للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م حم) , وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - قَالَ: (بَيْنَمَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) (١) (عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ) (٢) (فَقَالَ: " يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ " , فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ , " ثُمَّ سَارَ سَاعَةً , ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ " , فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ , " ثُمَّ سَارَ سَاعَةً , ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ " , فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ (٣)) (٤) (قَالَ: " هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ (٥) وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ (٦)؟ " , فَقُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , قَالَ: " حَقُّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ: أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا (٧) وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ: أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا (٨)) (٩)

وفي رواية: (وَإِنَّ حَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ ") (١٠) (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟ , قَالَ: " لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا (١١) ") (١٢)


(١) (خ) ٥٦٢٢ , (م) ٣٠
(٢) (خ) ٢٧٠١ , (م) ٣٠
(٣) تَكْرَارُ النِّدَاءِ لِتَاكِيدِ الِاهْتِمَامِ بِمَا يُخْبِرُهُ بِهِ , وَيُبَالِغُ فِي تَفَهُّمِهِ وَضَبْطِهِ. فتح الباري (ج ١٨ / ص ٣٣٩)
(٤) (خ) ٥٦٢٢ , (م) ٣٠
(٥) الْمُرَاد هُنَا: مَا يَسْتَحِقُّهُ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ مِمَّا جَعَلَهُ مُحَتَّمًا عَلَيْهِمْ. فتح (١٨/ ٣٣٩)
(٦) حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ: مَا وَعَدَهُمْ بِهِ مِنْ الثَّوَابِ وَالْجَزَاءِ، فَحُقَّ ذَلِكَ وَوَجَبَ بِحُكْمِ وَعْدِهِ الصِّدْق. فتح الباري (ج ١٨ / ص ٣٣٩)
(٧) الْمُرَاد بِالْعِبَادَةِ: عَمَلُ الطَّاعَاتِ , وَاجْتِنَابُ الْمَعَاصِي , وَعَطَفَ عَلَيْهَا عَدَمَ الشِّرْكِ , لِأَنَّهُ تَمَامُ التَّوْحِيدِ، وَالْحِكْمَةُ فِي عَطْفِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ أَنَّ بَعْضَ الْكَفَرَةِ كَانُوا يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ اللهَ , وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ آلِهَةً أُخْرَى , فَاشْتَرَطَ نَفْي ذَلِكَ.
قَالَ اِبْن حِبَّانَ: عِبَادَةُ الله: إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ , وَتَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ , وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْجَوَاب: " فَمَا حَقُّ الْعِبَادِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ " فَعَبَّرَ بِالْفِعْلِ , وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْقَوْلِ. فتح الباري (ج ١٨ / ص ٣٣٩)
(٨) اِقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِ الْإِشْرَاكِ لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي التَّوْحِيدَ بِالِاقْتِضَاءِ، وَيَسْتَدْعِي إِثْبَاتَ الرِّسَالَةِ بِاللُّزُومِ , إِذْ مَنْ كَذَّبَ رَسُولَ اللهِ , فَقَدْ كَذَّبَ اللهَ , وَمَنْ كَذَّبَ اللهَ فَهُوَ مُشْرِك , فَالْمُرَادُ: مَنْ مَاتَ حَالَ كَوْنِهِ مُؤْمِنًا بِجَمِيعِ مَا يَجِب الْإِيمَانُ بِهِ ,
وَلَيْسَ فِي قَوْلِه: " دَخَلَ الْجَنَّة " إِشْكَال , لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ التَّعْذِيبِ أَوْ بَعْدَه. (فتح - ح١٢٩)
(٩) (خ) ٢٧٠١ , (م) ٣٠
(١٠) (حم) ١٠٨٠٨ , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(١١) قَالَ الْعُلَمَاءُ: يُؤْخَذُ مِنْ مَنْعِ مُعَاذٍ مِنْ تَبْشِيرِ النَّاسِ لِئَلَّا يَتَّكِلُوا أَنَّ أَحَادِيثَ الرُّخَصِ لَا تُشَاعُ فِي عُمُومِ النَّاسِ , لِئَلَّا يَقْصُرَ فَهْمُهُمْ عَنْ الْمُرَادِ بِهَا، وَقَدْ سَمِعَهَا مُعَاذٌ , فَلَمْ يَزْدَدْ إِلَّا اِجْتِهَادًا فِي الْعَمَلِ , وَخَشْيَةً للهِ - عز وجل - فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مَنْزِلَتَهُ , فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يُقَصِّرَ , اِتِّكَالًا عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْخَبَرِ، وَقَدْ عَارَضَهُ مَا تَوَاتَرَ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ بَعْضَ عُصَاةِ الْمُوَحِّدِينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ، فَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ الْجَمْعُ بَيْن الْأَمْرَيْنِ، وَقَدْ سَلَكُوا فِي ذَلِكَ مَسَالِك:
فَقِيلَ: الْمُرَادُ تَرْكُ دُخُولِ نَارِ الشِّرْك.
وَقِيلَ: تَرْكُ تَعْذِيبِ جَمِيعِ بَدَنِ الْمُوَحِّدِينَ , لِأَنَّ النَّارَ لَا تَحْرِقُ مَوَاضِعَ السُّجُود. وَقِيلَ: لَيْسَ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ وَحَّدَ وَعَبَدَ , بَلْ يَخْتَصُّ بِمَنْ أَخْلَصَ، وَالْإِخْلَاصُ يَقْتَضِي تَحْقِيقَ الْقَلْبِ بِمَعْنَاهَا، وَلَا يُتَصَوَّر حُصُولُ التَّحْقِيقِ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ , لِامْتِلَاءِ الْقَلْبِ بِمَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى وَخَشْيَتِهِ , فَتَنْبَعِثُ الْجَوَارِحُ إِلَى الطَّاعَةِ وَتَنْكَفُّ عَنْ الْمَعْصِيَةِ. فتح الباري (ج٨ص٤٨١)
(١٢) (خ) ٢٧٠١ , (م) ٣٠
وَلِلْحَسَنِ بْن سُفْيَان فِي مُسْنَده: " قَالَ: لَا، دَعْهُمْ فَلْيَتَنَافَسُوا فِي الْأَعْمَالِ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا " (فتح - ح١٢٩)