للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م حم) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - (أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَبَتَّ طَلَاقَهَا , فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزُّبَيْرِ , فَجَاءَتْ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -) (١) (- وَأَنَا جَالِسَةٌ , وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنِّي كُنْتُ تَحْتَ رِفَاعَةَ , فَطَلَّقَنِي) (٢) (آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ , فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ) (٣) (القُرَظِيَّ) (٤) (وَاللهِ مَا لِي إِلَيْهِ مِنْ ذَنْبٍ إِلَّا) (٥) [أَنَّهُ] (دَخَلَ بِي , وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا مِثْلُ) (٦) (هَذِهِ الْهُدْبَةِ (٧) - وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ جِلْبَابِهَا -) (٨) (فَلَمْ يَقْرَبْنِي إِلَّا هَنَةً وَاحِدَةً (٩) لَمْ يَصِلْ مِنِّي إِلَى شَيْءٍ) (١٠) (أَحِلُّ لِزَوْجِي الْأَوَّلِ؟) (١١) (فَسَمِعَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَوْلَهَا - وَهُوَ) (١٢) (جَالِسٌ بِبَابِ الْحُجْرَةِ) (١٣) (يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ -) (١٤) (فَطَفِقَ خَالِدٌ يُنَادِي أَبَا بَكْرٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ , أَلَا تَزْجُرُ هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ - " وَمَا يَزِيدُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى التَّبَسُّمِ (١٥) " -) (١٦) قَالَتْ عَائِشَةُ: فَـ (سَمِعَ (١٧) أَنَّهَا قَدْ أَتَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا) (١٨) (فَقَالَ: كَذَبَتْ وَاللهِ يَا رَسُول اللهِ، إِنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الْأَدِيمِ (١٩) وَلَكِنَّهَا نَاشِزٌ (٢٠) تُرِيدُ رِفَاعَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:) (٢١) (" أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟) (٢٢) (فَإِنْ كَانَ ذَلِكِ , لَمْ تَحِلِّي) (٢٣) (لِزَوْجِكِ الْأَوَّلِ , حَتَّى يَذُوقَ الْآخَرُ عُسَيْلَتَكِ , وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ (٢٤)) (٢٥) قَالَتْ (٢٦): (وَأَبْصَرَ مَعَهُ ابْنَيْنِ لَهُ , فَقَالَ: بَنُوكَ هَؤُلَاءِ؟ " , قَالَ: نَعَمْ , قَالَ: " هَذَا الَّذِي تَزْعُمِينَ مَا تَزْعُمِينَ (٢٧)؟، فَوَاللهِ لَهُمْ أَشْبَهُ بِهِ مِنْ الْغُرَابِ بِالْغُرَابِ (٢٨) ") (٢٩)


(١) (خ) ٥٧٣٤ , (م) ١١٢ - (١٤٣٣)
(٢) (خ) ٥٤٥٦ , (م) ١١١ - (١٤٣٣) , (ت) ١١١٨
(٣) (م) ١١٢ - (١٤٣٣) , (خ) ٥٧٣٤ , (ت) ١١١٨ , (س) ٣٤١١ , (حم) ٢٥٩٣٤
(٤) (خ) ٤٩٦٠
(٥) (خ) ٥٤٨٧
(٦) (خ) ٤٩٦٤
(٧) هُوَ طَرَف الثَّوْب الَّذِي لَمْ يُنْسَج , مَأخُوذ مِنْ هُدْب الْعَيْن , وَهُوَ شَعْر الْجَفْن، وَأَرَادَتْ أَنَّ ذَكَرَهُ يُشْبِه الْهُدْبَة فِي الِاسْتِرْخَاء وَعَدَم الِانْتِشَار، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ وَطْء الزَّوْج الثَّانِي لَا يَكُون مُحَلِّلًا اِرْتِجَاعَ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ لِلْمَرْأَةِ , إِلَّا إِنْ كَانَ فِي حَال وَطْئِهِ مُنْتَشِرًا , فَلَوْ كَانَ ذَكَرَهُ أَشَلّ , أَوْ كَانَ هُوَ عِنِّينًا , أَوْ طِفْلًا , لَمْ يَكْفِ عَلَى أَصَحّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاء، وَهُوَ الْأَصَحّ عِنْد الشَّافِعِيَّة أَيْضًا. فتح الباري (ج١٥ص١٦٥)
قَالَ الدَّاوُدِيُّ: وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ نِكَاح الْبِكْر , لِأَنَّهَا تَظُنُّ الرِّجَال سَوَاء، بِخِلَافِ الثَّيِّب. فتح الباري (ج ١٦ / ص ٣٨١)
(٨) (خ) ٥٤٥٦ , (م) ١١٢ - (١٤٣٣) , (س) ٣٤٠٩ , (ت) ١١١٨
(٩) قَالَ الْخَلِيل: هِيَ كَلِمَة يُكَنَّى بِهَا عَنْ الشَّيْء يُسْتَحَيَا مِنْ ذِكْره بِاسْمِهِ.
قَالَ اِبْن التِّين: مَعْنَاهُ: لَمْ يَطَأنِي إِلَّا مَرَّة وَاحِدَة , يُقَال: هَنَّ اِمْرَأَتَهُ: إِذَا غَشِيَهَا. فتح الباري (ج ١٥ / ص ٩٢)
(١٠) (خ) ٤٩٦٤
(١١) (حم) ٢٥٩٦٢ , (خ) ٤٩٦٤
(١٢) (خ) ٥٤٥٦
(١٣) (خ) ٥٧٣٤ , (م) ١١٢ - (١٤٣٣)
(١٤) (خ) ٢٤٩٦ , (م) ١١١ - (١٤٣٣)
(١٥) إِنَّمَا قَالَ خَالِد ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ خَارِج الْحُجْرَة، فَاحْتَمَلَ عِنْده أَنْ يَكُون هُنَاكَ مَا يَمْنَعهُ مِنْ مُبَاشَرَة نَهْيهَا بِنَفْسِهِ، فَأَمَرَ بِهِ أَبَا بَكْر لِكَوْنِهِ كَانَ جَالِسًا عِنْد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مُشَاهِدًا لِصُورَةِ الْحَال، وَلِذَلِكَ لَمَّا رَأَى أَبُو بَكْر النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَبَسَّم عِنْد مَقَالَتهَا , لَمْ يَزْجُرهَا، وَتَبَسُّمه - صلى الله عليه وسلم - كَانَ تَعَجُّبًا مِنْهَا، إِمَّا لِتَصْرِيحِهَا بِمَا يَسْتَحِي النِّسَاء مِنْ التَّصْرِيح بِهِ غَالِبًا، وَإِمَّا لِضَعْفِ عَقْل النِّسَاء , لِكَوْنِ الْحَامِل لَهَا عَلَى ذَلِكَ شِدَّة بُغْضهَا فِي الزَّوْج الثَّانِي , وَمَحَبَّتهَا فِي الرُّجُوع إِلَى الزَّوْج الْأَوَّل، وَيُسْتَفَاد مِنْهُ جَوَاز وُقُوع ذَلِكَ. فتح الباري - (ج ١٥ / ص ١٦٥)
(١٦) (خ) ٥٧٣٤ , (م) ١١٢ - (١٤٣٣) , (س) ٣٢٨٣ , (جة) ١٩٣٢ , (حم) ٢٤١٠٤
(١٧) أي: زوجُها الثاني , عبد الرحمن بن الزبير.
(١٨) (خ) ٥٤٨٧
(١٩) قَوْله (أَنْفُضهَا نَفْض الْأَدِيم) كِنَايَة بَلِيغَة فِي الْغَايَة مِنْ ذَلِكَ , لِأَنَّهَا أَوْقَع فِي النَّفْس مِنْ التَّصْرِيح، لِأَنَّ الَّذِي يَنْفُض الْأَدِيم يَحْتَاج إِلَى قُوَّة سَاعِد وَمُلَازَمَة طَوِيلَة. فتح الباري - (ج ١٦ / ص ٣٨١)
(٢٠) يقال: نَشَزَت المرأةُ على زوجِها , فهي ناشِزٌ , وناشِزة: إذا عَصَتْ عليه , وخَرَجَت عن طاعته , ونَشَز عليها زوجُها: إذا جفاها , وأضَرّ بها.
والنُّشوز: كراهة كلِّ واحدٍ منهما صاحبَه , وسوءُ عِشْرته له. النهاية في غريب الأثر - (ج ٥ / ص ١٢٩)
(٢١) (خ) ٥٤٨٧
(٢٢) (خ) ٢٤٩٦ , (م) ١١١ - (١٤٣٣) , (ت) ١١١٨ , (س) ٣٤٠٨
(٢٣) (خ) ٥٤٨٧
(٢٤) هُوَ تَصْغِير عَسَلَة , وَهِيَ كِنَايَة عَنْ الْجِمَاع , شَبَّهَ لَذَّتَه بِلَذَّةِ الْعَسَل وَحَلَاوَته، قَالُوا: وَأَنَّثَ الْعُسَيْلَة لِأَنَّ فِي الْعَسَل نَعْتَيْنِ: التَّذْكِير وَالتَّأنِيث.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّ الْمُطَلَّقَة ثَلَاثًا لَا تَحِلّ لِمُطَلِّقِهَا حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره، وَيَطَأهَا , ثُمَّ يُفَارِقهَا، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا , فَأَمَّا مُجَرَّد عَقْدِه عَلَيْهَا فَلَا يُبِيحهَا لِلْأَوَّلِ , وَبِهِ قَالَ جَمِيع الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ.
وَانْفَرَدَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب فَقَالَ: إِذَا عَقَدَ الثَّانِي عَلَيْهَا ثُمَّ فَارَقَهَا , حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ، وَلَا يُشْتَرَط وَطْء الثَّانِي , لِقَوْلِ الله تَعَالَى: {حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره} , وَالنِّكَاح حَقِيقَة فِي الْعَقْد عَلَى الصَّحِيح.
وَأَجَابَ الْجُمْهُور، بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيث مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ الْآيَة، وَمُبَيِّنٌ لِلْمُرَادِ بِهَا , قَالَ الْعُلَمَاء: وَلَعَلَّ سَعِيدًا لَمْ يَبْلُغهُ هَذَا الْحَدِيث.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: لَمْ يَقُلْ أَحَد بِقَوْلِ سَعِيد فِي هَذَا إِلَّا طَائِفَة مِنْ الْخَوَارِج.
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ تَغْيِيب الْحَشَفَة فِي قُبُلهَا كَافٍ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْر إِنْزَال الْمَنِيّ وَشَذَّ الْحَسَن الْبَصْرِيّ , فَشَرَطَ إِنْزَال الْمَنِيّ وَجَعَلَهُ حَقِيقَة الْعُسَيْلَة.
قَالَ الْجُمْهُور: بِدُخُولِ الذَّكَر تَحْصُل اللَّذَّة وَالْعُسَيْلَة، وَلَوْ وَطِئَهَا فِي نِكَاح فَاسِد لَمْ تَحِلّ لِلْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيح , لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَوْجٍ. شرح النووي (ج ٥ / ص ١٥٧)
(٢٥) (خ) ٤٩٦٤ , (م) ١١٢ - (١٤٣٣) , (حم) ٢٥٩٦٢ , (ت) ١١١٨ , (س) ٣٤٠٧ , (د) ٢٣٠٩
(٢٦) أي: عائشة.
(٢٧) هُوَ كِنَايَة عَمَّا ادَّعَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْعُنَّة. فتح الباري - (ج ١٦ / ص ٣٨١)
(٢٨) حَاصِله أَنَّهُ رَدّ عَلَيْهَا دَعْوَاهَا، أَمَّا أَوَّلًا: فَعَلَى طَرِيق صِدْقَ زَوْجهَا فِيمَا زَعَمَ أَنَّهُ يَنْفُضهَا نَفْض الْأَدِيم.
وَأَمَّا ثَانِيًا: فَلِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى صِدْقه بِوَلَدَيْهِ اللَّذَيْنِ كَانَا مَعَهُ. فتح الباري (ج١٦ص٣٨١)
(٢٩) (خ) ٥٤٨٧