / ص ٥٥)
(٣٨) أَيْ: كَانَ وُدُّهُمْ لَهُ قَرِيبًا. (فتح) - (ج ١٢ / ص ٥٥)
(٣٩) (م) ١٧٥٩ , (خ) ٣٩٩٨
(٤٠) أَيْ: مِنْ الدُّخُولِ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاس.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: مَنْ تَأَمَّلَ مَا دَارَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ مِنْ الْمُعَاتَبَةِ وَمِنْ الِاعْتِذَارِ , وَمَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ مِنْ الْإِنْصَافِ , عَرَفَ أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ يَعْتَرِفُ بِفَضْلِ الْآخَرِ، وَأَنَّ قُلُوبَهُمْ كَانَتْ مُتَّفِقَةً عَلَى الِاحْتِرَام وَالْمَحَبَّة، وَإِنْ كَانَ الطَّبْعُ الْبَشَرِيُّ قَدْ يَغْلِبُ أَحْيَانًا , لَكِنَّ الدِّيَانَةَ تَرُدُّ ذَلِكَ , وَاللهُ الْمُوَفِّقُ.
وَقَدْ تَمَسَّكَ الرَّافِضَةُ بِتَأَخُّرِ عَلِيٍّ عَنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْر إِلَى أَنْ مَاتَتْ فَاطِمَة، وَهَذَيَانُهُمْ فِي ذَلِكَ مَشْهُور , وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدْفَعُ فِي حُجَّتِهمْ.
وَقَدْ صَحَّحَ اِبْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ وَغَيْرِه أَنَّ عَلِيًّا بَايَعَ أَبَا بَكْر فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي مُسْلِم " عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: لَمْ يُبَايِعْ عَلِيٌّ أَبَا بَكْرٍ حَتَّى مَاتَتْ فَاطِمَة، قَالَ: لَا , وَلَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِم ". فَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يُسْنِدْهُ، وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الْمَوْصُولَةَ عَنْ أَبِي سَعِيد أَصَحّ، وَجَمَعَ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ بَايَعَهُ بَيْعَةً ثَانِيَةً مُؤَكِّدَةً لِلْأُولَى , لِإِزَالَةِ مَا كَانَ وَقَعَ بِسَبَبِ الْمِيرَاثِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ " لَمْ يُبَايِعهُ عَلِيٌّ فِي تِلْكَ الْأَيَّام " عَلَى إِرَادَةِ الْمُلَازَمَةِ لَهُ , وَالْحُضُورِ عِنْدَهُ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّ فِي اِنْقِطَاع مِثْلِهِ عَنْ مِثْلِهِ مَا يُوهِمُ مَنْ لَا يَعْرِفُ بَاطِنَ الْأَمْرِ أَنَّهُ بِسَبَبِ عَدَمِ الرِّضَا بِخِلَافَتِهِ , فَأَطْلَقَ مَنْ أَطْلَقَ ذَلِكَ، وَبِسَبَبِ ذَلِكَ أَظْهَر عَلِيٌّ الْمُبَايَعَةَ الَّتِي بَعْدَ مَوْتِ فَاطِمَةَ) بسم الله الرحمن الرحيم - صلى الله عليه وآله وسلم - - رضي الله عنهم - سدد خطاكم - رضي الله عنها - - رضي الله عنها - - صلى الله عليه وسلم - - صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - صلى الله عليه وسلم - سدد خطاكم) لِإِزَالَةِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ. فتح الباري (١٢/ ٥٥)