(٢) قَالَ الْمُنَاوِيُّ: أَيْ الشَّكّ فِي كَوْنه كَلَام الله، أَوْ أَرَادَ الْخَوْض فِيهِ بِأَنَّهُ مُحْدَث أَوْ قَدِيم، أَوْ الْمُجَادَلَة فِي الْآي الْمُتَشَابِهَة وَذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى الْجُحُود , فَسَمَّاهُ كُفْرًا بِاسْمِ مَا يُخَاف عَاقِبَته.وَقَالَ الْإِمَام اِبْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة: الْمِرَاء: الْجِدَال وَالتَّمَارِي، وَالْمُمَارَاة: الْمُجَادَلَة عَلَى مَذْهَب الشَّكّ وَالرِّيبَة , وَيُقَال لِلْمُنَاظَرَةِ (مُمَارَاة)لِأَنَّ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا يَسْتَخْرِج مَا عِنْد صَاحِبه وَيَمْتَرِيه كَمَا يَمْتَرِي الْحَالِب اللَّبَن مِنْ الضَّرْع.قَالَ أَبُو عُبَيْد: لَيْسَ وَجْه الْحَدِيث عِنْدنَا عَلَى الِاخْتِلَاف فِي التَّأوِيل , وَلَكِنَّهُ عَلَى الِاخْتِلَاف فِي اللَّفْظ , وَهُوَ أَنْ يَقُول الرَّجُل عَلَى حَرْف، فَيَقُول الْآخَر: لَيْسَ هُوَ هَكَذَا وَلَكِنَّهُ عَلَى خِلَافه , وَكِلَاهُمَا مُنَزَّل مَقْرُوء بِهِ، فَإِذَا جَحَدَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا قِرَاءَة صَاحِبه لَمْ يُؤْمَن أَنْ يَكُون ذَلِكَ يُخْرِجهُ إِلَى الْكُفْر , لِأَنَّهُ نَفَى حَرْفًا أَنْزَلَهُ الله عَلَى نَبِيّه.وَقِيلَ: إِنَّمَا جَاءَ هَذَا فِي الْجِدَال وَالْمِرَاء فِي الْآيَات الَّتِي فِيهَا ذِكْر الْقَدَر وَنَحْوه مِنْ الْمَعَانِي عَلَى مَذْهَب أَهْل الْكَلَام وَأَصْحَاب الْأَهْوَاء وَالْآرَاء دُون مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ الْأَحْكَام وَأَبْوَاب الْحَلَال وَالْحَرَام , فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ جَرَى بَيْن الصَّحَابَة فَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ الْعُلَمَاء وَذَلِكَ فِيمَا يَكُون الْغَرَض مِنْهُ وَالْبَاعِث عَلَيْهِ ظُهُور الْحَقّ لِيُتْبَع دُون الْغَلَبَة وَالتَّعْجِيز.وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ أَنْ يَرُوم تَكْذِيب الْقُرْآن بِالْقُرْآنِ لِيَدْفَع بَعْضه بِبَعْضٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْتَهِد فِي التَّوْفِيق بَيْن الْمُتَخَالِفِينَ عَلَى وَجْه يُوَافِق عَقِيدَة السَّلَف، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّر لَهُ فَلْيَكِلْهُ إِلَى اللهِ تَعَالَى.وَقِيلَ: هُوَ الْمُجَادَلَة فِيهِ وَإِنْكَار بَعْضهَا. عون المعبود - (ج ١٠ / ص ١٢٣)(٣) (حم) ٧٩٧٦ , (د) ٤٦٠٣ , انظر صحيح الجامع: ٣١٠٦ , والصَّحِيحَة تحت حديث: ١٥٢٢ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute