للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ) , وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ (١) قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه -: لَقَدْ أَتَانِي الْيَوْمَ رَجُلٌ فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرٍ , مَا دَرَيْتُ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ , فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا مُؤْدِيًا (٢) نَشِيطًا؟ , نَخْرُجُ مَعَ أُمَرَائِنَا فِي الْمَغَازِي , فَيَعْزِمُ عَلَيْنَا (٣) فِي أَشْيَاءَ لَا نُحْصِيهَا (٤) فَقُلْتُ لَهُ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ , إِلَّا أَنَّا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - " فَعَسَى أَنْ لَا يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِي أَمْرٍ إِلَّا مَرَّةً , حَتَّى نَفْعَلَهُ (٥) " وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَزَالَ بِخَيْرٍ مَا اتَّقَى اللهَ , وَإِذَا شَكَّ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ سَأَلَ رَجُلًا فَشَفَاهُ مِنْهُ , وَأَوْشَكَ أَنْ لَا تَجِدُوهُ , وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ , مَا أَذْكُرُ مَا غَبَرَ (٦) مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا كَالثَّغْبِ (٧) شُرِبَ صَفْوُهُ , وَبَقِيَ كَدَرُهُ. (٨)


(١) هو: شقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل الكوفي , الطبقة: ٢ من كبار التابعين , الوفاة: في خلافة عمر بن عبد العزيز , روى له: (البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي- ابن ماجه) رتبته عند ابن حجر: ثقة , رتبته عند الذهبي: من العلماء العاملين.
(٢) (مُؤْدِيًا) بِهَمْزَةٍ سَاكِنَة وَتَحْتَانِيَّة خَفِيفَة أَيْ: كَامِلَ أَدَاةِ الْحَرْب، وَلَا يَجُوزُ حَذْف الْهَمْزَة مِنْهُ , لِئَلَّا يَصِيرَ مِنْ أَوْدَى إِذَا هَلَكَ. (فتح) - (ج ٩ / ص ١٤٢)
(٣) (عَزَمْت) أَيْ: أَقْسَمْتُ , أَوْ أَوْجَبْتُ. تحفة الأحوذي - (ج ٥ / ص ٤٢١)
فَقَوْله: (عَزَمْتُ عَلَيْك) أَيْ: أَمَرْتُكَ أَمْرًا جَازِمًا , عَزِيمَةً مُحَتَّمَةً، وَأَمْرُ وُلَاةُ الْأُمُورِ تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي غَيْر مَعْصِيَة. (النووي - ج ٤ / ص ٩٥)
(٤) أَيْ: لَا نُطِيقهَا , كقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ}.
وَقِيلَ: لَا نَدْرِي أَهِيَ طَاعَةٌ أَمْ مَعْصِيَة، وَالْأَوَّلُ مُطَابِقٌ لِمَا فَهِمَهُ الْبُخَارِيُّ فَتَرْجَمَ بِهِ وَالثَّانِي مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اِبْنِ مَسْعُود: " وَإِذَا شَكَّ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ , سَأَلَ رَجُلًا فَشَفَاهُ مِنْهُ "، أَيْ: مِنْ تَقْوَى اللهِ أَنْ لَا يُقْدِمَ الْمَرْءُ عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ حَتَّى يَسْأَلَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ , فَيَدُلَّهُ عَلَى مَا فِيهِ شِفَاؤُهُ. فتح الباري (ج ٩ / ص ١٤٢)
(٥) أي أَنَّ الرَّجُلَ سَأَلَ اِبْنَ مَسْعُودٍ عَنْ حُكْمِ طَاعَةِ الْأَمِير , فَأَجَابَهُ اِبْنُ مَسْعُودٍ بِالْوُجُوبِ , بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَأمُورُ بِهِ مُوَافِقًا لِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى. فتح (٩/ ١٤٢)
(٦) أَيْ: مَضَى، وَهُوَ مِنْ الْأَضْدَاد , يُطْلَق عَلَى مَا مَضَى وَعَلَى مَا بَقِيَ، وَهُوَ هُنَا مُحْتَمَل لِلْأَمْرَيْنِ. فتح الباري
(٧) (الثَّغْب) بِمُثَلَّثَةِ مَفْتُوحَة وَمُعْجَمَة سَاكِنَة , وَيَجُوز فَتْحُهَا , قَالَ الْقَزَّاز: وَهُوَ أَكْثَر، وهُوَ الْغَدِيرُ يَكُونُ فِي ظِلٍّ , فَيَبْرُد مَاؤُهُ وَيَرُوق. فتح الباري (٩/ ١٤٢)
(٨) (خ) ٢٨٠٣