للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م د ت حم) , وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (" إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ (١) يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا (٢) مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا , وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا (٣)) (٤) (النَّائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمُضْطَجِعِ , وَالْمُضْطَجِعُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَاعِدِ , وَالْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ , وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي) (٥) (وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي (٦) وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا (٧) تَسْتَشْرِفْهُ (٨)) (٩) (قَتْلَاهَا كُلُّهُمْ فِي النَّارِ (١٠) فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَتَى ذَلِكَ؟ , قَالَ: ذَلِكَ أَيَّامَ الْهَرْجِ (١١) " , قَالَ: وَمَتَى أَيَّامُ الْهَرْجِ؟ , قَالَ: " حِينَ لَا يَأمَنُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ ") (١٢) (قَالُوا: فَمَا تَأمُرُنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟) (١٣) (قَالَ: " إِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ , مَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ , وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ , فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ , وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ , فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ " , فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ , أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلَا غَنَمٌ , وَلَا أَرْضٌ؟) (١٤) (قَالَ: " كَسِّرُوا قَسِيَّكُمْ (١٥) وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ (١٦) وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بِالْحِجَارَةِ (١٧)) (١٨) (وَالْزَمُوا فِيهَا أَجْوَافَ بُيُوتِكُمْ) (١٩) وفي رواية: (وَكُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ (٢٠) ") (٢١) (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ , أَرَأَيْتَ إِنْ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَيَّ دَارِي) (٢٢) (وَبَسَطَ يَدَهُ لِيَقْتُلَنِي؟) (٢٣) (قال: " فَادْخُلْ بَيْتَكَ " قال: أَرَأَيْتَ إِنْ دَخَلَ عَلَيَّ بَيْتِي؟ , قال: " فَادْخُلْ مَسْجِدَكَ) (٢٤) (وَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ (٢٥)) (٢٦) (وَتَلَا يَزِيدُ: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي, مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ , إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (٢٧)) (٢٨) (وَاصْنَعْ هَكَذَا - وَقَبَضَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَمِينِهِ عَلَى الْكُوعِ - وَقُلْ: رَبِّيَ اللهُ , حَتَّى تَمُوتَ عَلَى ذَلِكَ) (٢٩) (اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ , اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ , اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ " , فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ , أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ, أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ, فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ , أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي) (٣٠) (مَاذَا يَكُونُ مِنْ شَأنِي؟) (٣١) (قَالَ: " يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ (٣٢) وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (٣٣) ") (٣٤)


(١) يُرِيد بِذَلِكَ الْتِبَاسهَا , وَفَظَاعَتهَا , وَشُيُوعهَا , وَاسْتِمْرَارهَا. عون (٩/ ٢٩٧)
(٢) أَيْ: فِي تِلْكَ الْفِتَن. عون المعبود - (ج ٩ / ص ٢٩٧)
(٣) الْمُرَادُ بِالْإِصْبَاحِ وَالْإِمْسَاءِ: تَقَلُّبُ النَّاسِ فِيهَا وَقْتًا دُونَ وَقْت , لَا بِخُصُوصِ الزَّمَانَيْنِ , فَكَأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ تَرَدُّدِ أَحْوَالِهِمْ , وَتَذَبْذُبِ أَقْوَالِهِمْ , وَتَنَوُّعِ أَفْعَالِهِمْ , مِنْ عَهْدٍ وَنَقْضٍ , وَأَمَانَةٍ وَخِيَانَة , وَمَعْرُوفٍ وَمُنْكَر , وَسُنَّةٍ وَبِدْعَة , وَإِيمَانٍ وَكُفْر. عون المعبود - (ج ٩ / ص ٢٩٧)
(٤) (د) ٤٢٥٩
(٥) (حم) ٤٢٨٦ , انظر الصَّحِيحَة: ٣٢٥٤
(٦) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ: مَنْ يَكُونُ مُبَاشِرًا لَهَا فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، يَعْنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ فِي ذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ بَعْض، فَأَعْلَاهُمْ فِي ذَلِكَ: السَّاعِي فِيهَا , بِحَيْثُ يَكُون سَبَبًا لِإِثَارَتِهَا، ثُمَّ مَنْ يَكُونُ قَائِمًا بِأَسْبَابِهَا , وَهُوَ الْمَاشِي، ثُمَّ مَنْ يَكُونُ مُبَاشِرًا لَهَا , وَهُوَ الْقَائِم، ثُمَّ مَنْ يَكُونُ مَعَ النَّظَّارَة وَلَا يُقَاتِل , وَهُوَ الْقَاعِد، ثُمَّ مَنْ يَكُونُ مُجْتَنِبًا لَهَا , وَلَا يُبَاشِرُ , وَلَا يَنْظُر , وَهُوَ الْمُضْطَجِع الْيَقْظَان، ثُمَّ مَنْ لَا يَقَعُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ , وَلَكِنَّهُ رَاضٍ , وَهُوَ النَّائِم، وَالْمُرَادُ بِالْأَفْضَلِيَّةِ فِي هَذِهِ الْخَيْرِيَّةِ مَنْ يَكُونُ أَقَلُّ شَرًّا مِمَّنْ فَوْقَهُ , عَلَى التَّفْصِيل الْمَذْكُور. فتح الباري (٢٠/ ٨٦)
(٧) أَيْ: مَن تَطَلَّعَ لَهَا بِأَنْ يَتَصَدَّى وَتَعَرَّضَ لَهَا , وَلَا يُعْرِضُ عَنْهَا. فتح (٢٠/ ٨٦)
(٨) يُرِيدُ مَنْ اِنْتَصَبَ لَهَا اِنْتَصَبَتْ لَهُ , وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا أَعْرَضَتْ عَنْهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ طَلَعَ فِيهَا بِشَخْصِهِ , قَابَلَتْهُ بِشَرِّهَا. فتح الباري (ج ٢٠ / ص ٨٦)
(٩) (خ) ٣٤٠٦
(١٠) الْمُرَادُ بِقَتْلَاهَا: مَنْ قُتِلَ فِي تِلْكَ الْفِتْنَة , وَإِنَّمَا هُمْ مِنْ أَهْلِ النَّار لِأَنَّهُمْ مَا قَصَدُوا بِتِلْكَ الْمُقَاتَلَةِ وَالْخُرُوجِ إِلَيْهَا إِعْلَاءَ دِين , أَوْ دَفْعَ ظَالِم , أَوْ إِعَانَةَ مُحِقّ، وَإِنَّمَا كَانَ قَصْدُهُمْ التَّبَاغِي وَالتَّشَاجُر , طَمَعًا فِي الْمَالِ وَالْمُلْك , كَذَا فِي الْمِرْقَاة. عون المعبود - (ج ٩ / ص ٢٩٦)
(١١) (الْهَرْج): الْفِتْنَة. عون المعبود - (ج ٩ / ص ٢٩٦)
(١٢) (حم) ٤٢٨٦ , (د) ٤٢٥٨
(١٣) (د) ٤٢٦٢
(١٤) (م) ٢٨٨٧
(١٥) القِسِيّ: جَمْعُ الْقَوْسِ.
(١٦) الأَوْتَار: جَمْعُ وَتَرِ , وَفِي الحديث زِيَادَةٌ مِنْ الْمُبَالَغَةِ، إِذْ لَا مَنْفَعَةَ لِوُجُودِ الْأَوْتَارِ مَعَ كَسْرِ الْقِسِيِّ , أَوْ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا الْغَيْرُ , وَلَا يَسْتَعْمِلُهَا فِي دُونِ الْخَيْرِ. تحفة الأحوذي - (ج ٥ / ص ٤٨٥)
(١٧) أَيْ: حَتَّى تَنْكَسِر أَوْ حَتَّى تَذْهَب حِدَّتُهَا.
(١٨) (د) ٤٢٥٩
(١٩) (ت) ٢٢٠٤
(٢٠) الأَحْلَاس: جَمْع حِلْس , وَهُوَ الْكِسَاءُ الَّذِي يَلِي ظَهْرَ الْبَعِيرِ تَحْتَ الْقَتَب , أَيْ: اِلْزَمُوا بُيُوتَكُمْ , وَالْتَزِمُوا سُكُوتَكُمْ , كَيْلَا تَقَعُوا فِي الْفِتْنَةِ الَّتِي بِهَا دِينُكُمْ يَفُوتُكُمْ. عون المعبود - (ج ٩ / ص ٢٩٦)
(٢١) (د) ٤٢٦٢ ,
(٢٢) (حم) ٤٢٨٦
(٢٣) (د) ٤٢٥٦ , (ت) ٢١٩٤
(٢٤) (حم) ٤٢٨٦
(٢٥) أَيْ: فَلْيَسْتَسْلِمْ حَتَّى يَكُونَ قَتِيلًا كَهَابِيل, وَلَا يَكُونَ قَاتِلًا كَقَابِيل. عون (٩/ ٢٩٧)
(٢٦) (د) ٤٢٥٩
(٢٧) [المائدة/٢٨]
(٢٨) (د) ٤٢٥٧
(٢٩) (حم) ٤٢٨٦
(٣٠) (م) ٢٨٨٧
(٣١) (حم) ٢٠٥٠٨ , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده قوي.
(٣٢) مَعْنَى (يَبُوء بِهِ) يَلْزَمُهُ، أَيْ: يَبُوءُ الَّذِي أَكْرَهَكَ بِإِثْمِهِ فِي إِكْرَاهِك، وَفِي دُخُولِهِ فِي الْفِتْنَة، وَبِإِثْمِكَ فِي قَتْلِكَ غَيْرَه، وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّار، أَيْ: مُسْتَحِقًّا لَهَا , وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ رَفْعُ الْإِثْمِ عَنْ الْمُكْرَهِ عَلَى الْحُضُورِ هُنَاكَ , وَأَمَّا الْقَتْل , فَلَا يُبَاح بِالْإِكْرَاهِ , بَلْ يَأثَمُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْمَأمُورِ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ , وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِيهِ الْإِجْمَاع , قَالَ أَصْحَابنَا: وَكَذَا الْإِكْرَاهُ عَلَى الزِّنَا، لَا يُرْفَعُ الْإِثْمُ فِيهِ , هَذَا إِذَا أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ حَتَّى مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا , فَأَمَّا إِذَا رُبِطَتْ وَلَمْ يُمْكِنْهَا مُدَافَعَتُه، فَلَا إِثْم , وَالله أَعْلَم. شرح النووي (ج ٩ / ص ٢٦٤)
(٣٣) فِيهِ التَّحْذِيرُ مِنْ الْفِتْنَة , وَالْحَثُّ عَلَى اِجْتِنَابِ الدُّخُولِ فِيهَا , وَأَنَّ شَرَّهَا يَكُوُن بِحَسَبِ التَّعَلُّق بِهَا، وَالْمُرَادُ بِالْفِتْنَةِ: مَا يَنْشَأ عَنْ الِاخْتِلَافِ فِي طَلَبِ الْمُلْك , حَيْثُ لَا يُعْلَمُ الْمُحِقُّ مِنْ الْمُبْطِل.
قَالَ الطَّبَرِيُّ: اِخْتَلَفَ السَّلَف , فَحَمَلَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْعُمُوم , وَهُمْ مَنْ قَعَدَ عَنْ الدُّخُولِ فِي الْقِتَالِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مُطْلَقًا , كَسَعْدٍ , وَابْن عُمَر , وَمُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ , وَأَبِي بَكْرَة فِي آخَرِينَ، وَتَمَسَّكُوا بِالظَّوَاهِرِ الْمَذْكُورَة وَغَيْرِهَا.
ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ , فَقَالَتْ طَائِفَة بِلُزُومِ الْبُيُوت.
وَقَالَتْ طَائِفَة: بَلْ بِالتَّحَوُّلِ عَنْ بَلَدِ الْفِتَنِ أَصْلًا.
وَقَالَ آخَرُونَ: إِذَا بَغَتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْإِمَامِ, فَامْتَنَعَتْ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا وَنَصَبَتْ الْحَرْب , وَجَبَ قِتَالُهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ تَحَارَبَتْ طَائِفَتَانِ , وَجَبَ عَلَى كُلِّ قَادِرٍ الْأَخْذُ عَلَى يَدِ الْمُخْطِئِ , وَنَصْرِ الْمُصِيب، وَهَذَا قَوْل الْجُمْهُور.
وَفَصَّلَ آخَرُونَ , فَقَالُوا: كُلُّ قِتَالٍ وَقَعَ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ , حَيْثُ لَا إِمَامَ لِلْجَمَاعَةِ , فَالْقِتَالُ حِينَئِذٍ مَمْنُوعٌ، وَتَنْزِلُ الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ عَلَى ذَلِكَ , وَهُوَ قَوْل الْأَوْزَاعِيِّ. فتح الباري (ج ٢٠ / ص ٨٦)
قال النووي (٩/ ٢٦٤): اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قِتَالِ الْفِتْنَة، فَقَالَتْ طَائِفَة: لَا يُقَاتَلُ فِي فِتَنِ الْمُسْلِمِينَ , وَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْهِ بَيْتَهُ وَطَلَبُوا قَتْلَه، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْمُدَافَعَةُ عَنْ نَفْسِه؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ مُتَأَوِّلٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي بَكْرَة الصَّحَابِيّ - رضي الله عنه - وَغَيْرُه.
وَقَالَ اِبْن عُمَر , وَعِمْرَان بْن الْحُصَيْن - رضي الله عنهما - وَغَيْرهمَا: لَا يَدْخُلُ فِيهَا، لَكِنْ إِنْ قُصِدَ , دَفَعَ عَنْ نَفْسِه. فَهَذَانِ الْمَذْهَبَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى تَرْكِ الدُّخُولِ فِي جَمِيعِ فِتَنِ الْإِسْلَام.
وَقَالَ مُعْظَم الصَّحَابَة , وَالتَّابِعِينَ , وَعَامَّة عُلَمَاء الْإِسْلَام: يَجِبُ نَصْرُ الْمُحِقِّ فِي الْفِتَن، وَالْقِيَامُ مَعَهُ بِمُقَاتَلَةِ الْبَاغِينَ , كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ...} وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح، وَتُتَأَوَّلُ الْأَحَادِيثُ عَلَى مَنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الْحَقّ، أَوْ عَلَى طَائِفَتَيْنِ ظَالِمَتَيْنِ , لَا تَأوِيلَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُونَ , لَظَهَرَ الْفَسَاد، وَاسْتَطَالَ أَهْلُ الْبَغْيِ وَالْمُبْطِلُونَ , وَالله أَعْلَم. أ. هـ
قَالَ الطَّبَرِيُّ: لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ فِي كُلِّ اخْتِلَافٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الْهَرَبُ مِنْهُ بِلُزُومِ الْمَنَازِلِ وَكَسْرِ السُّيُوف , لَمَا أُقِيمَ حَدٌّ , وَلَا أُبْطِلَ بَاطِل، وَلَوَجَدَ أَهْلُ الْفُسُوقِ سَبِيلًا إِلَى اِرْتِكَابِ الْمُحَرَّمَات , مِنْ أَخْذِ الْأَمْوَالِ , وَسَفْكِ الدِّمَاءِ , وَسَبْيِ الْحَرِيم , بِأَنْ يُحَارِبُوهُمْ , وَيَكُفَّ الْمُسْلِمُونَ أَيْدِيَهُمْ عَنْهُمْ , بِأَنْ يَقُولُوا هَذِهِ فِتْنَة , وَقَدْ نُهِينَا عَنْ الْقِتَالِ فِيهَا , وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْأَمْرِ بِالْأَخْذِ عَلَى أَيْدِي السُّفَهَاء. فتح الباري (ج ٢٠ / ص ٨٧)
(٣٤) (م) ٢٨٨٧