للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(مي) , وَعَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ الْهَمْدَانِيِّ (١) قَالَ: كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ (٢) فَإِذَا خَرَجَ مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ, فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ - رضي الله عنه - فَقَالَ: أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ , فَقُلْنَا: لَا , فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَجَ فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا , فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا (٣) أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ , وَلَمْ أَرَ وَالْحَمْدُ للهِ إِلَّا خَيْرًا قَالَ: فَمَا هُوَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَلَاةَ , فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ , وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصًى , فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مِائَةً , فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً , فَيَقُولُ: هَلِّلُوا مِائَةً , فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً , فَيَقُولُ: سَبِّحُوا مِائَةً , فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً , قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ؟ , قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا , انْتِظَارَ رَأيِكَ , وَانْتِظَارَ أَمْرِكَ , قَالَ: أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ , وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ شَيْءٌ؟ ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ , فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟ , فَقَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ , قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ , فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ , وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ , مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ , هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - مُتَوَافِرُونَ , وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ , وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ , أَوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ , فَقَالُوا: وَاللهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ , فَقَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَا يُصِيبَهُ , " إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ (٤) " , وَايْمُ اللهِ (٥) مَا أَدْرِي , لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ , ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ , قَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ: فَرَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا (٦) يَوْمَ النَّهْرَوَانِ (٧) مَعَ الْخَوَارِجِ. (٨)


(١) تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ , سَمِعَ عَلِيًّا وَابْنَ مَسْعُودٍ , حَدَّثَ عَنْهُ الشَّعْبِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ , مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ , وَدُفِنَ هُوَ وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاء
(٢) أي: صَلَاةِ الْفجر.
(٣) أي: قبل قليل.
(٤) التَّراقِي: جمع تَرْقُوَة: وهي عظمة مُشْرِفة بين ثغرة النحر والعاتق , وهما ترقوتان.
(٥) أي: وَاللهِ.
(٦) أي: يقاتلوننا.
(٧) النَّهْرَوَان: ثَلَاث قُرَى: أَعْلَى وَأَوْسَط وَأَسْفَل , وَهُنَّ بَيْن وَاسِط وَبَغْدَاد , وَكَانَ بِهَا وَقْعَة لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّ - رضي الله عنه - مَعَ الْخَوَارِج. عون المعبود (١٠/ ٢٨٤)
(٨) (مي) ٢٠٤ , انظر الصَّحِيحَة: ٢٠٠٥