للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(جة)، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَكَانَ , وَكَانَ .. فَأَيْنَ هُوَ؟، قَالَ: " فِي النَّارِ " , فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ , فَأَيْنَ أَبُوكَ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ كَافِرٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ " , قَالَ: فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ , وَقَالَ: لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَعَبًا، مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ. (١)


(١) (جة) ١٥٧٣ , (طب) ٣٢٦ , صَحِيح الْجَامِع: ٣١٦٥ , الصَّحِيحَة: ١٨
وقال الألباني: وفي هذا الحديث فائدة هامة أغفلتْهَا عامة كتب الفقه، أَلَا وهي مشروعية تبشير الكافر بالنار إذا مرَّ بقبره , ولا يخفى ما في هذا التشريع من إيقاظِ المؤمن , وتذكيرِه بخطورة جُرْم هذا الكافر , حيث ارتكب ذنبا عظيما تَهُون ذنوب الدنيا كلها تجاهه ولو اجتمعت، وهو الكفر بالله - عز وجل - والإشراكُ به , الذي أبان الله تعالى عن شِدَّة مَقْتِه إياه حين استثناه من المغفرة فقال: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ , وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء/٤٨].
وإن الجهل بهذه الفائدة أودى ببعض المسلمين إلى الوقوع في خلاف ما أراد الشارعُ الحكيمُ منها، فإننا نعلم أن كثيرا من المسلمين يأتون بلاد الكفر لقضاء بعض المصالح الخاصة أو العامة، فلا يكتفون بذلك حتى يقصدوا زيارة بعض قبور من يسمونهم بعظماء الرجال من الكفار , ويضعونَ على قبورِهِم الأزهار والأكاليل , ويقفون أمامها خاشعين مَحزونين، مما يُشعر بِرِضاهم عنهم , وعدم مَقْتِهم إياهم، مع أن الأسوة الحسنة بالأنبياء عليهم السلام تقضي خلاف ذلك كما في هذا الحديث الصحيح , واسمع قول الله - عز وجل -: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ , إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ , كَفَرْنَا بِكُمْ , وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة/٤].
هذا موقفهم منهم وهم أحياء , فكيف وهم أموات؟!. أ. هـ