للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(د) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَة: {إِنَّ اللهَ يَامُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ , إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ , إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} (١) وَيَضَعُ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ، وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنِهِ" (٢)

الشرح (٣)


(١) [النساء/٥٨]
(٢) (د) ٤٧٢٨ , (حب) ٢٦٥ , انظر الصَّحِيحَة تحت حديث: ٣٠٨١،
وقال الألباني: إسناد حديث أبي هريرة صحيح على شرط مسلم , وكذا قال الحاكم , والذهبي , والحافظ. أ. هـ
وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في (حب): إسناده صحيح.
(٣) قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِم السُّنَن: وَضْعُهُ - صلى الله عليه وسلم - إِصْبَعَيْهِ عَلَى أُذُنِهِ وَعَيْنِهِ عِنْد قِرَاءَتِهِ {سَمِيعًا بَصِيرًا} مَعْنَاهُ إِثْبَاتُ صِفَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ للهِ سُبْحَانَه , لَا إِثْبَاتَ الْعَيْنِ وَالْأُذُن , لِأَنَّهُمَا جَارِحَتَانِ , وَالله سُبْحَانَه مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِهِ , مَنْفِيًّا عَنْهُ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ صِفَاتِ الْآدَمِيِّينَ وَنُعُوتِهِمْ، لَيْسَ بِذِي جَوَارِح , وَلَا بِذِي أَجْزَاءٍ وَأَبْعَاض {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير} , وَرَدَّ عَلَيْهِ بَعْضُ الْعُلَمَاء فَقَالَ: قَوْله " لَا إِثْبَاتَ الْعَيْنِ وَالْأُذُن إِلَخْ " لَيْسَ مِنْ كَلَامِ أَهْل التَّحْقِيق , وَأَهْلُ التَّحْقِيق يَصِفُونَ الله تَعَالَى بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ , وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُه , وَلَا يَبتَدِعُونَ للهِ وَصْفًا لَمْ يَرِدْ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّة، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} وَقَالَ: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}.
وَقَوْلُه " لَيْسَ بِذِي جَوَارِح , وَلَا بِذِي أَجْزَاء وَأَبْعَاض " كَلَامٌ مُبْتَدَعٌ مُخْتَرَعٌ , لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ السَّلَف , لَا نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا , بَلْ يَصِفُونَ اللهَ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَه , وَيَسْكُتُونَ عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ , وَلَا يُكَيِّفُونَ , وَلَا يُمَثِّلُونَ , وَلَا يُشَبِّهُونَ اللهَ بِخَلْقِهِ , فَمَنْ شَبَّهَ اللهَ بِخَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ , وَلَيْسَ مَا وَصَفَ اللهُ بِهِ نَفْسَه وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ تَشْبِيهًا , وَإِثْبَاتُ صِفَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَر لِلهِ حَقٌّ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّيْخ.
وَأَسْنَدَ اللَّالْكَائِيّ مِنْ طَرِيق الْوَلِيد بْن مُسْلِم , سَأَلْت الْأَوْزَاعِيَّ وَمَالِكًا وَالثَّوْرِيَّ وَاللَّيْث بْن سَعْد عَنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا الصِّفَة , فَقَالُوا: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلَا كَيْف. وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَة.
وَأَمَّا الْجَهْمِيَّةُ فَأَنْكَرُوهَا , وَقَالُوا: هَذَا تَشْبِيهٌ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْن رَاهْوَيْهِ: إِنَّمَا يَكُون التَّشْبِيهُ لَوْ قِيلَ: يَدٌ كَيَدٍ , وَسَمْع كَسَمْعٍ.
وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ: أَهْلُ السُّنَّةِ مُجْمِعُونَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّة , وَلَمْ يُكَيِّفُوا شَيْئًا مِنْهَا , وَأَمَّا الْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ , فَقَالُوا: مَنْ أَقَرَّ بِهَا فَهُوَ مُشَبِّه. عون المعبود - (ج ١٠ / ص ٢٤٥)