للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ قَسَامَةٍ (١) كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَفِينَا بَنِي هَاشِمٍ , كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ اسْتَأجَرَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ فَخِذٍ أُخْرَى , فَانْطَلَقَ مَعَهُ فِي إِبِلِهِ , فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَدْ انْقَطَعَتْ عُرْوَةُ جُوَالِقِهِ (٢) فَقَالَ: أَغِثْنِي بِعِقَالٍ (٣) أَشُدُّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِي , لَا تَنْفِرُ الْإِبِلُ , فَأَعْطَاهُ عِقَالًا فَشَدَّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِهِ , فَلَمَّا نَزَلُوا , عُقِلَتْ الْإِبِلُ إِلَّا بَعِيرًا وَاحِدًا , فَقَالَ الَّذِي اسْتَأجَرَهُ: مَا شَأنُ هَذَا الْبَعِيرِ لَمْ يُعْقَلْ مِنْ بَيْنِ الْإِبِلِ؟ , قَالَ: لَيْسَ لَهُ عِقَالٌ , قَالَ: فَأَيْنَ عِقَالُهُ؟ , فَحَذَفَهُ بِعَصًا كَانَ فِيهَا أَجَلُهُ , فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ , فَقَالَ: أَتَشْهَدُ الْمَوْسِمَ (٤)؟ , قَالَ: مَا أَشْهَدُ , وَرُبَّمَا شَهِدْتُهُ , قَالَ: هَلْ أَنْتَ مُبْلِغٌ عَنِّي رِسَالَةً مَرَّةً مِنْ الدَّهْرِ؟ , قَالَ: نَعَمْ , قَالَ: إِذَا أَنْتَ شَهِدْتَ الْمَوْسِمَ , فَنَادِ: يَا آلَ قُرَيْشٍ , فَإِذَا أَجَابُوكَ , فَنَادِ: يَا آلَ بَنِي هَاشِمٍ , فَإِنْ أَجَابُوكَ , فَسَلْ عَنْ أَبِي طَالِبٍ , فَأَخْبِرْهُ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَنِي فِي عِقَالٍ , وَمَاتَ الْمُسْتَأجَرُ , فَلَمَّا قَدِمَ الَّذِي اسْتَأجَرَهُ , أَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ: مَا فَعَلَ صَاحِبُنَا؟ قَالَ: مَرِضَ , فَأَحْسَنْتُ الْقِيَامَ عَلَيْهِ , فَوَلِيتُ دَفْنَهُ , قَالَ: قَدْ كَانَ أَهْلَ ذَاكَ مِنْكَ , فَمَكَثَ حِينًا , ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي أَوْصَى إِلَيْهِ أَنْ يُبْلَّغَ عَنْهُ وَافَى الْمَوْسِمَ (٥) فَقَالَ: يَا آلَ قُرَيْشٍ , قَالُوا: هَذِهِ قُرَيْشٌ , قَالَ: يَا آلَ بَنِي هَاشِمٍ , قَالُوا: هَذِهِ بَنُو هَاشِمٍ , قَالَ: أَيْنَ أَبُو طَالِبٍ , قَالُوا: هَذَا أَبُو طَالِبٍ , قَالَ: أَمَرَنِي فُلَانٌ أَنْ أُبْلِغَكَ رِسَالَةً أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ فِي عِقَالٍ , فَأَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ , فَقَالَ لَهُ: اخْتَرْ مِنَّا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تُؤَدِّيَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ , فَإِنَّكَ قَتَلْتَ صَاحِبَنَا [خَطَأً] (٦) وَإِنْ شِئْتَ حَلَفَ خَمْسُونَ مِنْ قَوْمِكَ أَنَّكَ لَمْ تَقْتُلْهُ , فَإِنْ أَبَيْتَ قَتَلْنَاكَ بِهِ , فَأَتَى قَوْمَهُ , فَقَالُوا: نَحْلِفُ , فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْهُمْ (٧) قَدْ وَلَدَتْ لَهُ فَقَالَتْ: يَا أَبَا طَالِبٍ , أُحِبُّ أَنْ تُجِيزَ ابْنِي هَذَا (٨) بِرَجُلٍ مِنْ الْخَمْسِينَ , وَلَا تُصْبِرْ يَمِينَهُ (٩) حَيْثُ تُصْبَرُ الْأَيْمَانُ (١٠) فَفَعَلَ , فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ , فَقَالَ: يَا أَبَا طَالِبٍ , أَرَدْتَ خَمْسِينَ رَجُلًا أَنْ يَحْلِفُوا مَكَانَ مِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ , يُصِيبُ كُلَّ رَجُلٍ بَعِيرَانِ , هَذَانِ بَعِيرَانِ , فَاقْبَلْهُمَا عَنِّي , وَلَا تُصْبِرْ يَمِينِي حَيْثُ تُصْبَرُ الْأَيْمَانُ , فَقَبِلَهُمَا , وَجَاءَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَحَلَفُوا , قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , مَا حَالَ الْحَوْلُ , وَمِنْ الثَّمَانِيَةِ وَالْأَرْبَعِينَ عَيْنٌ تَطْرِفُ (١١). (١٢)


(١) القَسَامة: اليمين، كالقَسَم , وحقيقتُها أن يُقْسِمَ من أولياء الدَّمِ خمسون نَفَراً على اسْتِحْقاقِهم دَمَ صاحِبهم إذا وجَدُوه قَتِيلاً بين قَوْمٍ , ولم يُعْرَف قاتِلُه، فإن لم يكونوا خمسين , أقْسَم الموجُودون خمسين يَميناً، ولا يكون فيهم صَبِيٌّ , ولا امرأة , ولا مَجْنون , ولا عَبْد، أو يُقْسِمُ بِها المُتَّهَمُون على نَفْيِ القَتْلِ عنهم، فإنْ حَلَفَ المُدَّعُون , اسْتَحَقُّوا الدَّيَة، وإنْ حَلَفَ المُتَّهَمون , لم تَلْزمْهُم الدِّيَة.
(٢) (الجُوَالِق): وِعَاءٌ يَكُونُ مِنْ جُلُود.
(٣) أَيْ: بِحَبْلٍ.
(٤) أَيْ: مَوْسِم الْحَجّ. فتح الباري (ج ١١ / ص ١٦٣)
(٥) أَيْ: أَتَى في مَوْسِم الْحَجّ. فتح الباري (ج ١١ / ص ١٦٣)
(٦) (س) ٤٧٠٦
(٧) أَيْ: مِنْ قَوْمِ الْقَاتِل. فتح الباري (ج ١١ / ص ١٦٣)
(٨) أَيْ: تَهَبهُ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْيَمِين. فتح الباري (ج ١١ / ص ١٦٣)
(٩) أَصْل الصَّبْر: الْحَبْس وَالْمَنْع، وَمَعْنَاهُ فِي الْأَيْمَان: الْإِلْزَام، تَقُول: صَبَّرْتُه , أَيْ: أَلْزَمْتُه أَنْ يَحْلِفَ بِأَعْظَمِ الْأَيْمَان, حَتَّى لَا يَسْعَهُ أَنْ لَا يَحْلِف. فتح الباري (ج ١١ / ص ١٦٣)
(١٠) أَيْ: بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَام. فتح الباري (ج ١١ / ص ١٦٣)
(١١) أَيْ: تَتَحَرَّك , وَيُرِيد أَنَّهُم مَاتُوا كُلُّهُم. فتح الباري (ج ١١ / ص ١٦٣)
(١٢) (خ) ٣٦٣٢ , (س) ٤٧٠٦