(٢) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفِقْه أَنَّ عَيْن النَّوْم لَيْسَ بِحَدَثٍ , وَلَوْ كَانَ حَدَثًا لَكَانَ أَيُّ حَال وُجِدَ نَاقِضًا لِلطَّهَارَةِ , كَسَائِرِ الْأَحْدَاث الَّتِي قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا وَعَمْدُهَا وَخَطَؤُهَا سَوَاء فِي نَقْضِ الطَّهَارَة، وَإِنَّمَا هُوَ مَظِنَّة لِلْحَدَثِ , مُوهِم لِوُقُوعِهِ مِنْ النَّائِم غَالِبًا , فَإِذَا كَانَ بِحَالٍ مِنْ التَّمَاسُك فِي الِاسْتِوَاء فِي الْقُعُود الْمَانِع مِنْ خُرُوج الْحَدَث مِنْهُ , كَانَ مَحْكُومًا بِبَقَاءِ الطَّهَارَة الْمُتَقَدِّمَة، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ , بَلْ يَكُون مُضْطَجِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ قَائِمًا أَوْ مَائِلًا إِلَى أَحَد شِقَّيْهِ أَوْ عَلَى حَالَة يَسْهُل مَعَهَا خُرُوج الْحَدَث مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُر بِذَلِكَ , كَانَ أَمْره مَحْمُولًا عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُون مِنْهُ الْحَدَث فِي تِلْكَ الْحَال غَالِبًا، وَلَوْ كَانَ نَوْم الْقَاعِد نَاقِضًا لِلطَّهَارَةِ لَمْ يَجُزْ عَلَى عَامَّة أَصْحَاب رَسُول الله - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَهُوَ بَيْن أَظْهُرهمْ , وَالْوَحْي يَنْزِل عَلَيْهِ أَنْ يُصَلُّوا مُحْدِثِينَ بِحَضْرَتِهِ، فَدَلَّ أَنَّ النَّوْم إِذَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَة غَيْر نَاقِض لِلطُّهْرِ , وَفِي قَوْله: (كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله - صلى اللهُ عليه وسلَّم - يَنْتَظِرُونَ إِلَخْ) دَلِيل عَلَى أَنَّ ذَلِكَ أَمْر كَانَ يَتَوَاتَر مِنْهُمْ , وَأَنَّهُ قَدْ كَثُرَ حَتَّى صَارَ كَالْعَادَةِ لَهُمْ , وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَادِرًا فِي بَعْض الْأَحْوَال، وَذَلِكَ يُؤَكِّد مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ عَيْن النَّوْم لَيْسَ بِحَدَثٍ. أ. هـ عون المعبود - (ج ١ / ص ٢٢٨)(٣) (د) ٢٠٠ , (حم) ١٣٥٢٨
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute