الصفة الثالثة: قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}[الأحزاب:٣٣]، يقول المفسرون: إن (قرن) مأخوذ إما من الوقار أو من القرار، وسواء كان من الوقار أو من القرار فكلاهما أمر مطلوب، فالوقار معناه: الاحترام، أي: كن موقرات محترمات، ولذلك فإن بقاء المرأة في البيت هو الوقار وهو الاحترام لها، وهو السلامة لها والسلامة للمجتمع.
عز الفتاة بقاؤها في البيت لا في المعمل والمرء يعمل في الحقو ل وحرصه في المنزل أي: زوجته، وعلى هذا فإنا نقول: إن المرأة تكون موقرة محترمة بعيدة عن الشهوات المحرمة، بعيدة عن النظرات الفاتنة، بعيدة عما حرم الله عز وجل حينما تبقى في بيتها، هذا هو وقارها، وهذه عزتها وكرامتها.
وربما يكون من القرار، وهذا أقرب إلى المقام، والمراد بالقرار: البقاء، ومعنى (قر) أي: ثبت، أي: اثبتن في بيوتكن، والمرأة التي لا تبقى في بيتها وتخرج متى شاءت لسبب ولغير سبب، لحاجة ولغير حاجة، لضرورة ولغير ضرورة، امرأة معرضة للفتنة, وهي أيضاً معرضة الناس للفتنة، فإن تجمل المرأة وذهابها متى شاءت وحيث شاءت، دون أن تتقيد بأمر اضطراري يضطرها إلى الخروج، أو على الأقل حاجة تحوجها إلى الخروج، إنها امرأة عليها خطر هي بنفسها، والمجتمع الذي تتزاحم فيه النساء في الأسواق، والذي تتسابق فيه النساء إلى الأسواق دون ضرورة مجتمع على خطر.
إن ذلك يعتبر من أخطر الفتن التي حلت في العالم، حينما كرهت المرأة البقاء في البيت، واعتبرته تخلفاً ورجعية كما يقول أعداء الإسلام في أيامنا الحاضرة، فيجعلونها تخرج متى شاءت، وترجع متى شاءت، وتذهب إلى دور السينما، وإلى شواطئ البحار، كما يحدث حتى في أكثر البلاد الإسلامية، دون قيد ولا شرط؛ هذا هو الذي أحدث فتنة في الأرض وفساداً عريضاً.