للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(س) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: (" كُنْتُ أَنَا وَرَسُول اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - نَبِيتُ فِي الشِّعَارِ (١) الْوَاحِدِ وَأَنَا طَامِثٌ حَائِضٌ، فَإِنْ أَصَابَهُ مِنِّي شَيْءٌ غَسَلَ) (٢) (مَا أَصَابَهُ وَلَمْ يَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ (٣) وَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ يَعُودُ مَعِي، فَإِنْ أَصَابَهُ مِنِّي شَيْءٌ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ) (٤) (غَسَلَ مَكَانَهُ) (٥) (وَلَمْ يَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ) (٦) (وَصَلَّى فِيهِ ") (٧)

الشَّرْح:

(" كُنْتُ أَنَا وَرَسُول اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - نَبِيتُ فِي الشِّعَارِ الْوَاحِدِ) الشِّعَار بِالْكَسْرِ ثَوْب يَلِي الْجَسَد سمِّيَ بذلك لِأَنَّهُ يَلِي شَعْره , وَالدِّثَار ثَوْب فَوْقه. عون٢١٦٦

والمعنى: بلا حاجب من ثوب.

(وَأَنَا طَامِثٌ حَائِضٌ) قَوْلها: طَامِث تَأكِيد لِقَوْلِها حَائِض. عون٢٦٩

فيكون من التوكيد بالمترادف. ذخيرة٧٧٣

قال في المنهل: والحديث لا ينافي ما ثبت من " أنه - صلى اللهُ عليه وسلَّم - كان إذا أراد أن يضاجع إحدى أزواجه وهي حائض أمرها أن تتزر , ثم يضاجعها " , لأن الظاهر أن عائشة كانت تأتزر , ثم تنام معه في الشعار. ذخيرة٢٨٤

(فَإِنْ أَصَابَهُ) أَيْ: أَصَابَ بَدَنه. عون٢١٦٦

قلت: لكن قولها في بقية الرواية (غَسَلَ مَا أَصَابَهُ وَلَمْ يَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ , وَصَلَّى فِيهِ) يدل على أنها تعني الشِّعَار , وليس بدنه. ع

(مِنِّي شَيْءٌ) أَيْ: مِنْ دَم الْحَيْض. عون٢٦٩

(غَسَلَ مَا أَصَابَهُ وَلَمْ يَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ) أَيْ: لَمْ يُجَاوِز مَوْضِع الدَّم إِلَى غَيْره , بَلْ يَقْتَصِر عَلَى مَوْضِع الدَّم. عون٢٦٩

(وَصَلَّى فِيهِ) أَيْ: في ذلك الشعار

(ثُمَّ يَعُودُ مَعِي) أَيْ: إلى النوم معي. ذخيرة٢٨٤

أَيْ: أنه يرتدي ذلك الشعار معها مرة أخرى. ذخيرة٧٧٣

(فَإِنْ أَصَابَهُ مِنِّي شَيْءٌ) أَيْ: إِنْ أَصَابَ ثَوْبه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد الْعَوْد. عون٢٦٩

قلت: هكذا ذكر صاحب عون المعبود , فمرة قال بدنه , ومرة قال ثيابه , والأرجح أنه الشعار , لقولها: (وَصَلَّى فِيهِ)

(فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ , غَسَلَ مَكَانَهُ وَلَمْ يَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ , وَصَلَّى فِيهِ)

فَوائِدُ الْحَدِيث:

الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى جَوَاز النَّوْم مَعَ الْحَائِض وَالِاضْطِجَاع مَعَهَا فِي لِحَاف وَاحِد إِذَا كَانَ هُنَاكَ حَائِل يَمْنَع مِنْ مُلَاقَاة الْبَشَرَة فِيمَا بَيْن السُّرَّة وَالرُّكْبَة أَوْ تَمْنَع الْفَرْج وَحْده عِنْد مَنْ لَا يُحَرِّم إِلَّا الْفَرْج. عون٢١٦٦

وأنه إن أصاب الثوب ونحوه , يغسل محل الإصابة فقط. ذخيرة٢٨٤

وفيه جواز الصلاة في الشعار الذي يرتديه الرجل مع امرأته إذا تيقن طهارته. ذخيرة٧٧٣

وفيه بيان ما كان عليه النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - من سعة الأخلاق ولين الجانب. ذخيرة٢٨٤

مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:

اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى نَجَاسَةِ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالاسْتِحَاضَةِ (٨) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا، إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي ".


(١) الشعار: الثوب الذي يلي الجلد من البدن , والمعنى بلا حاجب من ثوب.
(٢) (س) ٣٧٢
(٣) أَيْ: لَمْ يُجَاوِز مَوْضِع الدَّم إِلَى غَيْره , بَلْ يَقْتَصِر عَلَى مَوْضِع الدَّم. عون المعبود - (ج ١ / ص ٣١٧)
(٤) (س) ٧٧٣
(٥) (س) ٣٧٢
(٦) (س) ٧٧٣
(٧) (س) ٣٧٢ , (د) ٢٦٩ , (حم) ٢٤٢١٩
(٨) الاختيار شرح المختار ١/ ٣١ ط مصطفى الحلبي ١٩٣٦، ومراقي الفلاح ٣٠، وأسهل المدارك شرح إرشاد السالك ١/ ١٠٤، والمهذب ١/ ٥٣، والمغني لابن قدامة مع الشرح ١/ ٧٣١.