(٢) وَهُوَ شَاهِدٌ قَوِيٌّ لِحَدِيثِ الْقَحْطَانِيّ، فَإِنَّ حِمْيَرَ يَرْجِعُ نَسَبُهَا إِلَى قَحْطَان، وَبِهِ يَقْوَى أَنَّ مَفْهُومَ حَدِيثِ مُعَاوِيَة " مَا أَقَامُوا الدِّين " أَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يُقِيمُوا الدِّينَ خَرَجَ الْأَمْرُ عَنْهُمْ، وَيُؤْخَذُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ خُرُوجَهُ عَنْهُمْ إِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ إِيقَاعِ مَا هُدِّدُوا بِهِ مِنْ اللَّعْنِ أَوَّلًا , وَهُوَ الْمُوجِبُ لِلْخِذْلَانِ وَفَسَادِ التَّدْبِير، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي صَدْرِ الدَّوْلَة الْعَبَّاسِيَّة، ثُمَّ التَّهْدِيدُ بِتَسْلِيطِ مَنْ يُؤْذِيهِمْ عَلَيْهِمْ، وَوُجِدَ ذَلِكَ فِي غَلَبَة مَوَالِيهمْ , بِحَيْثُ صَارُوا مَعَهُمْ كَالصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ, يَقْتَنِعُ بِلَذَّاتِهِ , وَيُبَاشِرُ الْأُمُورَ غَيْرُه، ثُمَّ اِشْتَدَّ الْخَطْبُ , فَغَلَبَ عَلَيْهِمْ الدَّيْلَم , فَضَايَقُوهُمْ فِي كُلِّ شَيْء , حَتَّى لَمْ يَبْقَ لِلْخَلِيفَةِ إِلَّا الْخُطْبَة، وَاقْتَسَمَ الْمُتَغَلِّبُونَ الْمَمَالِكَ فِي جَمِيعِ الْأَقَالِيم، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِمْ طَائِفَةٌ بَعْدَ طَائِفَة , حَتَّى انْتُزِعَ الْأَمْر مِنْهُمْ فِي جَمِيعِ الْأَقْطَار , وَلَمْ يَبْقَ لِلْخَلِيفَةِ إِلَّا مُجَرَّد الِاسْمِ فِي بَعْضِ الْأَمْصَار. فتح الباري (٢٠/ ١٥٥)(٣) (حم) ١٦٨٧٣ , (طب) ٤٢٢٧ , انظر صَحِيح الْجَامِع: ٤٤٦٣
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute