للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ط هق) , وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ يَنْحَلُونَ أَبْنَاءَهُمْ نِحَلًا ثُمَّ يُمْسِكُونَهَا (١) فَإِنْ مَاتَ ابْنُ أَحَدِهِمْ قَالَ: مَالِي بِيَدِي , لَمْ أُعْطِهِ أَحَدًا (٢) وَإِنْ مَاتَ هُوَ قَالَ: هُوَ لِابْنِي , قَدْ كُنْتُ أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ (٣) مَنْ نَحَلَ نُحْلَةً فَلَمْ يَحُزْهَا الَّذِي نُحِلَهَا حَتَّى يَكُونَ إِنْ مَاتَ لِوَرَثَتِهِ فَهِيَ بَاطِلٌ (٤). (٥)

وفي رواية: لَا نُحْلَةَ إِلَّا نُحْلَةً يَحُوزُهَا الْوَلَدُ دُونَ الْوَالِدِ، فَإِنْ مَاتَ وَرِثَهُ. (٦)


(١) الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّ إخْرَاجَ الْعَطِيَّةِ مِنْ يَدِ الْأَبِ النَّاحِلِ هُوَ الْوَاجِبُ أَوْ الْأَفْضَلُ , فَإِنْ كَانَ الِابْنُ بَالِغًا مَالِكًا لِأَمْرِ نَفْسِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَإِنَّ مِنْ الْعَطَايَا مَا لَا يَصِحُّ إِلَّا بِإِخْرَاجِ الْأَبِ الْعَطِيَّةَ مِنْ يَدِهِ إِلَى يَدِ مَنْ يَحُوزُهَا لَهُ , وَمِنْهَا مَا يَصِحُّ حِيَازَتُهَا مَعَ بَقَائِهَا بِيَدِ الْأَبِ , إِلَّا أَنَّ إخْرَاجَهَا عَنْ يَدِ الْأَبِ إِلَى يَدِ غَيْرِهِ أَفْضَلُ وَأَبْيَنُ فِي صِحَّةِ الْحِيَازَةِ , فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَطَايَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: مِنْهَا مَا لَا يَتَعَيَّنُ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ , وَمِنْهَا مَا يَتَعَيَّنُ كَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَالثِّيَابِ , فَأَمَّا الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فَإِنَّهَا إِنْ بَقِيَتْ بِيَدِ الْوَاهِبِ غَيْرِ مَخْتُومٍ عَلَيْهَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ , فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إِنْ مَاتَ الْأَبُ وَهِيَ عَلَى ذَلِكَ فَالْعَطِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ دَنَانِيرَ مُعَيَّنَةٍ , فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ وَإِنْ طَبَعَ عَلَيْهَا , حَتَّى يَدْفَعَهَا إِلَى غَيْرِهِ وَيُخْرِجَهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا غَيْرُ مَعْرُوفَةِ الْعَيْنِ وَلَا مُتَعَيِّنَةٍ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا , وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُعْرَفَ أَعْيَانُهَا إِذَا أُفْرِدَتْ مِنْ غَيْرِهَا , وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ إِذَا وَهَبَهُ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ دَنَانِيرِهِ. المنتقى - شرح الموطأ - (ج ٤ / ص ٥٧)
(٢) يَعْنِي لَمْ أُعْطِ أَحَدًا , يُرِيدُ أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْهُ وَرَثَةَ الِابْنِ , واعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِفَاعِلِهِ , وَأَنَّهُ إِذَا أَعْطَى ابْنَهُ عَطِيَّةً ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهَا وَيَقُولُ: هَذَا مَالِي , وَرُبَّمَا حَجَرَ الْإِعْطَاءَ وَأَخْفَى وَثِيقَةَ الْعَطِيَّةِ. المنتقى (ج ٤ / ص ٥٧)
(٣) وَلَا يَحِلُّ أَيْضًا أَنْ يُعْطِيَهُ عَطَاءً لَمْ يَبْتِلْهُ لَهُ ثُمَّ يُدْرِكَ الْمَوْتُ الْأَبَ , فَيُعَرِّيَهُ عَنْ بَعْضِ وَرَثَتِهِ وَيَقُولَ: قَدْ كُنْت وَهَبْته لِابْنِي وَهُوَ لَمْ يَبْتِلْ تِلْكَ الْهِبَةَ. المنتقى - شرح الموطأ - (ج ٤ / ص ٥٧)
البَتْلَة: مِلْكٌ وَاجِبٌ لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ نَقْص. شرح سنن النسائي - (ج ٥ / ص ٢٨١)
(٤) ظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ الْمَنْحُولُ كَبِيرًا يَحُوزُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا لِصَغِيرٍ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ قَدْ يَحُوزُ لَهُ غَيْرُهُ، وَقَدْ يَحُوزُ لِلْكَبِيرِ غَيْرُهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ , وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب أَنْ يَحُوزَ لِنَفْسِهِ، أَوْ يَحُوزَ لَهُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْكِيلٍ أَوْ وَجْهٍ سَائِغٍ فِي الشَّرْعِ. المنتقى - شرح الموطأ - (ج ٤ / ص ٥٧)
(٥) (ط) ١٤٣٩ , (عب) ١٦٥٠٩ , (هق) ١١٧٢٩
(٦) (هق) ١١٧٣٣ , (عب) ١٦٥٠٩ , (ش) ٢٠١٢٤ , وصححه الألباني في الإرواء: ١٦٣٤