للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ حم) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ (١) قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: (" إنَّ أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ (٢) مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ , اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ (٣) ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ - عليه السلام - وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ , حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ , عِنْدَ دَوْحَةٍ (٤) فَوْقَ زَمْزَمَ , فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ (٥) وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ , وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ , فَوَضَعَهُمَا هُنَاكَ , وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ , وَسِقَاءً (٦) فِيهِ مَاءٌ , ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ (٧) مُنْطَلِقًا , فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ , فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ , أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ؟ , فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا , وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا , فَقَالَتْ لَهُ: اللهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ , قَالَ: نَعَمْ , قَالَتْ: إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا , ثُمَّ رَجَعَتْ , فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ , حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ (٨) حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ , اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ , ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ (٩) وَدَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ , فَقَالَ: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ , رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَلَاةَ , فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ , وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} (١٠)) (١١)


(١) هذا الحديث رواه ابن عباس موقوفا في بدايته , لكنه صرح بالتحديث عند قَوْلُهُ: (يَرْحَمُ اللهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ , لَوْ تَرَكْت زَمْزَم، أَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ تَغْرِف مِنْ زَمْزَم)
قال الحافظ في الفتح (ج ١٠ / ص ١٤٦): وَهَذَا الْقَدْر صَرَّحَ اِبْنُ عَبَّاس بِرَفْعِهِ عَنْ النَّبِيّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَفِيهِ إِشْعَار بِأَنَّ جَمِيع الْحَدِيث مَرْفُوع. أ. هـ
(٢) (الْمِنْطَق): مَا يُشَدّ بِهِ الْوَسَط.
(٣) قال الحافظ في الفتح: وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِكَ أَنَّ سَارَةَ كَانَتْ وَهَبَتْ هَاجَرَ لِإِبْرَاهِيم , فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِإِسْمَاعِيل، فَلَمَّا وَلَدَتْهُ غَارَتْ مِنْهَا , فَحَلَفَتْ لَتَقْطَعَنَّ مِنْهَا ثَلَاثَة أَعْضَاء , فَاِتَّخَذَتْ هَاجَرُ مِنْطَقًا فَشَدَّتْ بِهِ وَسَطهَا وَهَرَبَتْ , وَجَرَّتْ ذَيْلهَا لِتُخْفِي أَثَرهَا عَلَى سَارَةَ، وَيُقَال: إِنَّ إِبْرَاهِيم شَفَعَ فِيهَا , وَقَالَ لِسَارَةَ: حَلِّلِي يَمِينك بِأَنْ تَثْقُبِي أُذُنَيْهَا وَتَخْفِضِيهَا , وَكَانَتْ أَوَّل مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ.
وَيُقَال: إِنَّ سَارَةَ اِشْتَدَّتْ بِهَا الْغَيْرَة , فَخَرَجَ إِبْرَاهِيم بِإِسْمَاعِيل وَأُمِّه إِلَى مَكَّة لِذَلِكَ.
(٤) الدوحة: الشَّجَرَة الْكَبِيرَة.
(٥) أَيْ: مَكَان الْمَسْجِد، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بُنِيَ حِينَئِذٍ. فتح الباري (ج ١٠ / ص ١٤٦)
(٦) السِّقَاء: قِرْبَة صَغِيرَة.
(٧) أَيْ: وَلَّى رَاجِعًا إِلَى الشَّام.
(٨) الثَّنِيَّةُ: مَا اِرْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ , وَقِيلَ: الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ.
(٩) فيه دليل على استحباب استقبال القبلة عند الدعاء , وكذلك رفع اليدين فيه. ع
(١٠) [إبراهيم/٣٧]
(١١) (خ) ٣١٨٤ , (حم) ٣٣٩٠