للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م) , وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْأَنْصَارِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ: " بَعَثَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ - رضي الله عنه - إِلَى الْبَحْرَيْنِ (١) يَأتِي بِجِزْيَتِهَا (٢) - وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ , وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ - رضي الله عنه - " , فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ , فَسَمِعَتْ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ , فَوَافَوْا صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - " فَلَمَّا صَلَّى بِهِمُ الْفَجْرَ انْصَرَفَ " , فَتَعَرَّضُوا لَهُ (٣) " فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَآهُمْ , وَقَالَ: أَظُنُّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدْ جَاءَ بِشَيْءٍ " , قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ , قَالَ: " فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا (٤) مَا يَسُرُّكُمْ , فَوَاللهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ , وَلَكِنِّي أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ , فَتَنَافَسُوهَا (٥) كَمَا تَنَافَسُوهَا (٦) فَتُهْلِكَكُمْ (٧) كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ (٨) " (٩)


(١) الْبَحْرَيْنِ: هِيَ الْبَلَدُ الْمَشْهُورُ بِالْعِرَاقِ، وَهُوَ بَيْنَ الْبَصْرَةِ وَهَجَرَ. فتح (٩/ ٤٢٦)
(٢) أَيْ: بِجِزْيَةِ أَهْلِهَا، وَكَانَ غَالِبُ أَهْلِهَا إِذْ ذَاكَ الْمَجُوس، وَمِنْ ثَمَّ تَرْجَمَ عَلَيْهِ النَّسَائِيُّ " أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ الْمَجُوس "، وَذَكَرَ اِبْنُ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْد قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ بِالْجِعِرَّانَةِ أَرْسَلَ الْعَلَاءَ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى عَامِلِ الْبَحْرَيْنِ , يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَام , فَأَسْلَمَ , وَصَالَحَ مَجُوس تِلْكَ الْبِلَاد عَلَى الْجِزْيَة. فتح (٩/ ٤٢٦)
والجزية: عبارة عن الْمَال الذي يُعْقَد للْكِتَابي عليه الذِّمَّة، وهي فِعْلة، من الجزَاء، كأنها جَزَت عن قتله، والجزية مقابل إقامتهم في الدولة الإسلامية وحمايتها لهم.
(٣) أَيْ: سَأَلُوهُ بِالْإِشَارَةِ. فتح الباري (ج ٩ / ص ٤٢٦)
(٤) أَيْ: تفاءلوا بتحقيق الآمال.
(٥) التنافس: الرغبة في الشيء , ومحبة الانفراد به , والمغالبة عليه.
(٦) أَيْ: كَمَا رَغِبَ فِيهَا مَنْ قَبْلَكُمْ.
(٧) أَيْ: الدُّنْيَا.
(٨) فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ طَلَبَ الْعَطَاءِ مِنْ الْإِمَامِ لَا غَضَاضَةَ فِيهِ.
وَفِيهِ أَنَّ الْمُنَافَسَةَ فِي الدُّنْيَا قَدْ تَجُرُّ إِلَى هَلَاكِ الدِّين , وَوَقَعَ عِنْد مُسْلِمٍ مَرْفُوعًا:
" تَتَنَافَسُونَ، ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ، ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ، ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ "، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ كُلَّ خَصْلَةٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ مُسَبَّبَةٌ عَنْ الَّتِي قَبْلهَا. فتح الباري (ج ٩ / ص ٤٢٦)
(٩) (خ) ٢٩٨٨ , (م) ٦ - (٢٩٦١) , (ت) ٢٤٦٢ , (حم) ١٧٢٧٣