للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ) , وَعَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: (وَقَعَ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ - رضي الله عنهما -) (١) (شَيْءٌ , فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ , فَقُلْتُ: أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَتُحِلَّ حَرَمَ اللهِ (٢)؟ , فَقَالَ: مَعَاذَ اللهِ , إِنَّ اللهَ كَتَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَبَنِي أُمَيَّةَ مُحِلِّينَ (٣) وَإِنِّي وَاللهِ لَا أُحِلُّهُ أَبَدًا (٤) ثُمَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَقُولُ النَّاسُ: بَايِعْ لِابْنِ الزُّبَيْرِ , فَقُلْتُ: وَأَيْنَ بِهَذَا الْأَمْرِ عَنْهُ (٥) أَمَّا أَبُوهُ , فَحَوَارِيُّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - - يُرِيدُ الزُّبَيْرَ - وَأَمَّا وَأُمُّهُ , فَذَاتُ النِّطَاقَينِ - يُرِيدُ أَسْمَاءَ - وَأَمَّا جَدُّهُ , فَصَاحِبُ الْغَارِ - يُرِيدُ أَبَا بَكْرٍ - وَأَمَّا جَدَّتُهُ , فَعَمَّةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - - يُرِيدُ صَفِيَّةَ - وَأَمَّا خَالَتُهُ , فَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ - يُرِيدُ عَائِشَةَ - وَأَمَّا عَمَّتُهُ , فَزَوْجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - - يُرِيدُ خَدِيجَةَ - ثُمَّ عَفِيفٌ فِي الْإِسْلَامِ , قَارِئٌ لِلْقُرْآنِ , وَاللهِ إِنْ وَصَلُونِي , وَصَلُونِي مِنْ قَرِيبٍ (٦) وَإِنْ رَبُّونِي , رَبُّونِي أَكْفَاءٌ كِرَامٌ) (٧) (فَإِذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّي (٨) وَلَا يُرِيدُ ذَلِكَ (٩)) (١٠) (وَآثَرَ التُّوَيْتَاتِ , وَالْأُسَامَاتِ , وَالْحُمَيْدَاتِ - يُرِيدُ أَبْطُنًا مِنْ بَنِي أَسَدٍ , بَنِي تُوَيْتٍ , وَبَنِي أُسَامَةَ , وَبَنِي أَسَدٍ (١١) - وَإِنَّ ابْنَ أَبِي الْعَاصِ بَرَزَ يَمْشِي الْقُدَمِيَّةَ (١٢) - يَعْنِي عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ- وَإِنَّهُ لَوَّى ذَنَبَهُ (١٣) - يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ-) (١٤) (فَقُلْتُ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي أَعْرِضُ هَذَا مِنْ نَفْسِي فَيَدَعُهُ (١٥) وَمَا أُرَاهُ يُرِيدُ خَيْرًا (١٦) وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ , لَأَنْ يَرُبَّنِي بَنُو عَمِّي (١٧) أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي غَيْرُهُمْ) (١٨).


(١) (خ) ٤٣٨٧
(٢) أَيْ: مِنْ الْقِتَالِ فِي الْحَرَم. فتح الباري (١٣/ ١٠١)
(٣) إِنَّمَا نُسِبَ اِبْن الزُّبَيْر إِلَى ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ هُمْ الَّذِينَ اِبْتَدَءُوهُ بِالْقِتَالِ وَحَصَرُوهُ , وَإِنَّمَا بَدَأَ مِنْهُ أَوَّلًا دَفْعُهُمْ عَنْ نَفْسه , لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ رَدَّهُمْ الله عَنْهُ , حَصَرَ بَنِي هَاشِم لِيُبَايِعُوهُ، فَشَرَعَ فِيمَا يُؤْذِن بِإِبَاحَتِهِ الْقِتَال فِي الْحَرَم. فتح الباري
(٤) وَهَذَا مَذْهَب ابْن عَبَّاس , أَنَّهُ لَا يُقَاتِل فِي الْحَرَم , وَلَوْ قُوتِلَ فِيهِ. فتح (١٣/ ١٠١)
(٥) أَيْ: الْخِلَافَة , أَيْ: لَيْسَتْ بَعِيدَة عَنْهُ , لِمَا لَهُ مِنْ الشَّرَف بِأَسْلَافِهِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ ثُمَّ صِفَته الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ: عَفِيف فِي الْإِسْلَام , قَارِئ لِلْقُرْآنِ. فتح الباري (١٣/ ١٠١)
(٦) أَيْ: بِسَبَبِ الْقَرَابَة. فتح الباري (١٣/ ١٠١)
(٧) (خ) ٤٣٨٨
(٨) أَيْ: يَتَرَفَّعُ عَلَيَّ مُتَنَحِّيًا عَنِّي. فتح الباري (١٣/ ١٠١)
(٩) أَيْ: لَا يُرِيد أَنْ أَكُون مِنْ خَاصَّته. فتح الباري (١٣/ ١٠١)
(١٠) (خ) ٤٣٨٩
(١١) قَالَ الْأَزْرَقِيّ: كَانَ اِبْن الزُّبَيْر إِذَا دَعَا النَّاس فِي الْإِذْن , بَدَأَ بِبَنِي أَسَد عَلَى بَنِي هَاشِم , وَبَنِي عَبْد شَمْس وَغَيْرهمْ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْل اِبْن عَبَّاس: " فَآثَرَ عَلَيَّ التُّوَيْتَات إِلَخْ ". فتح الباري (١٣/ ١٠١)
(١٢) قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره: مَعْنَاهَا التَّبَخْتُر، وَهُوَ مَثَلٌ , يُرِيد أَنَّهُ بَرَزَ يَطْلُب التَّقْدِمَة فِي الشَّرَف وَالْفَضْل. فتح الباري (١٣/ ١٠١)
(١٣) أَيْ: ثَنَاهُ، وَكَنَّى بِذَلِكَ عَنْ تَأَخُّره وَتَخَلُّفه عَنْ مَعَالِي الْأُمُور، وَقِيلَ: كَنَّى بِهِ عَنْ الْجُبْن , وَإِيثَار الدَّعَة , كَمَا تَفْعَل السِّبَاع إِذَا أَرَادَتْ النَّوْم، وَالْأَوَّل أَوْلَى، وَفِي مِثْله قَالَ الشَّاعِر: مَشَى اِبْن الزُّبَيْر الْقَهْقَرَى , وَتَقَدَّمَتْ أُمَيَّةُ حَتَّى أَحْرَزُوا الْقَصَبَات.
وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: الْمَعْنَى أَنَّهُ وَقَفَ , فَلَمْ يَتَقَدَّم وَلَمْ يَتَأَخَّر، وَلَا وَضَعَ الأُمُورَ مَوَاضِعَهَا , فَأَدْنَى النَّاصِح , وَأَقْصَى الْكَاشِح.
وَقَالَ اِبْن التِّين، مَعْنَى " لَوَّى ذَنَبه " لَمْ يَتِمَّ لَهُ مَا أَرَادَهُ , وَفِي رِوَايَة أَبِي مِخْنَفٍ الْمَذْكُورَة " وَأَنَّ اِبْن الزُّبَيْر يَمْشِي الْقَهْقَرَى " وَهُوَ الْمُنَاسِب لِقَوْلِهِ فِي عَبْد الْمَلِك يَمْشِي الْقُدَمِيَّة، وَكَانَ الْأَمْر كَمَا قَالَ اِبْن عَبَّاس، فَإِنَّ عَبْد الْمَلِك لَمْ يزل فِي تَقَدُّمٍ مِنْ أَمْره إِلَى أَنْ اِسْتَنْقَذَ الْعِرَاق مِنْ اِبْن الزُّبَيْر , وَقَتَلَ أَخَاهُ عِلْيَة، ثُمَّ جَهَّزَ الْعَسَاكِر إِلَى اِبْن الزُّبَيْر بِمَكَّة , فَكَانَ مِنْ الْأَمْر مَا كَانَ، وَلَمْ يَزَلْ أَمْر ابْن الزُّبَيْر فِي تَأَخُّر إِلَى أَنْ قُتِلَ - رحمه الله - تَعَالَى. فتح الباري (١٣/ ١٠١)
(١٤) (خ) ٤٣٨٨
(١٥) أَيْ: أَبْدَؤُهُ بِالْخُضُوعِ لَهُ , وَلَا يَرْضَى مِنِّي بِذَلِكَ. فتح الباري (١٣/ ١٠١)
(١٦) أَيْ: لَا يُرِيد أَنْ يَصْنَع بِي خَيْرًا. فتح الباري
(١٧) قَوْله" لَأَنْ يُرَبِّنِي " أَيْ: يَكُون عَلَيَّ رَبًّا , أَيْ: أَمِيرًا.
قَالَ التَّيْمِيُّ: مَعْنَاهُ: لَأَنْ أَكُون فِي طَاعَة بَنِي أُمَيَّة , أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُون فِي طَاعَة بَنِي أَسَد، لِأَنَّ بَنِي أُمَيَّة أَقْرَب إِلَى بَنِي هَاشِم مِنْ بَنِي أَسَد. فتح (١٣/ ١٠١)
(١٨) (خ) ٤٣٨٩