للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من تخالف أقوالهم أفعالهم]

أما القسم الثالث: فهم أناس يعجبك قولهم في الحياة الدنيا، فألسنتهم أحلى من العسل، ولكن قلوبهم قلوب الذئاب، فهم يحقدون على هذا الدين، رغم أنهم يصوغون الخطب الرنانة ويعتلون المنابر يخدعون الأمم بخطبهم، ولكنهم أخطر شيء على دين الله عز وجل وعلى الناس {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة:٢٠٤ - ٢٠٥]، حيث يجر على أمته من المشاكل والمصائب ومن عقوبات الله عز وجل وسخطه، ما لا يعيش معه حرث ولا نسل، ثم إنهم يتصفون بالكبرياء والأنفة والعصبية الجاهلية، فإذا قيل لأحدهم: اتق الله، أخذته العزة بالإثم، لماذا يقال له اتق الله وهو فوق هذا المستوى، وفوق هذه الأمم التي تعيش حوله؟! إن هذا لا يذيبه إلا حر نار جهنم، يقول عز وجل عنه: {فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [البقرة:٢٠٦].

وإن كان قد فقد النفاق الذي كان أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن في دنيا العالم اليوم من أنواع النفاق ما لا يحصيه إلا الله، ولعل من أبرز أنواع النفاق هذه الهويات التي أصبح يحملها ما يزيد على ألف مليون، ثم حينما نفتش في واقع هؤلاء المسلمين فإن الكثير لا نجد فيهم من يطبق الإسلام إلا النزر القليل.

من هؤلاء المنافقين من يتقلدون المناصب، ويمتطون الإسلام مطية إلى أغراضهم، حتى إذا انتهى بهم المطاف إلى السيطرة على السلطة وإذا بهم يعلنون الحقد الدفين على هذه الأمة.

وهناك من يدعي الإسلام، وهو في الحقيقة إنما يأخذ من الإسلام ما يتناسب مع مطالبه، أما حينما يتنافى الإسلام مع أهدافه أو يصطدم مع مخططاته فإنه يضرب بهذا الدين -دين الله- عرض الحائط غير مبال به، فحسبه جهنم ولبئس المهاد.

هناك من يتغنى بالإسلام، ويملأ الدنيا صراخاً وعويلاً: الإسلام الإسلام الدين الدين وهو أبعد الناس عن دين الله عز وجل، فحسبه جهنم ولبئس المهاد.