للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(مي) , وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ: " أَلَا إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُرْفَعَ الْأَشْرَارُ , وَتُوضَعَ الْأَخْيَارُ , أَلَا إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَظْهَرَ الْقَوْلُ , وَيُخْزَنَ الْعَمَلُ , أَلَا إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُتْلَى الْمَثْنَاةُ , فلَا يُوجَدُ مَنْ يُغَيِّرُهَا " , فَقِيلَ لَهُ: وَمَا الْمَثْنَاةُ؟ , قَالَ: " مَا اسْتُكْتِبَ مِنْ كِتَابٍ غَيْرِ الْقُرْآنِ (١) فَعَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ , فَبِهِ هُدِيتُمْ , وَبِهِ تُجْزَوْنَ , وَعَنْهُ تُسْأَلُونَ " (٢)


(١) (طس) , عَنْ أَبِي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَتَبُوا كِتَابًا فَاتَّبَعُوهُ، وَتَرَكُوا التَّوْرَاةَ "
(٢) (مي) ٤٧٦ , انظر الصَّحِيحَة: ٢٨٢١ , قال الألباني: هو من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - وهو في حكم المرفوع , لأنه لَا يقال بمجرد الرأي.
ثم قال الألباني (فائدة): هذا الحديث من أعلام نبوته - صلى الله عليه وسلم -، فقد تحقق كل ما فيه من الأنباء، وبخاصة منها ما يتعلق بـ (المَثْنَاة) وهي كل ما كُتِب سوى كتاب الله كما فسره الراوي، وما يتعلق به من الأحاديث النبوية والآثار السلفية، فكأن المقصود بـ (المثناة) الكتب المَذْهَبِيَّة المفروضة على المقلدين , التي صرفتهم مع تطاول الزمن عن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما هو مُشاهَد اليوم مع الأسف من جماهير المتمذهبين، وفيهم كثير من الدكاترة والمتخرجين من كليات الشريعة , فإنهم جميعا يتدينون بالتمذهب، ويُوجبونه على الناس حتى العلماء منهم، فهذا كبيرهم (فلان) يقول كلمته المشهورة: كل آية تخالف ما عليه أصحابنا , فهي مُؤَوَّلَةٌ أو منسوخة، وكلُّ حديث كذلك فهو مؤَوَّل أو منسوخ ". فقد جعلوا المذهب أصلا، والقرآن الكريم تبعا، فذلك هو (المثناة) دون ما شك أو ريب.
وأما ما جاء في " النهاية " عقب الحديث , وفيه تفسير (المثناة): " وقيل: إن المثناة هي أخبار بني إسرائيل بعد موسى - عليه السلام - وضعوا كتابا فيما بينهم على ما أرادوا من غير كتاب الله، فهو (المثناة)، فكأن ابن عمرو كره الأخذ عن أهل الكتاب، وقد كان عنده كتب وقعت إليه يوم اليرموك منهم , فقال هذا لمعرفته بما فيها ".
قلت: وهذا التفسير بعيدٌ كل البعدِ عن ظاهر الحديث، وأن (المثناة) من علامات اقتراب الساعة، فلا علاقة لها بما فعله اليهود قبل بعثته - صلى الله عليه وسلم - فلا جرم أن ابن الأثير أشار إلى تضعيف هذا التفسير , بتصديره إياه بصيغة " قيل ". أ. هـ