[مساواة المرأة بالرجل فيما لا يخرجها عن أنوثتها ولا يغمطها حقها]
المساواة أساس من أسس الإسلام، فهو دين المساواة إلا أن الله تعالى فضل الرجال على النساء؛ لأن الرجال مطالبون بحقوق تقابل هذه الدرجة أو تزيد، فهم الذين يبذلون أموالهم عند الزواج، وهم الذين يسعون في سبيل الحصول على لقمة العيش، وهم مطالبون بالنفقة؛ يقول الله سبحانه وتعالى لآدم وحواء: {فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه:١١٧]، ويقول المفسرون: إن الله قال: (فَتَشْقَى)، ولم يقل: فتشقيا.
وإن حذف الألف في هذه الآية يدل على أن الرجل -وحده- هو المطالب بالبحث عن العيش، لأن معنى قوله تعالى: (فتشقى) يعني في البحث عن العيش، لأنك في الآخرة قد كفيت العيش، وبهذا استدل العلماء على أن المرأة غير مطالبة بالنفقة، وأن الرجل هو المطالب بالنفقة عليها.
فالمساواة في الأصل ثابتة حقاً، يقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف:١٨٩].
كذلك المساواة في العمل ثابتة أيضاً: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب:٣٥] إلى أن قال الله في آخر الآية: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٣٥].
كذلك المساواة في جزاء الآخرة: يستوي في ذلك الرجل والمرأة، كل ينال نصيبه وجزاء عمله، {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرً} [آل عمران:٣٠]، ويقول سبحانه: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران:١٩٥].
وكذلك المساواة في المعاملات: في البيع والشراء، والأخذ والإعطاء، والرهن، والقرض، وما أشبه ذلك.
وكذلك المساواة في التعليم: فالإسلام لم يحرم تعليم المرأة، لكنه يأمرها بالحشمة حينئذٍ والتستر، فهو يبيح لها أن تتعلم كل ما تستفيد منه، بل قد يوجب التعلم في كثير من الأحيان إذا كان دينها لا يقوم إلا به، إلا أنه ينهى عن المبالغة في التعليم حتى يطغى على سن الزواج، لأنه يفوّت فرصة من فرص الحياة التي لا بد للمرأة منها.
وإذا كانت هناك مطالب للمساواة غير ما سبق، فإنها ليست من مصلحة المرأة، وإنما تصدم مصالحها، ولن تعود عليها بخير؛ ولهذا فإن هؤلاء الذين يطالبون بالمساواة لم يخلصوا لها، بل هم عدوها اللدود؛ فهم يريدون مساواتها بالرجل في جميع وظائف الحياة، وهذا أمر لا يمكن؛ لأن تركيبها يختلف كثيراً عن تركيب الرجل، وعضلاتها تختلف، فلقد أثبتت التقارير العلمية الدقيقة أن هناك فرقاً كبيراً في الوزن، وحجم القلب، وتركيب الأعضاء، وغير ذلك بين الرجل والمرأة!! علماً أن مزاولتها لجميع الأعمال يعرضها للفتنة وانحطاط الخلق حينما تختلط بالرجال الأجانب، وقبل ذلك فهي مطالبة بأعمال لا يستطيعها الرجال من الحمل، والولادة، والرضاع، والحضانة، وتربية الأولاد، وغير ذلك.
وفوق هذا كله، فالمرأة مأمورة بعدم الخروج من البيت إلا بمقدار الحاجة والضرورة، والعمل غير المقيد يطالبها بالخروج المستمر، والله عز وجل يقول لها: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:٣٣]، ولا يجوز تكليفها بأي عمل يفرض عليها الخروج المستمر عن بيتها، ويعرضها للذئاب الجائعة.
وأخيراً نقول: ماذا تريد المرأة؟! أتريد المساواة الإنسانية في الأصل والنشأة مع الرجل؟ لها ذلك، وذلك ثابت لها في قول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف:١٨٩].
أم هل تريد المساواة في الاستقلال الاقتصادي، وحرية التملك والمعاملة والأخذ والإعطاء؟ لها ذلك.
أم هل تريد حق التعليم والعمل بضوابط وحدود؟ لها ذلك.
أم هل تريد حق اختيار الزوج الصالح؟ لها ذلك.
أم هل تريد العشرة الحسنة مع زوجها؟ لها ذلك.
أما إذا كانت تريد بالحرية التبرج، ومزاحمة الرجال، وإفساد المجتمع، فليس لها ذلك؛ محافظة عليها وعلى مجتمعها ودينها، ولا يعرف هذا الأمر إلا الذين اكتووا بناره، وتجرعوا غصّته، فصاروا ينادون بأعلى أصواتهم: خذوا منا عبرة، حافظوا على المرأة، احذروا أن تتركوها طليقة، احذروا أن تتركوا لها الأمر كما تريد!