(٢) قَالَ الْحَافِظ فِي التَّلْخِيص: اِسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى بُطْلَان النِّكَاح إِذَا شَرَطَ الزَّوْج أَنَّهُ إِذَا نَكَحَهَا بَانَتْ مِنْهُ , أَوْ شَرَطَ أَنَّهُ يُطَلِّقهَا , أَوْ نَحْو ذَلِكَ، وَحَمَلُوا الْحَدِيث عَلَى ذَلِكَ، وَلَا شَكّ أَنَّ إِطْلَاقه يَشْمَل هَذِهِ الصُّورَة وَغَيْرهَا.وقَالَ الْخَطَّابِيّ فِي الْمَعَالِم: إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَنْ شَرْط بَيْنهمَا , فَالنِّكَاح فَاسِد، لِأَنَّ الْعَقْد مُتَنَاهٍ إِلَى مُدَّة , كَنِكَاحِ الْمُتْعَة، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ شَرْطًا , وَكَانَ نِيَّة وَعَقِيدَة , فَهُوَ مَكْرُوه، فَإِنْ أَصَابَهَا الزَّوْج ثُمَّ طَلَّقَهَا , وَانْقَضَتْ الْعِدَّة , فَقَدْ حَلَّتْ لِلزَّوْجِ الْأَوَّل. وَقَدْ كَرِهَ غَيْر وَاحِد مِنْ الْعُلَمَاء أَنْ يُضْمِرَا أَوْ يَنْوِيَا , أَوْ أَحَدهمَا التَّحْلِيلَ , وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَاهُ.قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيُّ: لَا يُحِلّهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّل , إِلَّا أَنْ يَكُون نِكَاحَ رَغْبَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ نِيَّة أَحَدِ الثَّلَاثَة: الزَّوْج الْأَوَّل , أَوْ الثَّانِي , أَوْ الْمَرْأَة أَنَّهُ مُحَلِّل، فَالنِّكَاح بَاطِل , وَلَا تَحِلّ لِلْأَوَّلِ.وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ: إِذَا تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يُرِيد أَنْ يُحَلِّلهَا لِزَوْجِهَا , ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُمْسِكهَا , لَا يُعْجِبنِي إِلَّا أَنْ يُفَارِقهَا , وَيَسْتَأنِف نِكَاحًا جَدِيدًا , وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل.وَقَالَ مَالِك بْن أَنَس: يُفَرَّق بَيْنهمَا عَلَى كُلّ حَال , اِنْتَهَى كَلَام الْخَطَّابِيّ.وَإِنَّمَا لَعَنَهُمَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَتْكِ الْمُرُوءَة , وَقِلَّة الْحَمِيَّة , وَالدَّلَالَة عَلَى خِسَّة النَّفْس وَسُقُوطهَا , أَمَّا النِّسْبَة إِلَى الْمُحَلَّل لَهُ , فَظَاهِر، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُحَلِّل , فَلِأَنَّهُ يُعِير نَفْسَه بِالْوَطْءِ لِغَرَضِ الْغَيْر , فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَطَؤُهَا لِيُعَرِّضَهَا لِوَطْءِ الْمُحَلَّل لَهُ وَلِذَلِكَ مَثَّلَهُ - صلى الله عليه وسلم - بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَار. عون المعبود - (ج ٤ / ص ٤٦٦)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute