(٢) (حم) ١٢٢١٣ , (م) ٢٠٣ (٣) قال الألباني في الصَّحِيحَة ٢٥٩٢: واعلم أيها الأخ المسلم أن بعض الناس اليوم , وقبل اليوم , لَا استعداد عندهم لقبول هذه الأحاديث الصحيحة، وتَبَنِّي ما فيها من الحكم بالكفر على وَالدَيْ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل إن فيهم من يُظَنُّ أنه من الدعاة إلى الإسلام , لَيَسْتَنْكِرُ أشدَّ الاستنكارِ التعرُّضَ لذكرِ هذه الأحاديثِ ودِلالتها الصريحة! , وفي اعتقادي أن هذا الاستنكار إنما يَنْصَبُّ منهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قالها إن صدقوا بها , وهذا - كما هو ظاهر - كفرٌ بَواح، أو على الأقل على الأئمة الذين رووها وصحَّحوها، وهذا فِسق , أو كُفر صراح , لأنه يلزم منه تشكيك المسلمين بدينهم , لأنه لَا طريق لهم إلى معرفته والإيمان به إِلَّا من طريق نبيهم - صلى الله عليه وسلم - كما لَا يخفى على كل مسلم بصير بدينه، فإذا لم يُصَدِّقوا بها لعدم موافقتها لعواطفهم وأذواقهم وأهوائهم - والناس في ذلك مختلفون أشد الاختلاف - كان في ذلك فتحُ بابٍ عظيمٍ جِدَّا لردِّ الأحاديث الصحيحة، وهذا أمر مُشاهدٌ اليوم من كثير من الكُتَّاب الذين ابتُلِيَ المسلمون بكتاباتهم , ممن لَا ميزانَ عندَهُم لتصحيحِ الأحاديثِ وتضعيفها إِلَّا أهواؤهم! واعلم أيها المسلم المُشْفِق على دينه أن يُهْدَمَ بأقلام بعض المنتسبين إليه , أن هذه الأحاديث ونحوها مما فيه الإخبار بِكُفْر أشخاصٍ أو إيمانهم، إنما هو من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها , وتَلَقِّيها بالقَبول، لقوله تعالى: {الم , ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ , الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (البقرة: ١ - ٣) وقوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (الأحزاب: ٣٦) , فالإعراض عنها , وعدم الإيمان بها يلزم منه أحد أمرين , لَا ثالث لهما - وأحلاهما مُرٌّ -: إما تكذيبُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وإما تكذيبُ رُواتها الثقات كما تقدم , وأنا حينَ أكتبُ هذا , أعلم أن بعضَ الذين يُنكرون هذه الأحاديث , أو يتأولونها تأويلا باطلا - كما فعل السيوطي عفا الله عنا وعنه في بعض رسائله - إنما يحملهم على ذلك غُلُوُّهم في تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - وحبُّهم إياه، فيُنكرون أن يكون أبواه - صلى الله عليه وسلم - كما أخبر هو نفسه عنهما، فكأنهم أَشْفَقُ عليهما منه - صلى الله عليه وسلم -!! , وقد لَا يتورَّع بعضُهم أن يرْكَن في ذلك إلى الحديث المشهور على ألسنة بعض الناس , الذي فيه أن النبيَ - صلى الله عليه وسلم - أحيا اللهُ له أمه، وفي رواية: أبويه " وهو حديث موضوع باطل عند أهل العلم " , كالدارقطني، وابن عساكر , والذهبي والعسقلاني , وغيرهم كما هو مبيَّن في موضعه، وراجعْ له إن شئت كتاب " الأباطيل والمناكير " للجورقاني بتعليق الدكتور عبد الرحمن الفريوائي (١/ ٢٢٢ - ٢٢٩) , وقال ابن الجوزي في " الموضوعات " (١/ ٢٨٤): " هذا حديث موضوع بلا شك، والذي وضعه قليل الفهم، عديم العلم، إذ لو كان له عِلم , لَعَلِمَ أن من مات كافرا لَا ينفعُه أن يؤمنَ بعد الرَّجْعَة، لَا , بل لو آمن عند المعاينة. ويكفي في رد هذا الحديث قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ " فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ " فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ , وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة/٢١٧] وقولُه - صلى الله عليه وسلم - في (الصحيح): " استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي". أ. هـ