للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ك) , وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ بِصِفِّينَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ وَهو يُنَادِي: أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ، وَزُوِّجَتِ الْحُورُ الْعَيْنُ، الْيَوْمَ نَلْقَى حَبِيبَنَا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - " عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّ آخِرَ زَادَكَ مِنَ الدُّنْيَا ضَيْحٌ (١) مِنْ لَبَنٍ " (٢)

الشرح (٣)


(١) الضَّيْح: هو اللبن الخاثر , يُمزج بالماء حتى يصبح رقيقاً.
(٢) (ك) ٥٦٦٨، (طس) ٦٤٧١، انظر الصَّحِيحَة: ٣٢١٧
(٣) قال ابن كثير في (البداية والنهاية) ط هجر (١٠/ ٤٩١ - ٥٣٥) (مُخْتَصَرًا): لَمَّا فَرَغَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ وَقْعَةِ الْجَمَلِ وَدَخَلَ الْبَصْرَةَ , بَعَثَ إِلَى جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ - وَكَانَ عَلَى هَمَذَانَ مِنْ زَمَانِ عُثْمَانَ - وَإِلَى الْأَشْعَثِ بْنِ قيس - وهو على نيابة أذربيجان من زمان عثمان - أن يأخذا البيعة على من هنالك من الرعايا ثُمَّ يُقْبِلَا إِلَيْهِ , فَفَعَلَا ذَلِكَ.
فَلَمَّا أَرَادَ عَلِيٌّ أَنْ يَبْعَثَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَدْعُوهُ إِلَى بَيْعَتِهِ , قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: أنَّا أَذْهَبُ إِلَيْهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , فَإِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وُدَّاً , فآخذ لك منه البيعة , فَقَالَ الْأَشْتَرُ: لَا تَبْعَثْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ هَوَاهُ مَعَهُ , فَقَالَ علي: دعه , وبعثه , وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا إِلَى مُعَاوِيَةَ يُعْلِمُهُ بِاجْتِمَاعِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ عَلَى بَيْعَتِهِ , وَيُخْبِرُهُ بِمَا كَانَ فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ
وَيَدْعُوهُ إِلَى الدُّخُولِ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ , فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ جَرِيرُ بن عبد الله أعطاه الكتاب , فطلب معاويةُ عمرَو بن العاص ورؤوسَ أَهْلِ الشَّامِ فَاسْتَشَارَهُمْ , فَأَبَوْا أَنْ يُبَايِعُوا حَتَّى يَقْتُلَ قَتَلَةَ عُثْمَانَ , أَوْ أَنْ يُسلم إِلَيْهِمْ قَتَلَةَ عُثْمَانَ , وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ , قَاتَلُوهُ وَلَمْ يبايعوه حَتَّى يَقْتُلَ قَتَلَةَ عُثْمَانَ , فَرَجَعَ جَرِيرٌ إِلَى عَلِيٍّ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالُوا. وخرج أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ الْكُوفَةِ عَازِمًا عَلَى الدُّخُولِ إِلَى الشَّامِ , فَعَسْكَرَ بِالنُّخَيْلَةِ , وَبَلَغَ مُعَاوِيَةَ أَنَّ عَلِيًّا قَدْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ , فَاسْتَشَارَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ , فَقَالَ لَهُ: اخرج أنت أيضاً بِنَفْسِكَ , وَكَتَبَ إِلَى أَجْنَادِ الشَّامِ فَحَضَرُوا وَعُقِدَتِ الْأَلْوِيَةُ وَالرَّايَاتُ لِلْأُمَرَاءِ , وَتَهَيَّأَ أَهْلُ الشَّامِ وَتَأَهَّبُوا , وَخَرَجُوا أَيْضًا إِلَى نَحْوِ الْفُرَاتِ مِنْ نَاحِيَةِ صِفِّين , وَسَارَ عَلِيٌّ بِمَنْ مَعَهُ من الجنود مِنَ النُّخَيْلَةِ قَاصِدًا أَرْضَ الشَّامِ , فتواجه الفريقان , وتقابل الطائفتان , فَبِالله الْمُسْتَعَانُ.
قَالَ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ أبي جعفر الباقر وزيد بن أنس وغيرهما قالوا: سار علي فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ أَلْفًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ , وَأَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ فِي نَحْوٍ مِنْهُمْ مَنْ أهلَّ الشَّام.
فَتَوَاقَفُوا طَوِيلًا وَذَلِكَ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: صِفِّينَ وَذَلِكَ فِي أَوَائِلِ ذِي الْحِجَّةِ. وَأَقَامَ عَلِيٌّ يَوْمَيْنِ لَا يُكَاتِبُ مُعَاوِيَةَ , وَلَا يُكَاتِبُهُ مُعَاوِيَةُ , ثُمَّ دَعَا عَلِيٌّ بَشِيرَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ , وسعيد بن قيس الهمداني , وشبيث بن ربعي السهمي , فقال: ائتوا هَذَا الرَّجُلَ فَادْعُوهُ إِلَى الطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ , وَاسْمَعُوا مَا يَقُولُ لَكُمْ , فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ عَمْرٍو: يَا مُعَاوِيَةُ! , إِنَّ الدُّنْيَا عَنْكَ زَائِلَةٌ , وَإِنَّكَ رَاجِعٌ إِلَى الْآخِرَةِ , وَاللهُ مُحَاسِبُكُ بِعَمَلِكَ , وَمُجَازِيكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ , وَإِنِّي أَنْشُدُكَ اللهَ أَنْ لا تَفَرِّقَ جَمَاعَةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ , وَأَنْ تَسْفِكَ دِمَاءَهَا بَيْنَهَا. فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: هَلَّا أَوْصَيْتَ بِذَلِكَ صَاحِبَكُمْ؟ , فَقَالَ لَهُ: إِنَّ صَاحِبِي أَحَقُّ هَذِهِ الْبَرِيَّةِ بِالْأَمْرِ فِي فَضْلِهِ وَدِينِهِ وَسَابِقَتِهِ وَقَرَابَتِهِ , وَإِنَّهُ يَدْعُوكَ إِلَى مُبَايَعَتِهِ فَإِنَّهُ أَسْلَمُ لَكَ فِي دُنْيَاكَ , وخير لك في آخرتك , فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: وَيُطَلُّ (يهدر) دَمُ عُثْمَانَ؟ , لَا وَاللهِ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ أَبَدًا , ثُمَّ أَرَادَ سَعِيدُ بن قيس الهمداني أن يتكلم , فبدره شبيث بْنُ رِبْعِيٍّ فَتَكَلَّمَ قَبْلَهُ بِكَلَامٍ فِيهِ غِلْظَةٌ وَجَفَاءٌ فِي حَقِّ مُعَاوِيَةَ , فَزَجَرَهُ مُعَاوِيَةُ وَزَبَرَهُ في افتياته على من هو أشرف منه , وكلامه بِمَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ , ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَأُخْرِجُوا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ , وَصَمَّمَ عَلَى الْقِيَامِ بِطَلَبِ دَمِ عُثْمَانَ الَّذِي قُتِلَ مَظْلُومًا , فَعِنْدَ ذَلِكَ نَشِبَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ , وَذَلِكَ فِي شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ بِكَمَالِهِ , وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ أَمْرِ عَلِيٍّ لَهُ بِذَلِكَ , فَلَمَّا انْسَلَخَ ذُو الْحِجَّةِ وَدَخَلَ الْمُحَرَّمُ , تَدَاعَى النَّاسُ لِلْمُتَارَكَةِ , لعلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَمْرٍ يَكُونُ فِيهِ حَقْنُ دِمَائِهِمْ.
وروى ابن ديزيل من طريق عمرو بْنِ سَعْدٍ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ قُرَّاءَ أَهْلِ الْعِرَاقِ , وَقُرَّاءَ أَهْلِ الشَّامِ عَسْكَرُوا نَاحِيَةً , وَكَانُوا قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا , وَأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ قُرَّاءِ الْعِرَاقِ مِنْهُمْ عَبِيدَةُ السُّلْمَانِيُّ , وَعَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ , وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ , وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عتبة بن مسعود , وغيرهم جاؤوا مُعَاوِيَةَ فَقَالُوا لَهُ: مَا تَطْلُبُ؟ , قَالَ: أَطْلُبُ بدم عثمان , قالوا: فمن تطلب به؟ , قال: علياً , قالوا: أهو قَتَلَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ! وَأَوَى قَتَلَتَهُ , فَانْصَرَفُوا إِلَى عَلِيٍّ فَذَكَرُوا لَهُ مَا قَالَ , فَقَالَ: كَذَبَ! , لَمْ أَقْتُلْهُ , وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي لَمْ أَقْتُلْهُ , فرجعوا إلى معاوية , فَقَالَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ قَتَلَهُ بِيَدِهِ , فَقَدْ أَمَرَ رجالاً , فرجعوا إلى علي , فَقَالَ: وَاللهِ لَا قَتَلْتُ , وَلَا أَمَرْتُ وَلَا مَالَأتُ فرجعوا , فقال معاوية: فإن كَانَ صَادِقًا فَلْيُقِدْنَا مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ , فَإِنَّهُمْ في عسكره وجنده , فرجعوا , فَقَالَ عَلِيٌّ: تَأَوَّلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فِي فِتْنَةٍ وَوَقَعَتِ الْفُرْقَةُ لِأَجْلِهَا , وَقَتَلُوهُ فِي سُلْطَانِهِ , وَلَيْسَ لِي عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ , فَرَجَعُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرُوهُ , فَقَالَ: إِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يقول , فماله أنفذ الْأَمْرَ دُونَنَا مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَّا , وَلَا ممن هاهنا؟ فرجعوا إلى علي , فقال علي: إنما الناس مع الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ , فَهُمْ شُهُودُ النَّاسِ عَلَى وِلَايَتِهِمْ وأمر دينهم , ورَضُوا وَبَايَعُونِي , وَلَسْتُ أَسْتَحِلُّ أَنْ أَدَعَ مِثْلَ مُعَاوِيَةَ يَحْكُمُ عَلَى الْأُمَّةِ وَيَشُقُّ عَصَاهَا , فَرَجَعُوا إِلَى معاوية , فقال: ما بال من ها هنا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَمْ يَدْخُلُوا فِي هَذَا الأمر؟ , فرجعوا , فقال علي: إِنَّمَا هَذَا لِلْبَدْرِيِّينَ دُونَ غَيْرِهِمْ , وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَدْرِيٌّ إِلَّا وَهُوَ مَعِي , وَقَدْ بايعني وقد رضي , فَلَا يَغُرَّنَّكُمْ مِنْ دِينِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ. فَأَقَامُوا إِلَى شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ , ثم شرعوا في المقاتلة , فَاقْتَتَلُوا شَهْرَ ذِي الْحِجَّةِ بِكَمَالِهِ. ثُمَّ تَقَدَّمَ عَلِيٌّ وَهُوَ فِي الْقَلْبِ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُدَيْلٍ وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ , وَعَلَى الْقُرَّاءِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ , وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ , وَالنَّاسُ عَلَى رَايَاتِهِمْ , فَزَحَفَ بِهِمْ إِلَى الْقَوْمِ , وَأَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ - وَقَدْ بَايَعَهُ أَهْلُ الشَّام عَلَى الْمَوْتِ - فَتَوَاقَفَ النَّاسُ فِي مَوْطِنٍ مَهُولٍ , وَأَمْرٍ عَظِيمٍ.
وَهَذَا مَقْتَلُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب , قتَلَهُ أهلُ الشام , وبان وظهر بذلك سِرُّ ما أخبَرَهُ بِهِ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَنَّهُ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ , وَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا محقٌ , وَأَنَّ مُعَاوِيَةَ باغٍ , وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ ,
روى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْد اللهِ بْن سَلَمَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ عَمَّارًا يَوْمَ صِفِّينَ شَيْخًا كَبِيرًا , آدَمَ طُوَالًا , آخِذٌ الْحَرْبَةَ بِيَدِهِ , وَيَدُهُ تَرْعَدُ , فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ قَاتَلْتُ بِهَذِهِ الرَّايَةِ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهَذِهِ الرَّابِعَةُ , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هَجَرَ لَعَرَفْتُ أَنَّ مُصْلِحِينَا عَلَى الْحَقِّ , وَأَنَّهُمْ عَلَى الضَّلَالَةِ. وَقَدْ كَانَ ذُو الْكَلَاعِ سَمِعَ قول عمرو بن العاص يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ " تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ , وَآخَرُ شَرْبَةٍ تَشْرَبُهَا صَاعُ لَبَنٍ " , فَكَانَ ذُو الْكَلَاعِ يَقُولُ لِعَمْرٍو: وَيْحَكَ! مَا هَذَا يَا عَمْرُو؟ ,! فَيَقُولُ لَهُ عَمْرٌو: إِنَّهُ سَيَرْجِعُ إِلَيْنَا. وعَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا: " مَا خُير عَمَّارٌ بَيْنَ شَيْئَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَرْشَدَهُمَا "
وعَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: قال أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: رَأَيْتُ عَمَّارًا لَا يَأخُذُ وَادِيًا مِنْ أَوْدِيَةِ صِفِّينَ إِلَّا اتَّبَعَهُ مَنْ كَانَ هُنَاكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ورأيتُه جاء إلى هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ , وَهُوَ صَاحِبُ رَايَةِ عَلِيٍّ , فَقَالَ: يَا هَاشِمُ تَقَدَّمَ! الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلَالِ السيوف , وَالْمَوْتُ فِي أَطْرَافِ الْأَسَلِ , وقد فُتِحَت أبواب الجنَّة وَتَزَيَّنَتِ الْحَوَرُ الْعَيْنُ: الْيَوْمَ أَلْقَى الْأَحِبَّةْ * مَحُمَّدًا وَحِزْبَهْ , ثُمَّ حَمَلَا هُوَ وَهَاشِمٌ , فَقُتِلَا رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى.
قَالَ: وَحَمَلَ حِينَئِذٍ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ كَأَنَّهُمَا كانا - يَعْنِي عَمَّارًا وَهَاشِمًا - عَلَمًا لَهُمْ.