للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(م) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِي أَيِّ شَيْءٍ قَتَلَ، وَلَا الْمَقْتُولُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قُتِلَ " , فَقِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟، قَالَ: " الْهَرْجُ , الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ" (١)

الشرح (٢)


(١) (م) ٢٩٠٨
(٢) اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى وُجُوبِ مَنْعِ الطَّعْنِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ , وَلَوْ عَرَفَ الْمُحِقَّ مِنْهُمْ , لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَاتِلُوا فِي تِلْكَ الْحُرُوبِ إِلَّا عَنْ اِجْتِهَاد , وَقَدْ عَفَا اللهُ تَعَالَى عَنْ الْمُخْطِئِ فِي الِاجْتِهَاد، بَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ يُؤْجَرُ أَجْرًا وَاحِدًا , وَأَنَّ الْمُصِيبَ يُؤْجَرُ أَجْرَيْنِ. وَحُمِلَ الْوَعِيدُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَنْ قَاتَلَ بِغَيْرِ تَأوِيلٍ سَائِغ , بَلْ بِمُجَرَّدِ طَلَبِ الْمُلْك، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَنْعُ أَبِي بَكْرَة الْأَحْنَفَ مِنْ الْقِتَالِ مَعَ عَلِيّ , لِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ عَنْ اِجْتِهَادٍ مِنْ أَبِي بَكْرَة , أَدَّاهُ إِلَى الِامْتِنَاع وَالْمَنْع , اِحْتِيَاطًا لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ نَصَحَهُ.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: فَبَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ الْقِتَالَ إِذَا كَانَ عَلَى جَهْلٍ مِنْ طَلَبٍ للدُّنْيَا , أَوْ اِتِّبَاعٍ للهَوًى , فَهُوَ الَّذِي أُرِيدَ بِقَوْلِهِ " الْقَاتِل وَالْمَقْتُول فِي النَّار ".
قُلْت: وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الَّذِينَ تَوَقَّفُوا عَنْ الْقِتَال فِي الْجَمَلِ وَصِفِّينَ , أَقَلُّ عَدَدًا مِنْ الَّذِينَ قَاتَلُوا، وَكُلُّهُمْ مُتَأَوِّلٌ مَأجُورٌ إِنْ شَاءَ الله، بِخِلَافِ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ مِمَّنْ قَاتَلَ عَلَى طَلَبِ الدُّنْيَا. فتح الباري (ج ٢٠ / ص ٨٧)