(٢) (خ) ٤٧٠٦ , (م) ٢٧٠ - (٨١٨)، (ت) ٢٩٤٣، (س) ٩٣٦
(٣) قال صاحب عون المعبود (٤/ ٢٤٣): (سَبْعَة أَحْرُف) أَيْ: سَبْعِ لُغَات , أَوْ قِرَاءَات , أَوْ أَنْوَاع.
قِيلَ: اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى أحْدى وَأَرْبَعِينَ قَوْلًا , مِنْهَا: أَنَّهُ مِمَّا لَا يُدْرَى مَعْنَاهُ , لِأَنَّ الْحَرْف يَصْدُقُ لُغَةً عَلَى حَرْفِ الْهِجَاء , وَعَلَى الْكَلِمَةِ , وَعَلَى الْمَعْنَى , وَعَلَى الْجِهَة.
قَالَ الْعُلَمَاء: إِنَّ الْقِرَاءَات وَإِنْ زَادَتْ عَلَى سَبْعٍ , فَإِنَّهَا رَاجِعَة إِلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ مِنْ الِاخْتِلَافَاتِ:
الْأَوَّلُ: اِخْتِلَافُ الْكَلِمَة فِي نَفْسِهَا بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ , كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (نُنْشِزُهَا، نَنْشُرُهَا) , الْأَوَّل بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ , وَالثَّانِي بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَة، وَقَوْله: (سَارِعُوا، وَسَارِعُوا) , فَالْأَوَّلُ بِحَذْفِ الْوَاوِ الْعَاطِفَة قَبْلَ السِّين , وَالثَّانِي بِإِثْبَاتِهَا.
الثَّانِي: التَّغْيِيرُ بِالْجَمْعِ وَالتَّوْحِيدِ كَـ (كُتُبِهِ , وَكِتَابِهِ).
الثَّالِثُ: بِالِاخْتِلَافِ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأنِيثِ كَمَا فِي (يَكُنْ , وَتَكُنْ).
الرَّابِع: الِاخْتِلَافُ التَّصْرِيفِيّ , كَالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ نَحْو (يَكْذِبُونَ , وَيُكَذِّبُونَ) وَالْفَتْح وَالْكَسْر نَحْو: (يَقْنَط , وَيَقْنِط).
الْخَامِس: الِاخْتِلَاف الْإِعْرَابِيّ , كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذُو الْعَرْش الْمَجِيدُ} بِرَفْعِ الذَّال وَجَرِّهَا.
السَّادِس: اِخْتِلَافُ الْأَدَاةِ , نَحْو: {لَكِنَّ الشَّيَاطِين} بِتَشْدِيدِ النُّونِ وَتَخْفِيفهَا.
السَّابِع: اِخْتِلَاف اللُّغَات , كَالتَّفْخِيمِ وَالْإِمَالَة , وَإِلَّا فَلَا يُوجَدُ فِي الْقُرْآن كَلِمَة تُقْرَأُ عَلَى سَبْعَة أَوْجُهٍ , إِلَّا الْقَلِيل , مِثْل (عَبَدَ الطَّاغُوت) (وَلَا تَقُلْ أُفّ لَهُمَا). وَهَذَا كُلُّهُ تَيْسِير عَلَى الْأُمَّة الْمَرْحُومَة، وَلِذَا قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: " فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ " , أَيْ: مِنْ أَنْوَاع الْقِرَاءَات , بِخِلَافِ قَوْله تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} فَإِنَّ الْمُرَاد بِهِ الْأَعَمُّ مِنْ الْمِقْدَار , وَالْجِنْس , وَالنَّوْع.
وَالْحَاصِل أَنَّهُ أَجَازَ بِأَنْ يَقْرَءُوا مَا ثَبَتَ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - بِالتَّوَاتُرِ , بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: " أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف ".
وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَاد بِالسَّبْعَةِ: التَّكْثِير , لَا التَّحْدِيد، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْل مِنْ الْأَقْوَال.
قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْح مُسْلِم: أَصَحّ الْأَقْوَال وَأَقْرَبهَا إِلَى مَعْنَى الْحَدِيث قَوْل مَنْ قَالَ: هِيَ كَيْفِيَّة النُّطْق بِكَلِمَاتِهَا , مِنْ إِدْغَام , وَإِظْهَار , وَتَفْخِيم , وَتَرْقِيق , وَإِمَالَة وَمَدّ , وَقَصْر , وَتَلْيِين، لِأَنَّ الْعَرَب كَانَتْ مُخْتَلِفَة اللُّغَات فِي هَذِهِ الْوُجُوه , فَيَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ لِيَقْرَأَ كُلٌّ بِمَا يُوَافِقُ لُغَتَهُ , وَيَسْهُلُ عَلَى لِسَانِهِ. اِنْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ. قَالَ الْقَارِيّ: وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، فَإِنَّ الْإِدْغَام مَثَلًا فِي مَوَاضِع لَا يَجُوزُ الْإِظْهَار فِيهَا , وَفِي مَوَاضِع لَا يَجُوزُ الْإِدْغَام فِيهَا , وَكَذَلِكَ الْبَوَاقِي ,
وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ اِخْتِلَاف اللُّغَات لَيْسَ مُنْحَصِرًا فِي هَذِهِ الْوُجُوه , لِوُجُوهِ إِشْبَاع مِيمِ الْجَمْعِ وَقَصْره , وَإِشْبَاع هَاء الضَّمِير وَتَرْكه , مِمَّا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى بَعْضه , وَمُخْتَلِف فِي بَعْضه.
وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ: إِنَّ الْمُرَاد سَبْعَة أَوْجُه مِنْ الْمَعَانِي الْمُتَّفِقَة , بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَة نَحْو: (أَقْبِلْ , وَتَعَالَ , وَعَجِّلْ , وَهَلُمَّ , وَأَسْرِعْ) فَيَجُوزُ إِبْدَال اللَّفْظ بِمُرَادِفِهِ , أَوْ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ , لَا بِضِدِّهِ، وَحَدِيث أَحْمَد بِإِسْنَادٍ جَيِّد صَرِيح فِيهِ،
وَعِنْده بِإِسْنَادٍ جَيِّد أَيْضًا مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة: " أُنْزِلَ الْقُرْآن عَلَى سَبْعَة أَحْرُف , عَلِيمًا حَكِيمًا , غَفُورًا رَحِيمًا ".
وَفِي حَدِيث عِنْده بِسَنَدٍ جَيِّد أَيْضًا: " الْقُرْآن كُلّه صَوَاب , مَا لَمْ يَجْعَلْ مَغْفِرَةً عَذَابًا , أَوْ عَذَابًا مَغْفِرَةً ".
وَلِهَذَا كَانَ أُبَيٌّ يَقْرَأُ: (كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ سَعَوْا فِيهِ) بَدَل (مَشَوْا فِيهِ)، وَابْن مَسْعُود: (أَمْهِلُونَا , وأَخِّرُونَا) بَدَل (انْظِرُونَا).
قَالَ الْقَارِيّ: إِنَّهُ مُسْتَبْعَدٌ جِدًّا مِنْ الصَّحَابَة , خُصُوصًا مِنْ أُبَيٍّ وَابْن مَسْعُود , أَنَّهُمَا يُبَدِّلَانِ لَفْظًا مِنْ عِنْدهمَا بَدَلًا مِمَّا سَمِعَاهُ مِنْ لَفْظ النُّبُوَّةِ , وَأَقَامَاهُ مَقَامَهُ مِنْ التِّلَاوَة، فَالصَّوَابُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ مِنْهُمَا , أَوْ سَمِعَا مِنْهُ - صلى الله عليه وسلم - الْوُجُوهَ , فَقَرَأَ مَرَّةً كَذَا وَمَرَّةً كَذَا , كَمَا هُوَ الْآن فِي الْقُرْآن , مِنْ الِاخْتِلَافَات الْمُتَنَوِّعَة الْمَعْرُوفَة عِنْد أَرْبَاب الشَّأن، وَكَذَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ , وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ رُخْصَةً لِمَا كَانَ يَتَعَسَّرُ عَلَى كَثِير مِنْهُمْ التِّلَاوَة بِلَفْظٍ وَاحِدٍ , لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِالْكِتَابَةِ وَالضَّبْط , وَإِتْقَان الْحِفْظ , ثُمَّ نُسِخَ بِزَوَالِ الْعُذْر , وَتَيْسِير الْكِتَابَة وَالْحِفْظ , قَالَهُ فِي الْمِرْقَاة.
وَقَالَ الْحَافِظ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ: قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى الْحُرُوف: اللُّغَات , يُرِيدُ أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَى سَبْع لُغَات مِنْ لُغَات الْعَرَب , هِيَ أَفْصَح اللُّغَات وَأَعْلَاهَا فِي كَلَامِهِمْ , قَالُوا: وَهَذِهِ اللُّغَاتُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْقُرْآن , غَيْر مُجْتَمِعَة فِي الْكَلِمَة الْوَاحِدَة.
وَإِلَى نَحْوٍ مِنْ هَذَا أَشَارَ أَبُو عُبَيْد.
وَقَالَ الْقُتَيْبِيّ: لَا نَعْرِفُ فِي الْقُرْآنِ حَرْفًا يُقْرَأُ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف.
قَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ: هَذَا غَلَطٌ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآن حُرُوف يَصِحُّ أَنْ تُقْرَأ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُف , مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {وَعَبَدَ الطَّاغُوت} وَقَوْله تَعَالَى: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعُ وَيَلْعَبُ} وَذَكَرَ وُجُوهًا , كَأَنَّهُ يَذْهَبُ فِي تَأوِيلِ الْأَحَادِيثِ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآن أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف , لَا كُلّه.
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ وُجُوهًا أُخَر , وَهُوَ أَنَّ الْقُرْآن أُنْزِلَ مُرَخِّصًا لِلْقَارِئِ وَمُوَسِّعًا عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف , أَيْ: يَقْرَأُ عَلَى أَيّ حَرْف شَاءَ مِنْهَا عَلَى الْبَدَل مِنْ صَاحِبِهِ وَلَوْ كَانَ مَعْنَى مَا قَالَهُ اِبْن الْأَنْبَارِيّ لَقِيلَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ بِسَبْعَةِ أَحْرُف , وَإِنَّمَا قِيلَ: (عَلَى سَبْعَة أَحْرُف) لِيُعْلَمَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ هَذَا الْمَعْنَى , أَيْ: كَأَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَى هَذَا مِنْ الشَّرْط , أَوْ عَلَى هَذَا مِنْ الرُّخْصَة وَالتَّوْسِعَة، وَذَلِكَ لِتَسْهِيلِ قِرَاءَتِهِ عَلَى النَّاسِ , وَلَوْ أَخَذُوا بِأَنْ يَقْرَءُوهُ عَلَى حَرْف وَاحِد لَشَقَّ عَلَيْهِمْ , وَلَكَانَ ذَلِكَ دَاعِيًا إِلَى الزَّهَادَة فِيهِ , وَسَبَبًا لِلْفُتُورِ عَنْهُ.
وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَاد بِهِ التَّوْسِعَةُ , لَيْسَ حَصْر الْعَدَدِ اِنْتَهَى.
وَقَالَ السِّنْدِيُّ: " عَلَى سَبْعَة أَحْرُف " أَيْ: عَلَى سَبْع لُغَات مَشْهُورَةٍ بِالْفَصَاحَةِ , وَكَانَ ذَاكَ رُخْصَة وَتَسْهِيلًا عَلَيْهِمْ , ثُمَّ جَمَعَهُ عُثْمَان ? - رضي الله عنه - حِين خَافَ الِاخْتِلَاف عَلَيْهِمْ فِي الْقُرْآن , وَتَكْذِيب بَعْضهمْ بَعْضًا عَلَى لُغَة قُرَيْش, الَّتِي أُنْزِلَ عَلَيْهَا أَوَّلًا.
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: الْمُخْتَارُ أَنَّ هَذَا مِنْ الْمُتَشَابِه الَّذِي لَا يُدْرَى تَأوِيلُهُ، وَفِيهِ أَكْثَر مِنْ ثَلَاثِينَ قَوْلًا , أَوْرَدْتهَا فِي الْإِتْقَان.
قُلْت: سَبْعُ اللُّغَاتِ الْمَشْهُورَةِ هِيَ: لُغَة الْحِجَاز , وَالْهُذَيْل , وَالْهَوَازِن , وَالْيَمَن وَالطَّيّء , وَالثَّقِيف , وَبَنِي تَمِيمٍ. أ. هـ
بحث في محتوى الكتب:
تنبيهات هامة: - افتراضيا يتم البحث عن "أي" كلمة من الكلمات المدخلة ويمكن تغيير ذلك عن طريق:
- استخدام علامة التنصيص ("") للبحث عن عبارة كما هي.
- استخدام علامة الزائد (+) قبل أي كلمة لجعلها ضرورية في البحث.
- استخدام علامة السالب (-) قبل أي كلمة لجعلها مستبعدة في البحث.
- يمكن استخدام الأقواس () للتعامل مع مجموعة من الكلمات.
- يمكن الجمع بين هذه العلامات في استعلام واحد، وهذه أمثلة على ذلك:
+شرح +قاعدة +"الضرورات تبيح المحظورات" سيكون لزاما وجود كلمة "شرح" وكلمة "قاعدة" وعبارة "الضرورات تبيح المحظورات"
+(شرح الشرح معنى) +قاعدة +"الضرورات تبيح المحظورات" سيكون لزاما وجود كلمة ("شرح" أو "الشرح" أو "معنى") وكلمة "قاعدة" وعبارة "الضرورات تبيح المحظورات"
+(التوكل والتوكل) +(اليقين واليقين) سيكون لزاما وجود كلمة ("التوكل" أو "والتوكل") ووجود كلمة ("اليقين" أو "واليقين")
بحث في أسماء المؤلفين
بحث في أسماء الكتب
تصفية النتائج
الغاء تصفية الأقسام الغاء تصفية القرون
نبذة عن المشروع:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute