للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ط) , وَعَنْ ابْنِ شِهَاب أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - كَانَ يَقُولُ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ , فَأُرْخِيَتْ عَلَيْهِمَا السُّتُورُ , فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ. (١)

الشرح (٢)


(١) (ط) ١١٠١ , (هق) ١٤٢٥٧
(٢) قال الباجي في المنتقى ج٣ ص٢٩٤: قَوْلُهُ - رضي الله عنه - إذَا أُرْخِيَتْ السُّتُورُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ , يُرِيدُ: إذَا خَلَا الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ , وَانْفَرَدَ انْفِرَادًا بَيِّنًا , فَقَدْ وَجَبَ إكْمَالُ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ , وَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ يَقْتَضِي أَنَّ بِالْخَلْوَةِ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ إكْمَالُ الصَّدَاقِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَسِيسُ , غَيْرَ أَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَ مَالِكٍ فِيمَا رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْحَدِيثِ " إذَا أُرْخِيَتْ السُّتُورُ ": الْخَلْوَةُ , وَأُرِيدَ بِقَوْلِهِ: " فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ ": إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الْمَسِيسَ , بِمَعْنَى أَنَّ الْخَلْوَةَ شَهَادَةٌ لَهَا جَارِيَةٌ أَنَّ الرَّجُلَ مَتَى خَلَا بِامْرَأَتِهِ أَوَّلَ خَلْوَةٍ , مَعَ الْحِرْصِ عَلَيْهِ وَالتَّشَوُّفِ إلَيْهَا , فَإِنَّهُ قَلَّمَا يُفَارِقُهَا قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا , فَهَذَا الَّذِي أَرَادَ بِقَوْلِهِ " فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ " وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ الصَّدَاقَ يَجِبُ بِنَفْسِ الْخَلْوَةِ , وَإِنْ عَرَا مِنْ الْمَسِيسِ.
قَالَ: وَقَدْ أَحْكَمَ كِتَابُ اللهِ هَذَا فِي قوله تعالى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ , وَبِهَذَا قَالَ مِنْ الصَّحَابَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ , وَالْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ , وَابْنُ مَسْعُودٍ , وَطَاوُسٌ , وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ , وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُكْمِلُ الصَّدَاقَ بِنَفْسِ الْخَلْوَةِ , قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ: وَبِهِ قَالَ مِنْ الصَّحَابَةِ: عُمَرُ , وَعَلِيٌّ , وَابْنُ عُمَرَ , وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ , وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ , وَمِنْ التَّابِعِينَ: الزُّهْرِيُّ , وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ , وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ عُمَرَ وَزَيْدٍ , فَقَدْ بَيَّنَّا تَأوِيلَ مَالِكٍ لَهُمَا , وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ عَلِيٍّ يَحْتَمِلُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ التَّأوِيلِ وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ قوله تعالى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} وَهَذَا قَدْ طَلَّقَ قَبْلَ الْمَسِيسِ.
وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ خَلْوَةٌ عَرِيَتْ عَنْ الْمُتْعَةِ , فَلَا يَجِبُ بِهَا كَمَالُ الصَّدَاقِ , أَصْلُهُ إذَا كَانَ بِمَحْضَرِ الْحُكْمِ , أَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُحْرِمًا, أَوْ صَائِمًا. أ. هـ