التكافل الاجتماعي، فإن الله سبحانه وتعالى قد ركب كل واحد من الجنسين على فطرة وعلى طبيعة وعلى جبلة، فأعطى الرجل قوة في عضلاته وفي عقله، وجعله ينطلق في هذه الأرض ليبحث عن الرزق الحلال، ثم أعطى المرأة نعومة ورقة في جسدها ليتمتع بها هذا الرجل؛ ولذلك قد أخطأ ملاحدة هذا العصر الذين يريدون أن يتخذوا من المرأة وسيلة للكسب كالرجل سواءً بسواء، ونحن ندرك أن فطرة الرجل تختلف عن فطرة المرأة، وأن فطرة المرأة تختلف عن فطرة الرجل، والله تعالى أسكن آدم وحواء الجنة، وحذرهما من الهبوط للأرض؛ لأن الهبوط للأرض يعني: الكدح في طلب العيش، ولكن الهبوط سيكون للاثنين، وسيكون الشقاء في طلب العيش لأحدهما فقط وهو الزوج، اسمعوا إلى بلاغة القرآن، يقول الله تعالى:{فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}[طه:١١٧]، ولم يقل: فتشقيا، وهذا يعطينا حكماً شرعياً عظيماً وهو أن الذي سوف يشقى في طلب العيش هو الرجل؛ فالهبوط للاثنين جميعاً، والشقاء في طلب العيش إنما يكون للرجل وحده، فالمرأة سكن، وهي تقوم بدور عظيم في تربية الأطفال، وتنظيم وتدبير البيت، وذلك لا يعني أن سعي المرأة لطلب العيش حرام عليها، وإنما يعني أن المطالب من أول وهلة بالبحث عن العيش الحلال والرزق الحلال هو الرجل، ولذلك أجمع علماء المسلمين على أن الرجل مطالب بالنفقة على الزوجة، وأنه هو الذي يجب عليه أن يسعى لطلب الرزق، والله عز وجل يقول:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[النساء:٣٤].
أما حينما تضطر المرأة لطلب العيش فهذا أمر لا شك في جوازه، لكنه في حدود، والرجل هو الذي يسعى في طلب العيش، والزوج بصفة خاصة مطالب بالنفقة على الزوجة طوعاً أو كرهاً؛ ولذلك يقول علماء الإسلام: إن الزوج لو عجز عن النفقة على الزوجة ولو كانت هي غنية تستطيع أن تنفق على نفسها فلها أن تطالبه بالطلاق، ولو طالبته بالطلاق لألزمه الشرع أن يطلقها أو ينفق عليها، ولو كان لديها مال كثير؛ لأنها لا تطالب بالنفقة من مالها، ولذلك فإن الزواج يوجد تكافلاً اجتماعياً بين الرجل والمرأة، ويلزم الزوج بالنفقة، ويحثه على السعي لطلب الرزق الحلال، وأول من يبدأ بالنفقة عليه هي الزوجة، حتى أنها تقدم على سائر الأقارب من الأهل والذرية، مما يدل على أهمية وقوة الصلات بين الرجل وبين المرأة في هذه الحياة.