للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م) , عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (" أُهْجُوا قُرَيْشًا، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ، فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ: اهْجُهُمْ "، فَهَجَاهُمْ , فَلَمْ يُرْضِ , " فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ "، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ حَسَّانُ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ (١) ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ (٢) فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ , فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ , لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ (٣) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ": لَا تَعْجَلْ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا , حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِي " , فَأَتَاهُ حَسَّانُ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ لَخَّصَ لِي نَسَبَكَ) (٤) (فَأذَنْ لِي فِي أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -: " كَيْفَ بِقَرَابَتِي مِنْهُ؟ ") (٥) (فَقَالَ حَسَّانُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنْ الْعَجِينِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لِحَسَّانَ: " إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ (٦) عَنْ اللهِ وَرَسُولِهِ , وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: يَقُولُ: هَجَاهُمْ حَسَّانُ , فَشَفَى وَاشْتَفَى (٧) " , قَالَ حَسَّانُ:

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهْ وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا ... رَسُولَ اللهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ

فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا , تُثِيرُ النَّقْعَ (٨) مِنْ كَنَفَيْ كَدَاءِ (٩)

يُبَارِينَ الْأَعِنَّةَ (١٠) مُصْعِدَاتٍ (١١) عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ (١٢)

تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ (١٣) ... تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ (١٤)

فَإِنْ أَعْرَضْتُمُو عَنَّا اعْتَمَرْنَا، وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ

وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ ... يُعِزُّ اللهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ

وَقَالَ اللهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا ... يَقُولُ الْحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ

وَقَالَ اللهُ قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا، هُمْ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ

لَنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ (١٥) ... سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ

فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ مِنْكُمْ ... وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ

وَجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللهِ فِينَا، وَرُوح الْقُدُسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ (١٦)) (١٧)


(١) قَالَ الْعُلَمَاء: الْمُرَاد بِذَنَبِهِ هُنَا لِسَانه، فَشَبَّهَ نَفْسَهُ بِالْأَسَدِ فِي اِنْتِقَامه وَبَطْشه إِذَا اِغْتَاظَ، وَحِينَئِذٍ يَضْرِبُ بِذَنَبِهِ جَنْبَيْهِ , كَمَا فَعَلَ حَسَّانُ بِلِسَانِهِ حِينَ أَدْلَعَهُ، فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ، فَشَبَّهَ نَفْسَهُ بِالْأَسَدِ، وَلِسَانَهُ بِذَنَبِهِ. شرح النووي ج٨ / ص ٢٥٩
(٢) أَيْ: أَخْرَجَهُ عَنْ الشَّفَتَيْنِ. شرح النووي على مسلم - ج ٨ / ص ٢٥٩
(٣) أَيْ: لَأُمَزِّقَنَّ أَعْرَاضهمْ تَمْزِيق الْجِلْد. شرح النووي - ج ٨ / ص ٢٥٩
(٤) (م) ١٥٧ - (٢٤٩٠)
(٥) (م) ١٥٦ - (٢٤٨٩)
(٦) أَيْ: دافعت.
(٧) أَيْ: شَفَى الْمُؤمِنِينَ، وَاشْتَفَى هُوَ بِمَا نَالَهُ مِنْ أَعْرَاض الْكُفَّار وَمَزَّقَهَا، وَنَافَحَ عَنْ الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمِينَ. شرح النووي - ج ٨ / ص ٢٥٩
(٨) أَيْ: تَرْفَع الْغُبَار وَتُهَيِّجُهُ. شرح النووي على مسلم - ج ٨ / ص ٢٥٩
(٩) أَيْ: جَانِبَيْ كَدَاءِ، وهِيَ ثَنِيَّةٌ عَلَى بَاب مَكَّة. شرح النووي ج ٨ / ص ٢٥٩
(١٠) مَعْنَاهُ: أَنَّهَا لِصَرَامَتِهَا وَقُوَّة نُفُوسهَا , تُضَاهِي أَعِنَّتَهَا بِقُوَّةِ جَبْذهَا لَهَا، وَهِيَ مُنَازَعَتهَا لَهَا أَيْضًا.
قَالَ الْقَاضِي: وَفِي رِوَايَة اِبْن الْحَذَّاء: يُبَارِينَ الْأَسِنَّة، وَهِيَ الرِّمَاح , قَالَ: فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَة , فَمَعْنَاهَا أَنَّهُنَّ يُضَاهِينَ قَوَامهَا وَاعْتِدَالهَا. النووي ج٨ص٢٥٩
(١١) أَيْ: مُقْبِلَات إِلَيْكُمْ وَمُتَوَجِّهَات. شرح النووي على مسلم - ج ٨ / ص ٢٥٩
(١٢) الْأَسَل: الرِّمَاح، وَالظِّمَاء: الْعِطَاش لِدِمَاءِ الْأَعْدَاء. النووي ج٨ص٢٥٩
(١٣) أَيْ: تَظَلُّ خُيُولُنَا مُسْرِعَات , يَسْبِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا. النووي ج٨ص٢٥٩
(١٤) أَيْ: تَمْسَحُهُنَّ النِّسَاء بِخُمُرِهِنَّ، أَيْ: يُزِلْنَ عَنْهُنَّ الْغُبَار، وَهَذَا لِعَزَّتِهَا وَكَرَامَتِهَا عِنْدهمْ. النووي ج٨ص٢٥٩
(١٥) أَيْ: مَقْصُودهَا وَمَطْلُوبهَا. شرح النووي على مسلم - ج ٨ / ص ٢٥٩
(١٦) أَيْ: مُمَاثِلٌ وَلَا مُقَاوِمٌ. شرح النووي على مسلم - ج ٨ / ص ٢٥٩
(١٧) (م) ١٥٧ - (٢٤٩٠)، (خ) ٣٩١٤