من العقبات: عدم استقامة إعلام المسلمين: فالإعلام هو: الصحافة والكتاب والإذاعة والتلفاز والأشرطة والفيديو، والأشياء التي قدمتها لنا وسائل التقنية بكثرة وبسرعة وبتطور هائل، وهذه تستغل في بعض الأحيان في بلاد المسلمين استغلالاً سيئاً، بل في أكثر الأحيان، بل أظن أن هذه الوسائل لا يأتي بها الذين يصنعونها ويروجون لها في كثير من الأحيان إلا لتكون وسيلة دمار، مع أننا لا نجردها من أن تكون وسيلة للصلاح، فكثيراً ما تكون وسيلة للإصلاح.
لكن أنا أحكي عن الواقع لا عن المقصود، فهذه إذا استغلت استغلالاً سيئاً رديئاً تكون لها آثار وخيمة وسيئة، حتى ولو نشط المصلحون في الدعوة؛ لأن من شروط الاستقامة والالتزام والطاعة طهارة البيئة؛ لأن النفوس البشرية بطبيعتها تميل إلى هذه الأشياء، كما قال تعالى:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ}[آل عمران:١٤]، وكل هذه الوسائل وكل هذه الأمور المحبوبة للنفوس يتقدمها النساء والشهوة.
وعلى كلٍ هذه الوسائل عرف صانعوها وعرف مروجوها الذين يكرهون الإسلام أنها وسيلة جذابة، ولذلك تجدون أن في أكثر المجلات ابتداءً من صورة الغلاف تُوضع صورة أجمل فتاة من أجل أن تكون جاذبة، ثم بعد ذلك يُوضع بين الدفتين ما الله به عليم، هذا بالنسبة للمجلات وللصحف.
وبالنسبة للوسائل المرئية والمسموعة فإنها أيضاً تحمل سموماً كثيرة، وهذه تلوث البيئة، حتى المصلحون لا ينجحون نجاحاً كاملاً وهذه موجودة في المجتمع؛ لأن من شروط نجاح الإصلاح أن تكون هناك بيئة نظيفة طاهرة، يلتقي الشاب بشيخه أو بزميله أو بالذي يوجهه، ثم ينطلق منه فيجد أمامه بيئة صالحة وبيتاً صالحاً نظيفاً طيباً طاهراً، أما أن يتأثر ثم يجد هذه الأشياء المغرية تفاجئه في الشارع وتفاجئه في البيت وتتابعه في كل ليلة وفي كل ساعة فهذه غالباً تؤثر، ولذلك استطاع العدو أن يستغل وسائل الإعلام في بلاد المسلمين، فجعل منها وسيلة من وسائل انحراف أبناء المسلمين.
وهذه الأفلام تأتي وتتعدى وسائل الرقابة، وتنتشر وتُباع بأثمان باهظة، ولا تتعجبوا من ذلك! لأن من ورائها أقواماً يحقدون على الإسلام، ويريدون أن يروجوها كما يروجون المخدرات التي أصبحت الآن تتسرب إلى بلاد المسلمين بطريقة يعجز عنها أي إنسان يحاول أن يقف في وجهها، وهذه الأفلام تتسرب أيضاً، وهي أخطر من المخدرات، ونحن نرجو من المسئولين الذين يحاربون المخدرات أن يحاربوا هذه التي تخدر الغيرة أيضاً، وتخدر الشاب، وتذيبه في مجتمع غير مجتمعنا؛ حتى أصبحت تعرض الجنس، وتعرض اللواط أمام الشباب، وتعرض أموراً خطيرة جداً! فهذه الأفلام أصبح يروجها أعداء الإسلام، وليس عجيباً أن يروجوها؛ لأن هذه مهمتهم، فهم يقومون بدورهم، والله تعالى يقول:{وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا}[النساء:٢٧] وهم يُعتبرون مخلصين في القيام بمهمتهم ودورهم، لكن نحن ما موقفنا من هذه الأشياء: هل قمنا بالدور الذي أناطه الله عز وجل في أعناقنا؟ قال عز وجل:{وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ}[البقرة:٢٥١]، وقال:{وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا}[الحج:٤٠]، فلابد من أن يكون هناك دفع يدفع الله عز وجل هؤلاء الناس بعضهم ببعض، وإلا فإن أعداء الإسلام لا يرحمون الأمة الإسلامية، ولا يفكرون إلا في انحرافها، ويخططون الليل والنهار ويشتغلون في ظلام الليل من أجل أن ينحرف أبناء الإسلام، وهم لا يرجون جزاءً ولا شكوراً، إنما مصيرهم إلى النار.
والله إننا نتعجب حينما نرى نشاط أعداء الإسلام في باطلهم وضعف المسلمين في مهمتهم! كنت ذات يوم في دولة من دول أفريقيا التي غزاها النصارى من كل فج عميق، ووصلنا إلى غابة من الغابات بعيدة، لم نصل إليها إلا بشق الأنفس، وبتعب شديد، بسبب وجود حر شديد، وبعوض، ومياه متكدرة، ومع ذلك لما وصلنا وجدنا من شباب أوروبا وشابات أوروبا فتياناً وفتيات أظنهم في سن العشرين كل واحد منهم قد احتضن طفلاً من أطفال المسلمين الضائعين الذين يهاجرون من دولة إلى دولة، فقلت: سبحان الله! كيف جاء هؤلاء؟ وماذا يريدون؟ هؤلاء هم بعيدون عن الجنة، ويعرفون بأنهم يدعون إلى دين فاسد؛ فهم يريدون أن ينَّصروا أبناء المسلمين وهم يعلمون أن النصرانية قد انتهت مهمتها في هذه الحياة، وأنها لن تعود مرة أخرى، بل أكثرهم ملاحدة.
ولكن أعجب من ذلك أني قلت: أين أبناء المسلمين؟ ولماذا لا يأتي من أبناء المسلمين الذين يزيدون عن المليار؟ وأين ثروات المسلمين وهم يملكون أكبر ثروة في العالم؟ ولماذا لا تصل إلى هذا المكان؟ ولماذا لا يصل أبناء المسلمين هذا المكان؟ حتى رأينا من أبناء المسلمين من يولد على الفطرة وينتهي يهودياً أو نصرانياً أو ملحداً على أيدي هؤلاء! وليس عجيباً! فهناك أب فقير ابتلاه الله عز وجل بكثير من الأولاد، وليس في يده شيء، ونام المسلمون على المتاع، وجاءه هؤلاء النصارى واليهود والبوذيون وربوا أبناءه، وساعدوه في تربية أولاده، فليس غريباً أن ينحرف هذا أو ينحرف أولاده، ولكن الغريب أن يتأخر المسلمون عن مهمتهم.
إذاً: أيها الإخوة! لم يقم المسلمون حقيقة بالدور الذي أناطه الله عز وجل بهم.