ومن هذه العوامل أيضاً: الجليس الصالح: فالجليس الصالح يؤثر على جليسه كبائع المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه على الأقل رائحة طيبة، بخلاف الجليس الفاسق، فإنه كما قال الله عز وجل:{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا}[الزخرف:٣٦] سواء كان من شياطين الجن أو من شياطين الإنس {فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ}[الزخرف:٣٦ - ٣٧] في الدنيا فيصرفه عن الاستقامة، ويحرفه عن المنهج الصحيح:{وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا}[الزخرف:٣٧ - ٣٨] الذي تأثر بالجليس الفاسد (قَالَ) أي: لجليس السوء {يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ}[الزخرف:٣٨]، يقول الله تعالى:{وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ}[الزخرف:٣٩].
فهل بعد ذلك يفرط الشباب بالجلساء أم يسيئون اختيار الجلساء والأصدقاء والأصفياء، أم هل يفرط الآباء بأبنائهم فلا يحسنون الاختيار لجلساء أبنائهم ولأصدقاء أبنائهم؟ إذا كان الثاني فإنه خطر على هذه البذرة الطيبة، وخطر على الاستقامة، ولذلك فإن على المؤمن أن يهتم بهذا الجانب.