للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(حم) , وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إِنِّي رَاكِبٌ غَدًا إِلَى يَهُودَ , فلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ , وَإِذَا سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ , فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ" (١)

الشرح (٢)


(١) (حم) ١٨٠٧٤ , (خد) ١١٠٢ , (جة) ٣٦٩٩ , صَحِيح الْجَامِع: ٢٤٦٤
(٢) قال الألباني في الصحيحة تحت حديث٧٠٤: جَمَعَنا مجلسٌ فيه طائفةٌ من أصحابنا أهل الحديث , فوَردَ سؤالٌ: هل يجوز أن يُقال في ردِّ السلام على غير المسلم: وعليكم السلام؟ ,
فأجبتُ بالجوازِ , بشرط أن يكونَ سلامُهُ فصيحا بيَّنا لَا يلوي فيه لسانه، كما كان اليهود يفعلونه مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بقولهم: السام عليكم , فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإجابابتهم بـ " وعليكم " فقط، كما ثبت في " الصحيحين " وغيرهما من حديث عائشة , قلت: فالنظرُ في سببِ هذا التشريعِ يقتضي جوازَ الردِّ بالمثلِ عندَ تحقُّقِ الشرط المذكور، وأيَّدْتُ ذلكَ بأمرين اثنين:
الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: " إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول: السام عليك، فقولوا: وعليك " أخرجه الشيخان , فقد علَّل النبيُّ صلى الله عليه وسلم قوله: " فقولوا: وعليك " بأنهم يقولون: السَّام عليك، فهذا التعليلُ يُعطي أنهم إذا قالوا: " السلام عليك " أن يرد عليهم بالمثل: " وعليك السلام " , ويؤيده الأمر الآتي
وهو: الثاني: عموم قوله تعالى {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} , فإنها بعمومها تشمل غير المسلمين أيضا.
ويؤيد أن الْآية على عمومها أمران: الأول: ما أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (١١٠٧) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: " ردوا السلام على من كان يهوديا أو نصرانيا , أو مجوسيا , ذلك بأن الله يقول: {وإذا حييتم بتحية ...} الْآية "
قلت: وسنده صحيح , لولا أنه من رواية سماك عن عكرمة , وروايته عنه خاصة مضطربة , ولعل ذلك إذا كانت مرفوعة , وهذه موقوفة كما ترى.
ويُقَوِّيها ما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: " لو قال لي فرعون: بارك الله فيك , قلت: وفيك , وفرعون قد مات ". أخرجه البخاري في " أدبه " (١١٣)، وسنده صحيح على شرط مسلم.
والآخر: قول الله تبارك وتعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} , فهذه الْآية صريحةٌ بالأمر بالإحسان إلى الكفار المُواطنين الذين يُسالمون المؤمنين , ولا يؤذونهم , والعدِل معهم , ومما لَا ريب فيه أن أحدَهم إذا سلَّم قائلا بصراحة: " السلام عليكم "، فرددناه عليه باقتضاب: " وعليك " أنه ليس من العدل في شيءٍ , ولا البِرِّ , لأننا في هذه الحالة نسوِّي بينه وبين من قد يقول منهم: " السام عليكم "، وهذا ظُلْمٌ ظاهر. والله أعلم. أ. هـ