(٢) " الْقُذَذ " جَمْع قُذَّة , وَهِيَ رِيشُ السَّهْم , يُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ قُذَّة. فتح (١٠/ ٤١١) والمراد أنهم يسيرون على نهج واحد , ولا يختلفون , ويتبع بعضهم بعضا. (٣) (حم) ١٧١٧٥ , انظر الصحيحة: ٣٣١٢ (٤) (ت) ٢٦٤١ (٥) (حم) ١٦٩٧٩ , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن. (٦) (د) ٤٥٩٧ , (حم) ١٦٩٧٩ (٧) (جة) ٣٩٩٢ , (ت) ٢٦٤٠ , (د) ٤٥٩٦ , (حم) ٨٣٧٧ (٨) أَيْ: الْوَاحِدَة الَّتِي فِي الْجَنَّة. (الْجَمَاعَة) أَيْ: أَهْلُ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْعِلْمِ الَّذِينَ اِجْتَمَعُوا عَلَى اِتِّبَاعِ أَثَارِهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ كُلِّهَا , وَلَمْ يَبْتَدِعُوا بِالتَّحْرِيفِ وَالتَّغْيِير , وَلَمْ يُبَدِّلُوا بِالْآرَاءِ الْفَاسِدَة. عون المعبود - (ج ١٠ / ص ١١٦) (٩) (د) ٤٥٩٧ , (جة) ٣٩٩٣ (١٠) (ت) ٢٦٤١ (١١) قال الشيخ الألباني في الصَّحِيحَة تحت حديث: ٢٠٤: قد تكلم الشيخ صالح المقبلي على هذا الحديث بكلام جيد من جهة ثبوته ومعناه، وأرى أن أنقل خلاصة كلامه المشار إليه , لما فيه من الفوائد , قال رحمه الله تعالى في " العَلَمُ الشَّامِخْ في إِيثَار الحقِّ على الآباء والمشايخ " (ص ٤١٤): والإشكال في قوله: " كلُّها في النار إِلَّا مِلَّة "، فمن المعلوم أنهم خير الأمم، وأن المرجوَّ أن يكونوا نصف أهل الجنة، مع أنهم في سائر الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود , حسبما صرحت به الأحاديث , فكيف يتمشى هذا؟ , ومن المعلوم أنه ليس المراد من الفرقة الناجية أن لَا يقع منها أدنى اختلاف، فإن ذلك قد كان في فُضلاء الصحابة , إنما الكلام في مُخالفة تُصيِّر صاحبَها فرقةً مستقلةً ابتدَعَها , ثم أجاب عن الإشكال بما خلاصته: إن الناس عامة وخاصة، فالعامة آخرهم كأولهم، كالنساء والعبيد والفلاحين والسوقة ونحوهم ممن ليس من أمر الخاصة في شيء، فلا شك في براءة آخرهم من الابتداع كأولهم , وأما الخاصة، فمنهم مبتدع اخترع البدعة , وجعلها نصب عينيه، وبلغ في تقويتها كل مبلغ، وجعلها أصلا يردُّ إليها صرائح الكتاب والسنة، ثم تبعه أقوام من نمطه في الفقه والتعصُّب، وربما جددوا بدعته, وفرَّعوا عليها وحمَّلوه ما لم يتحمله , ولكنه إمامهم المقدَّم, وهؤلاء هم المبتدعة حقا، وهو شيء كبير, تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ , وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا، كَنَفْيِ حِكْمَةِ الله تعالى، ونفي إقْدَاره المكلَّف، وكَكَوْنِه يُكلِّف ما لَا يُطاق، ويفعلُ سائر القبائح ولا تُقَبَّح منه، وأخواتهن! , ومنها ما هو دون ذلك , وحقائقها جميعها عند الله تعالى، ولا ندري بأيها يصير صاحبها من إحدى الثلاث وسبعين فرقة , ومن الناس من تبع هؤلاء وناصرهم , وقوَّى سوادَهم بالتدريس والتصنيف، ولكنه عند نفسه راجِعٌ إلى الحق، وقد دسَّ في تلك الأبحاث نقوضها في مواضع, لكن على وجه خفي ولعله تخيل مصلحة دنيئة، أو عظم عليه انحطاط نفسه وإيذاؤهم له في عِرضه , وربما بلغت الأذية إلى نفسه , وعلى الجملة , فالرجل قد عرف الحق من الباطل وتخبَّط في تصرفاته، وحسابه على الله سبحانه، إما أن يحشره مع من أحب بظاهر حاله، أو يقبل عذره، وما تكاد تجد أحدا من هؤلاء النُّظَّار إِلَّا قد فعل ذلك، لكن شرهم والله كثير، فلربما لم يقع خبرهم بمكان، وذلك لأنه لَا يُفطن لتلك اللمحة الخفية التي دسوها إِلَّا الأذكياء المحيطون بالبحث، وقد أغناهم الله بعلمهم عن تلك اللمحة , وليس بكبير فائدة أن يعلموا أن الرجل كان يعلم الحق ويخفيه , والله المستعان. ومن الناس من ليس من أهل التحقيق، ولا مؤهل للهجوم على الحقائق، وقد تدرَّب في كلام الناس، وعرف أوائل الأبحاث، وحفظ كثيرا من غُثاء ما حصَّلوه ولكن أرواح الأبحاث بينه وبينها حائل, وقد يكون ذلك لقصور الهمة , والاكتفاء والرضا عن السلف , لِوَقْعِهِم في النفوس, وهؤلاء هم الأكثرون عددا، والأرذلون قَدْرا، فإنهم لم يحظوا بخصيصة الخاصة , ولا أدركوا سلامة العامة , فالقسم الأول من الخاصة: مبتدعة قطعا , والثاني: ظاهره الابتداع، والثالث: له حكم الابتداع , ومن الخاصة قسم رابع , ثلة من الأولين، وقليل من الآخرين، أقبلوا على الكتاب والسنة , وساروا بسيرها، وسكتوا عما سكتا عنه، وأقدموا وأحجموا بهما , وتركوا تكلُّف ما لا يعنيهم، وكانوا تُهِمُّهُم السلامة , وحياة السنة آثرُ عندهم من حياة نفوسهم، وقرَّةُ عين أحدهم تلاوة كتاب الله تعالى , وفهم معانيه على السليقة العربية , والتفسيرات المَرْوِيَّة، ومعرفة ثبوت حديثٍ نبوي لفظا وحكما , فهؤلاء هم السُّنِّيَّةُ حقا، وهم الفرقة الناجية، وإليهم العامة بأسرهم , ومن شاء ربك من أقسام الخاصة الثلاثة المذكورين، بحسب علمه بقدْرِ بدعتهم ونِيَّاتهم , إذا حققتَ جميع ما ذكرنا لك , لم يلزمك السؤال المحذور , وهو الهلاك على معظم الأمة، لأن الأكثر عددا هم العامةُ قديما وحديثا، وكذلك الخاصة في الأعصار المتقدمة، ولعل القسمين الأوسطين، وكذا من خَفِيَتْ بدعته من الأول , تنقذهم رحمةُ ربِّك من النظام في سِلْكِ الابتداع , بحسب المجازاة الأخروية، ورحمة ربك أوسع لكل مسلم، لكنا تكلمنا على مقتضى الحديث ومِصْدَاقِه، وأن أفراد الفرق المبتدعة وإن كَثُرَت الفرق , فلعله لَا يكون مجموع أفرادهم جزءا من ألف جزء من سائر المسلمين , فتأمل هذا تسلم من اعتقاد مناقضة الحديث لأحاديث فضائل الأمة المرحومة. أ. هـ