للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم الإنفاق في سبيل الله]

وهناك أمر آخر أيضاً يعتبر من أكبر العقبات، وهو بخل كثير من الناس بأموالهم وجهدهم، فتعطل الجهاد في سبيل الله والدعوة، وخزنت أموال كثير من الناس كأرقام لا يستفيد منها إلا الكافرون في البنوك الدولية التي وضعت في كل بلد من بلاد المسلمين لها فرعاً لتمتص هذه الأرباح، وأصبح العدو هو الذي يستفيد، ولربما يقتلون المسلمين بأموال المسلمين، كما يفعل الهندوس الآن في الهند، وكما يفعل في الفلبين في مناطق كثيرة، لربما يكون هذا بأموال المسلمين.

لكن المصيبة الكبرى أن الإسلام أصبح لا يستفيد إلا نادراً من هذه الأموال، بينما نجد أنه في يوم واحد دعت الكنسية إلى البذل، فجمع في يوم واحد مليار دولار، وقد يتساءل شخص: لماذا خصصوا ملياراً؟ ولماذا ما قالوا: نريد أكثر من مليار أو نريد أقل منه؟

الجواب

لأن عدد المسلمين مليار، فقالوا: نريد كل دولار ينصر ويكفر واحداً من المسلمين.

فهذا هدفهم، وجُمع مليار دولار في يوم واحد.

ولنعلم أن كثيراً من المسلمين يرتدون عن الإسلام بسبب الفقر والمجاعة، فإذا كان الواحد منهم سيموت جوعاً ويأتيه رجل كافر يريد أن يقدم له الغذاء ويقدم له اللباس فإنه سيستجيب له، وقد يأخذه طفلاً فيربيه، وإن كانت الفطرة التي فطر الله الناس عليها موجودة في الأصل، لكن لربما يؤثرون أو يشوشون على هذه الفطرة.

وهناك مراكز إسلامية تفتقر إلى أموال المسلمين، وهناك من يصلي في العراء لا يجد مسجداً، وهناك من المسلمين من لا يجد لقمة العيش، فبخل المسلمين بالمال ثم بخلهم بعد ذلك بالجهد كان عقبة في طريق هذا الدين، وفي طريق المسلم وسيره إلى ربه سبحانه وتعالى.

ولذلك حينما نذهب إلى مناطق يضعف فيها المسلمون ويحتاجون إلى توجيه وتربية لا نجد إلا أبناء النصارى هم الذين يتكاثرون في تلك البلاد وفي تلك المواقع، ووالله لقد رأيت شابات وشباناً في سن العشرين أو ما يقرب من ذلك في مجاهل أفريقيا في مناطق يصعب على واحد من المسلمين أن يصل إليها، رأيتهم يربون أبناء المسلمين الفقراء، فقلت: كيف جاء هؤلاء من تلك البلاد المترفة المنعمة الباردة الجميلة الخضراء إلى هذه الصحاري وإلى هذه الغابات الموحشة؟! ثم قلت أيضاً: أين المسلمون؟! لماذا لا يربون هؤلاء الأبناء حتى لا ينشأ هؤلاء نشأة كافرة؟! فالمهم أنها بلية، وهذه تعتبر أيضاً عقبة من العقبات التي تعترض سبيل المؤمن في سيره إلى ربه سبحانه وتعالى، ولو أن علماء المسلمين وطلبة العلم ساحوا في أرض الله عز وجل ينشرون هذا الدين الذي سوف يسألهم الله عز وجل قبل أن يسأل المرسلين عنه كما قال سبحانه: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف:٦]، لو أنهم ساحوا في هذه الأرض ينشرون دين الله عز وجل لما كان هذا التكفير والتنصير الذي أصبح يقض على العقلاء مضاجعهم، ثم يخاف على هذه الأمة أن تترك دينها لولا أن الله عز وجل تكفل بحفظ هذا الدين.

ثم هذه الأموال لماذا لا تصل إلى أولئك المسلمين إلا نادراً؟! أليس المال مال الله؟ والله تعالى يقول: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد:٧]، فهذا أمر لابد أن ينتبه له المسلمون، ولابد أن تصل كثير من أموال المسلمين إلى هناك لترد الحق إلى نصابه.