للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(حم) , وَعَنْ أُمِّ ذَرٍّ - رضي الله عنها - قَالَتْ: (لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا ذَرٍّ - رضي الله عنه - الْوَفَاةُ) (١) (وَهُوَ بِالرَّبَذَةِ) (٢) (بَكَيْتُ , فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ , فَقُلْتُ: وَمَا لِي لَا أَبْكِي وَأَنْتَ تَمُوتُ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ , وَلَا يَدَ لِي بِدَفْنِكَ , وَلَيْسَ عِنْدِي ثَوْبٌ يَسَعُكَ فَأُكَفِّنَكَ فِيهِ , قَالَ: فلَا تَبْكِي وَأَبْشِرِي , فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ) (٣) (ذَاتَ يَوْمٍ وَأَنَا عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ: " لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ , يَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ" قَالَ: فَكُلُّ مَنْ كَانَ مَعِي فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ مَاتَ) (٤) (فِي قَرْيَةٍ , أَوْ جَمَاعَةٍ) (٥) (فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ غَيْرِي، وَقَدْ أَصْبَحْتُ بِالْفَلَاةِ أَمُوتُ، فَرَاقِبِي الطَّرِيقَ، فَإِنَّكِ سَوْفَ تَرَيْنَ مَا أَقُولُ، فَإِنِّي وَاللهِ مَا كَذَبْتُ , وَلَا كُذِبْتُ , فَقَالَتْ: وَأَنَّى ذَلِكَ وَقَدْ انْقَطَعَ الْحَاجُّ؟ , قَالَ: رَاقِبِي الطَّرِيقَ , قَالَ: فَبَيْنَمَا هِيَ كَذَلِكَ , إِذَا هِيَ بِالْقَوْمِ تَخُدُّ بِهِمْ رَوَاحِلُهُمْ , كَأَنَّهُمْ الرَّخَمُ (٦) فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ حَتَّى وَقَفُوا عَلَيْهَا , فَقَالُوا: مَا لَكِ؟ , قَالَتْ: امْرُؤٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تُكَفِّنُونَهُ وَتُؤْجَرُونَ فِيهِ , قَالُوا: وَمَنْ هُوَ؟ , قَالَتْ: أَبُو ذَرٍّ، فَفَدَوْهُ بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، وَوَضَعُوا سِيَاطَهُمْ فِي نُحُورِهَا يَبْتَدِرُونَهُ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَبْشِرُوا , أَنْتُمْ النَّفَرُ الَّذِينَ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيكُمْ مَا قَالَ، أَبْشِرُوا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " مَا مِنْ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ هَلَكَ بَيْنَهُمَا وَلَدَانِ أَوْ ثَلَاثةٌ , فَاحْتَسَبَا وَصَبَرَا , فَيَرَيَانِ النَّارَ أَبَدًا " , ثُمَّ قَدْ أَصْبَحْتُ الْيَوْمَ حَيْثُ تَرَوْنَ , وَلَوْ أَنَّ ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِي يَسَعُنِي، لَمْ أُكَفَّنْ إِلَّا فِيهِ، فَأَنْشُدُكُمْ اللهَ أَنْ لَا يُكَفِّنَنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ كَانَ أَمِيرًا أَوْ عَرِيفًا (٧) أَوْ بَرِيدًا، قَالَ: فَكُلُّ الْقَوْمِ كَانَ قَدْ نَالَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا , إِلَّا فَتًى مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ مَعَ الْقَوْمِ , قَالَ: أَنَا صَاحِبُكَ، ثَوْبَانِ فِي عَيْبَتِي مِنْ غَزْلِ أُمِّي، وَأَحَدُ ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَيَّ , قَالَ: أَنْتَ صَاحِبِي , فَكَفِّنِّي) (٨).


(١) (حم) ٢١٤١٠، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(٢) (حم) ٢١٥٠٥، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: ٣٣١٤
(٣) (حم) ٢١٤١٠
(٤) (حم) ٢١٥٠٥
(٥) (حم) ٢١٤١٠
(٦) الرَّخَمَةُ طائر أبقع , على شكل النَّسْر خِلْقةً , إلا أنه مُبَقَّعٌ بسواد وبياض , يُقال له: الأَنْوَقُ. لسان العرب (ج١٢ ص٢٣٣)
(٧) الْعَرِيف: هُوَ الْقَيِّم بِأُمُورِ الْقَبِيلَة أَوْ الْجَمَاعَة مِنْ النَّاس , يَلِي أُمُورهمْ , وَيَتَعَرَّف الْأَمِير مِنْهُ أَحْوَالهمْ.
(٨) (حم) ٢١٥٠٥