للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م س حم) , وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: (أَتَى عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ - رضي الله عنه - وَهُوَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْأَنْصَارِ - رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ , قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي (١) وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي , فَإِذَا كَانَتْ الْأَمْطَارُ سَالَ الْوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ , فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّيَ بِهِمْ , فَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَّكَ تَأْتِينِي فَتُصَلِّيَ فِي بَيْتِي , فَأَتَّخِذَهُ مُصَلًّى , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللهُ " , قَالَ عِتْبَانُ: " فَغَدَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ , فَاسْتَاذَنَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَذِنْتُ لَهُ) (٢) (فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ: أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟ ") (٣) (فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ الْبَيْتِ , " فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَبَّرَ ") (٤) (وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ " فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) (٥) (ثُمَّ سَلَّمَ " , وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ) (٦) (فَحَبَسْتُهُ (٧) عَلَى خَزِيرَةٍ (٨) تُصْنَعُ لَهُ) (٩) (فَتَسَامَعَتْ الْأَنْصَارُ بِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِي فَأَتَوْهُ) (١٠) (حَتَّى كَثُرَ الرِّجَالُ فِي الْبَيْتِ) (١١) (وَتَخَلَّفَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ , وَكَانَ يُزَنُّ بِالنِّفَاقِ (١٢)) (١٣) (فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ؟ , فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَاكَ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " لَا تَقُلْ ذَلِكَ , أَلَا تَرَاهُ قَدْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ؟ " , فَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) (١٤) (أَمَّا نَحْنُ فَوَاللهِ لَنَرَى) (١٥) (وَجْهَهُ (١٦) وَنَصِيحَتَهُ إِلَى الْمُنَافِقِينَ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ ") (١٧) وفي رواية (١٨): " لَنْ يُوَافِيَ عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ , إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ النَّارَ "

وفي رواية (١٩): " لَا يَشْهَدُ أَحَدٌ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ فَيَدْخُلَ النَّارَ , أَوْ تَطْعَمَهُ "

وفي رواية (٢٠): " مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَلَنْ تَطْعَمَهُ النَّارُ , أَوْ قَالَ: لَنْ يَدْخُلَ النَّارَ (٢١) "


(١) أَيْ: أَصَابَنِي فِي بَصَرِي شيْءِ.
(٢) (خ) ٤١٥ , (م) ٣٣ , (جة) ٧٥٥
(٣) (خ) ٨٤٠ , (م) ٣٣
(٤) (خ) ٤١٥ , (م) ٣٣
(٥) (خ) ٤١٤ , (م) ٣٣
(٦) (خ) ٨٤٠ , (م) ٣٣
(٧) أَيْ: مَنَعْتُهُ مِنْ الرُّجُوعِ. فتح الباري (ج ٢ / ص ١٤٥)
(٨) (الْخَزِيرَة): تُصْنَعُ مِنْ لَحْمٍ يُقَطَّعُ صِغَارًا , ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ مَاءٌ كَثِيرٌ, فَإِذَا نَضِجَ ذُرَّ عَلَيْهِ الدَّقِيق، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَحْمٌ , فَهُوَ عَصِيدَة. (فتح٢/ ١٤٥)
(٩) (خ) ١١٣٠ , (م) ٣٣
(١٠) (حم) ١٦٥٢٨ , (خ) ١١٨٦
(١١) (خ) ١١٨٦ , (م) ٣٣
(١٢) فلانٌ يُزَنُّ بكذا وكذا , أَيْ: يُتَّهَمُ بِه. لسان العرب - (ج ١٣ / ص ٢٠٠)
(١٣) (حم) ١٦٥٢٨
(١٤) (خ) ٤١٥ , (م) ٣٣
(١٥) (خ) ١١٨٦ , (م) ٣٣
(١٦) أَيْ: تَوَجُّهَهُ. فتح الباري (ج ٢ / ص ١٤٥)
(١٧) (خ) ٤١٥ , (م) ٣٣
(١٨) (خ) ٦٤٢٢
(١٩) (م) ٥٤ - (٣٣)
(٢٠) (حم) ١٢٤٠٧ , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(٢١) قَالَ مَعْمَرٌ: فَكَانَ الزُّهْرِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: ثُمَّ نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَائِضُ وَأُمُورٌ نَرَى أَنَّ الْأَمْرَ انْتَهَى إِلَيْهَا , فَمَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَغْتَرَّ فَلَا يَغْتَرَّ. (م) ٢٦٤ - (٣٣) , (حم) ٢٣٨٢١
قال الحافظ في الفتح (١/ ٥٢٢): وَفِي كَلَامِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ نَزَلَ فَرْضُهَا قَبْل هَذِهِ الْوَاقِعَة قَطْعًا، وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ تَارِكَهَا لَا يُعَذَّبُ إِذَا كَانَ مُوَحِّدًا وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّ مَنْ قَالَهَا مُخْلِصًا , لَا يَتْرُكُ الْفَرَائِضَ , لِأَنَّ الْإِخْلَاصَ يَحْمِلُ عَلَى أَدَاءِ اللَّازِمِ. وَتُعُقِّبَ بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ: تَحْرِيمُ التَّخْلِيدِ , أَوْ تَحْرِيمُ دُخُولِ النَّارِ الْمُعَدَّةِ لِلْكَافِرِينَ , لَا الطَّبَقَةِ الْمُعَدَّةِ لِلْعُصَاةِ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ تَحْرِيمُ دُخُولِ النَّارِ , بِشَرْطِ حُصُولِ قَبُولِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ , وَالتَّجَاوُزِ عَنِ السَّيِّئِ , وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ: أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ مَسَاجِدُ لِلْجَمَاعَةِ سِوَى مَسْجِدِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالتَّخَلُّفُ عَنِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَطَرِ وَالظُّلْمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ , وَاتِّخَاذُ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ لِلصَّلَاةِ , وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ إِيطَانِ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الْمَسْجِدِ , فَفِيهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ , وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا اسْتَلْزَمَ رِيَاءً وَنَحْوَهُ , وَفِيهِ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ , وَأَنَّ عُمُومَ النَّهْيِ عَنْ إِمَامَةِ الزَّائِرِ مَنْ زَارَهُ مَخْصُوصٌ بِمَا إِذَا كَانَ الزَّائِرُ هُوَ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ , فَلَا يُكْرَهُ , وَكَذَا مَنْ أَذِنَ لَهُ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ ,
وَفِيهِ إِجَابَةُ الْفَاضِلِ دَعْوَةَ الْمَفْضُولِ , وَالتَّبَرُّكُ بِالْمَشِيئَةِ , وَالْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ وَاسْتِصْحَابُ الزَّائِرِ بَعْضَ أَصْحَابِهِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُسْتَدْعِيَ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ , وَالِاسْتِئْذَانُ عَلَى الدَّاعِي فِي بَيْتِهِ , وَإِنْ تَقَدَّمَ مِنْهُ طَلَبُ الْحُضُورِ , وَأَنَّ اتِّخَاذَ مَكَانٍ فِي الْبَيْتِ لِلصَّلَاةِ لَا يَسْتَلْزِمُ وَقْفِيَّتَهُ , وَلَوْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْجِدِ , وَفِيهِ اجْتِمَاعُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ عَلَى الْإِمَامِ أَوِ الْعَالِمِ إِذَا وَرَدَ منزل بَعضهم ليستفيدوا مِنْهُ , وَالتَّنْبِيهُ عَلَى مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْفَسَادُ فِي الدِّينِ عِنْدَ الْإِمَامِ عَلَى جِهَةِ النَّصِيحَةِ , وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ غِيبَةً , وَأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَتَثَبَّتَ فِي ذَلِكَ , وَيَحْمِلَ الْأَمْرَ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الْجَمِيلِ وَفِيهِ افْتِقَادُ مَنْ غَابَ عَنِ الْجَمَاعَةِ بِلَا عُذْرٍ , وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْإِيمَانِ النُّطْقُ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادٍ , وَأَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ مَنْ مَاتَ عَلَى التَّوْحِيدِ.
وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ غَيْرَ تَرْجَمَةِ الْبَابِ وَالَّذِي قَبْلَهُ: الرُّخْصَةَ فِي الصَّلَاةِ فِي الرِّحَالِ عِنْدَ الْمَطَرِ , وَصَلَاةِ النَّوَافِلِ جَمَاعَةً , وَسَلَامِ الْمَامُومِ حِينَ يُسَلِّمُ الْإِمَامُ , وَأَنَّ رَدَّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ لَا يَجِبُ , وَأَنَّ الْإِمَامَ إِذَا زَارَ قَوْمًا أَمَّهُمْ , وَشُهُودَ عِتْبَانَ بَدْرًا , وَأَكْلَ الْخَزِيرَةِ , وَأَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ تَعَالَى يُنَجِّي صَاحِبَهُ إِذَا قَبِلَهُ اللهُ تَعَالَى , وَأَنَّ مَنْ نَسَبَ مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ إِلَى النِّفَاقِ وَنَحْوِهِ بِقَرِينَةٍ تَقُومُ عِنْدَهُ , لَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ وَلَا يَفْسُقُ , بَلْ يُعْذَرُ بِالتَّاوِيلِ.