للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الآثار المترتبة على منع الزكاة]

يقول عليه الصلاة والسلام: (ولا منعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا) كم يستسقي الناس، وكم يستغيثون الله عز وجل ويطلبون منه المطر، بل نرى الجدب قد ضرب أطنابه في الأرض، وسبب ذلك أن الأمة الإسلامية فرطت في دينها، وضيعت كثيراً من أوامر ربها سبحانه وتعالى.

لقد أصبحت أرقام الأموال لدى طائفة من الناس خيالية لدرجة أنك قد تعجز عن إحصائها، ولكن مع الأسف نجد أن الكثير منهم امتنعوا من إخراج زكاة أموالهم، بل رأينا كثيراً من تلك الأموال تذهب في معصية الله عز وجل، وفيما لا يرضي الله في وقت يقول الإحصاء: إن مائتين وخمسين مليوناً من أبناء المسلمين في أفريقيا يهددهم الموت والجوع، وكذلك إخواننا في أفغانستان بحاجة ماسة للطعام والشراب والسلاح الذي يقاتلون به، فهم يقاتلون ويصارعون الشيوعية الملحدة التي تنكر الخالق سبحانه وتعالى، وتنكر الأديان، وتنكر كل المبادئ، وتقول بلسان الحال وبلسان المقال: (لا إله والحياة مادة)، إنهم لا يريدون أرضاً صحراء كأفغانستان، بل ولا يريدون حتى أرضاً فيها خيرات، وإنما يريدون أن نضل السبيل {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة:٢١٧].

وبالرغم من هذا كله نجد أن هذه الزكاة قد بخل بها كثير من الناس، بل أخرج طائفة منهم تلك الأموال في غير مخارجها الصحيحة، فلا تصل إلى إخواننا في أفريقيا الذين هم تحت مسئولية الأمة الإسلامية، ولا إلى إخواننا في أفغانستان الذين يصارعون أعتى قوة في أرض الله عز وجل، وحينما يبخل الناس بالزكاة فإن الله تعالى يمنع المطر، ولربما يظن ظان أن المطر إنما هو وسيلة لإنبات العشب، ولكن المطر حقيقة هو وسيلة لحياة هذا الإنسان {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} [الواقعة:٦٨ - ٦٩].

إن امتناع القطر من السماء سببه الذنوب والسيئات، وأعظم هذه الذنوب وتلك السيئات التي كانت سبباً في حبس المطر حتى أجدبت الأرض هو منع إخراج الزكاة، فعلينا أن نصلح أحوالنا حتى يغير الله ما بنا؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:١١].

إذا منع الناس زكاة أموالهم منع الله عز وجل عنهم القطر من السماء، ولولا رحمة الله عز وجل بهؤلاء البهائم ما أُمطرت الأرض أبداً، وعلينا أن لا ننخدع بدول الكفر التي تتمتع بزينة الحياة الدنيا، والتي تمطر ليلاً ونهاراً؛ لأن هذه حسناتهم عجلت لهم، ولأن الله عز وجل يقول عنهم: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران:١٩٦ - ١٩٧]، ولكن علينا أن نعرف حق الله في هذا المال، فهو حق معلوم للسائل والمحروم، وليخش الذين لا يؤدون هذه الزكاة من يوم يؤتى بهذا المال ثم يصفح صفائح من نار، ثم يحمى عليها في نار جهنم، ثم تكوى بها الجباه والجلود والظهور في يوم كان مقدراه خمسين ألف سنة، كلما بردت أعيدت.

ويقول الله عز وجل: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:١٨٠].